عيد أطفال "دوما" المحررة:قليل من الفرح ضد عدوان النظام

عيد أطفال "دوما" المحررة:قليل من الفرح ضد عدوان النظام

27 يوليو 2014
العيد لا يعرف طريقه إلى أطفال سورية (GETTY)
+ الخط -
 

تنتظر مدينة دوما، الواقعة في الريف الشرقي من العاصمة السورية دمشق، كما العديد من المناطق المحررة، قدوم عيد الفطر. وتشهد المدينة حصاراً خانقاً منذ أكثر من عام ونصف العام من قبل قوات النظام السوري، ويحاول سكانها بشتى الوسائل ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، والاحتيال على الموت المنتشر في كل زاوية لاستقبال العيد.

رغم ذلك تخلو المدينة من مظاهر الاحتفال، لا شيء يذكرها بالعيد سوى انتهاء الشهر الكريم، وتوقف صلاة التراويح، ومشاهدة العيد وفرحته على بعض المحطات، إن وجدت الكهرباء.

الشوارع خالية في نهاية أيام رمضان، ولا يسمع في المدينة إلا أصوات القصف التي تأتي من كل صوب، وقذائف وجلبة قوات النظام المتمركزة على أبوابها.

كانت الهدية الأولى في العيد "سيارة مفخخة" استقبلها أطفال دوما، راح ضحيتها ما يزيد عن 22 شهيداً، و300 مصاب، بينهم 100 شخص يواجهون الآن خطر العاهات الدائمة، إذ ركنت السيارة قرب مشفى ميداني في المدينة، وبقربها تواجدت لعبة "الفيشة"، التي لا يمتلك أطفال دوما تسلية للعيد سواها، فكان هناك خمسة أطفال أثناء انفجارها، لقي أربعة حتفهم، والخامس يعالج من حروق شوهت جسده الصغير.

تتلاشى رائحة المعمول والحلويات من أمام مداخل ما بقي صامداً من أبنية دوما، كيلو الفستق الحلبي يصل سعره إلى 15 ألف ليرة سورية، إن وجد، أي ما يقارب السبعين دولار.

"كل ساعة وأنت بخير"

البعض استبدل عبارة "كل عام وأنت بخير" عند التهنئة والمصافحة بـ"كل ساعة وأنت بخير"، فالموت يقف مختبئاً في زوايا المدينة، بسبب غارات النظام وقصفه المتواصل ليل نهار، فلا أحد يضمن حياته ساعة واحدة.

أبو بسام، أب لثلاثة أطفال من المدينة، بدا عليه التعب وعلامات الشيخوخة المبكرة لضعف جسده وضمور عضلاته، يقول لـ"العربي الجديد": "مجرد التفكير في شراء ثياب جديدة أمر مستحيل. كل طفل يكلّف ما بين 7 إلى 10آلاف ليرة سورية لقاء قطعة لباس واحدة مع حذاء. تجهيز ثلاثة أطفال يكلّف نحو 25 ألف ليرة سورية، وهذا مبلغ صعب المنال. لم يعد في الغوطة شيء اسمه محدود الدخل، أو موفور الدخل، هنا الحال واحد بالنسبة إلى الجميع".

يمرّ العيد على الجميع في دوما المحررة، كأي يوم عابر. عناصر "الجيش الحر" على جبهاتهم وفي نقاطهم. لا فرق يذكر بين العيد وباقي الأيام. بينما تحاول معظم المنظمات والمؤسسات بشتى الوسائل إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال بقدرات بسيطة، كمجانية ركوب الأرجوحة، أو لعبة قماش بدائية من صنع نساء الغوطة، وأحياناً مساعدات غذائية مقدمة لأهالي المدينة.

ينتظر أطفال دوما بفارغ الصبر "العيدية"، وهي عادة عبارة عن البسكويت بالراحة، وتعتبر من الرفاهيات الغالية، حيث وصل سعر البسكويتة الواحدة في الغوطة إلى 150 ليرة سورية، علماً أن سعرها في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام لا يزيد على عشر ليرات.

من جهة أخرى، لا يكلّ بعض الأشخاص عن تحدّي الموت المرسل إليهم من قبل قوات النظام، وتحويله إلى ابتسامة على وجوه الأطفال. ففي ذاك القبو المغلق، يعمل "أبو علي البيطار" في ورشته، على تحويل صواريخ الطائرات، التي جمعها على مدار ثلاث سنوات من مخلّفات ما ألقي على رؤوس المدنيين في دوما، إلى ألعاب للأطفال من "دويخة"، ومراجيح، في إعادة لتجربة سابقة نجحت العام الماضي.

يقول "البيطار" لـ"العربي الجديد": "الأطفال لا ذنب لهم في كل ما يحدث، هي رسالة تحدّ واستهزاء بأدوات قتل النظام، ومحاولة لخلق سعادة نسيّها الأطفال ببهجة قدوم العيد، على الرغم من الظروف المأساوية التي تحيط بنا".

في العيد الماضي تم تجهيز صالة ألعاب كاملة داخل قبو مغلق، لحماية الأطفال، خوفاً من قذيفة ليست طائشة. أما هذه السنة فيجهز البيطار ألعاب الأطفال في ساحة عامة، مختبئة بين الأبنية، رغم خطورة الأوضاع الأمنية لأنه ليس هناك حل آخر. يقول: "القبو يحتاج يومياً إلى 20 ليتراً من المازوت لتشغيل المولدات الكهربائية، فاضطررنا إلى الانتقال إلى الخارج. أما الألعاب فمجانية لجميع الأطفال".