عن الفقر والفقراء

عن الفقر والفقراء

10 ديسمبر 2015
حكمت السياسات الحكومية على الشعب الأردني بالفقر(صالح ملكاوي/فرانس برس)
+ الخط -
هل يكفي أن يتوجع رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور على الفقراء؟ ويعلن عن وجعه صراحة أمام مجلس النواب في معرض دفاعه عن سياسات حكومته الاقتصادية التي حكمت منذ أكثر من ثلاث سنوات على الشعب بالفقر، وهل كان الرئيس الذي نكل بالفقراء مقنعاً وهو يبدي انتماءه ودفاعه عن الفقراء؟ وهل أقنعته السخرية التي أثيرت في أعقاب خطابه بأنه ممثل فاشل؟ وللتذكير، فإن النسور المتوجع على عذابات الفقراء دشن عهده الرئاسي بتحرير أسعار المشتقات النفطية، تنفيذاً لتعهدات الأردن أمام صندوق النقد الدولي، غير آبه بالآثار الكارثية التي خلفها القرار على الفقراء، وخاض الرئيس معركة إنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار بجيوب الفقراء التي أفرغتها قرارات رفع الأسعار التي لم تنته، وواضح أنها لن تنتهي.

وعلى حساب جيوب الفقراء أيضاً تفنن الرئيس في ابتكار المزيد من الضرائب والرسوم، من دون أن تفوته زيادة الضرائب والرسوم الموجودة أصلاً، وليس من المبالغة أن يوصف شعبياً بـ"بطل الرفع"، بل يصبح الوصف واقعياً أمام سلوك حكومته المتواصل. الرئيس الذي رفع كل ما يمكن رفعه من أسعار على المواطنين لإنقاذ الاقتصاد، يرفض الاعتراف بالفشل، فها هي مديونية الدولة تزاد بعهده 8 مليارات دينار، في تجلٍّ واضح لفشل السياسات الاقتصادية التي فرضها صندوق النقد والدولي، والتي تنفذها الحكومة بحذافيرها، بلا مراعاة لأوجاع الفقراء الذين ارتفعت نسبتهم وارتفع عدد المستفيدين منهم من المساعدات التي يقدمها صندوق المعونة الوطنية، وارتفع عدد الحالمين بينهم بوظيفة تؤمن لهم الحد الأدنى من الفقر.

أيها الرئيس، يحتم الإحساس بأوجاع الفقراء عليك، لو كان الإحساس صادقاً، تبني سياسات اقتصادية تنصف الفقراء، وتقوم على التوسع في المشاريع التنموية والتشغيلية وتحسين شبكة الأمان الاجتماعي، ويحتم عليك الانتماء للفقراء، لو كان حقيقياً، الدفاع عنهم وعدم الانحياز على حسابهم لإملاءات صندوق النقدي الدولي والدول المانحة.
الإنجاز الوحيد الذي يسجل لخطاب الأوجاع والفقر الذي صاغه الرئيس في لحظة دفاع عصبية، أنه حدّد خط الفقر في البلاد بما يتناسب مع دخله ورفاهية عيشه، وعلى الفقراء ألا يصمتوا.