عودة الحدثة

24 ابريل 2015
من مسيرة العودة إلى الحدثة (نايف زيداني)
+ الخط -

عاد يوم الجمعة آلاف الفلسطينيين في الداخل إلى قرية الحدثة المهجرة، في مسيرة باتت تقليدية، هي الثامنة عشرة التي تنظمها جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، في الداخل الفلسطيني هي عودة لساعات بانتظار العودة الدائمة، يستغلها الفلسطينيون في الداخل خطوة رمزية لتأكيد الانتماء الفلسطيني بعيدا عن احتفالات إسرائيل باستقلالها، ولتجديد الوعد والقسم بعدم نسيان الوطن والقرية الأم، ومسقط الرأٍس لمن هجروا داخل الوطن.

هي عودة ولها سياق ودلالات تأتي بالأساس لقطع الطريق على غبن حمله أوسلو وردّده بعض أقطاب السلطة الفلسطينية منذ أوسلو، بأن فلسطينيي الداخل شأن داخلي لإسرائيل، وأن قضية اللاجئين، في سياقات أوسلو لا علاقة لها بعودة المهجرين في الوطن، من سمّاهم القانون الإسرائيلي "الحاضرون الغائبون" تمهيدا لسرقة أراضيهم ومصادرتها وتقديمها فريسة سهلة "للقيّم على أملاك الغائبين" يتصرف بها على هواه في خدمة إقامة مستوطنات يهودية جديدة داخل فلسطين في أعالي الجليل وفي عمق مرج بن عامر، في بقاع النقب.

يرفض مهجرو الداخل الفلسطيني ومعهم فلسطينيو الداخل، إلا من دار في فلك سلطة أوسلو، أن يبقى ملفهم شأنا إسرائيليا داخليا مقطوعا عن ملف فلسطين كلها. ويدلّ التفاف جموع الفلسطينيين في الداخل ومشاركتهم في مسيرة العودة المركزية يوم الجمعة، على انتصار كل الداخل الفلسطيني للمهجرين وحقهم بالعودة إلى قراهم التي هجروا منها، وعدم إبقاء تقليد العودة محصورا بهم دون غيرهم من أبناء الداخل الفلسطيني.

هذا هو عمليا انتصار فلسطيني في الداخل على ملفات تفتيت الفلسطينيين وتجزئتهم إلى لاجئين في الخارج ولاجئين في الداخل، ونازحين إلى الضفة الغربية. هو انتصار في الوعي والهوية قبل أن يكون انتصارا سياسيا، إنه الانتصار على محاولات إسكات المهجرين في الداخل بحجة أنهم رغم تهجيرهم لا يزالون داخل الوطن.

هذه هي شعلة الأمل في عدم طي حق العودة، وعدم التفريط به، فإذا ثبتنا حق العودة للمهجرين في الداخل، يمكننا أيضا أن نثبت حق العودة لفلسطينيي الشتات وباقي اللاجئين المشردين في أنحاء الوطن العربي. مسيرة العودة أمس الأول كانت عودة رمزية تبقي الأمل وتحفظ الرواية بانتظار العودات كلها إلى فلسطين.

المساهمون