عنف ضد نساء أفغانستان

عنف ضد نساء أفغانستان

21 ابريل 2019
العادات والتقاليد تقيّدهما (فرانس برس)
+ الخط -
تتفوّق العادات والتقاليد المسيطرة على المجتمع الأفغاني على القوانين، فيظهر ذلك المجتمع ذكورياً وممعناً في قمع المرأة التي تعاني في كلّ مناحي حياتها، على الصعيد الشخصي وكذلك الاجتماعي. والعنف يأتي شكلاً من أشكال المعاناة، لا سيّما بعد الزواج الذي لا يكون غالباً بموافقتها. رجال الأسرة هم الذين يختارون لها شريك حياتها.

في بيان أصدرته أخيراً، أفادت لجنة حقوق الإنسان في أفغانستان بأنّ حوادث العنف الأسري ازدادت في خلال العام الماضي بطريقة غير مسبوقة وخطرة، لا سيّما في المناطق النائية حيث المرأة محرومة من التعليم وغير قادرة على المطالبة بحقها ورفع صوتها ضدّ الظلم الاجتماعي الذي باتت ضحيته منذ عقود. ويأتي ذلك على الرغم من الجهود التي تدّعي المؤسسات الإنسانية، وتحديداً تلك التي تُعنى بحقوق المرأة، بذلها، وصرف مبالغ ضخمة من أجل تحسين أوضاع المرأة على الصعيدَين الشخصي والاجتماعي.




ووثّقت اللجنة في خلال العام الماضي، بحسب البيان نفسه، نحو أربعة آلاف و329 قضية عنف أسري، بمختلف أشكاله، تعرّضت له نساء أفغانيات، وأبرزها الضرب والاعتداء الجنسي وضغوطات نفسية مختلفة. وشرحت اللجنة أنّ من بين تلك الحوادث ألفاً و382 حادثة عنف جسدي، و218 حادثة اعتداء جنسي، والمتبقي حوادث مختلفة وضغوط نفسية وتضييق اجتماعي مختلف الأشكال. يُذكر أنّ تلك الحوادث بمعظمها وقعت في العاصمة كابول، إلى جانب إقليم ننجرهار في الشرق، وإقليم بلخ في الشمال، وهرات في الغرب، وباميان في الوسط.

تجدر الإشارة إلى أنّ الحوادث التي سجّلتها اللجنة أتت في الأقاليم الآمنة نسبياً، لكنّ هذا لا يعني أنّ العنف غير موجود في المناطق النائية والمتضررة من جرّاء الحرب أكثر من غيرها، بل يؤكد أنّ تلك الحوادث تسجّل لدى المؤسسات المعنية في المناطق الآمنة والمدن ولا تسجّل إلا نادراً في المناطق غير الآمنة والنائية. أمّا السبب فيعود إلى الأعراف والتقاليد المتبعة، لأنّ النساء الخاضعات لها يعجزنَ عن التوجّه إلى المؤسسات التي تعنى بهنّ من أجل تسجيل قضاياهنّ.

وبخلاف ما تشير إليه لجنة حقوق الإنسان في أفغانستان، ترى وزارة شؤون المرأة في البلاد أنّ الأمور تحسّنت وأنّ أرقام حوادث العنف ضدّ النساء انخفضت في خلال العام الماضي. وجاء في بيان أصدرته الوزارة رداً على بيان اللجنة، أنّ أوضاع النساء تحسّنت، تحديداً في ما يتعلق بالعنف الممارس ضدهنّ. أضاف البيان أنّه في خلال العام الماضي، انخفضت وتيرة حوادث العنف بحقّ النساء بنسبة 20 في المائة بالمقارنة مع الأعوام التي سبقت، وهذا يعني أنّ جهود الوزارة بالتنسيق مع المؤسسات المعنية أثمرت، وأنّ الأوضاع تتّجه إلى الأفضل على الرغم من المشكلات القائمة.

وأشار بيان الوزارة إلى وجود عقبات كثيرة وعراقيل متنوّعة في وجه النساء، مؤكداً تسجيل إنجازات كبيرة في المقابل، ومؤكّداً أيضاً أنّ تسجيل القضايا لدى المؤسسات المعنية، بما فيها لجنة حقوق الإنسان، أمر إيجابي في حدّ ذاته. فهذا يدلّ على أنّ المرأة الأفغانية تمكّنت إلى حدّ ما من رفع صوتها وحمل قضيتها إلى الجهات المعنية، وهذا أمر مهم جداً.

وكانت الوزارة نفسها قد أكّدت في بيان سابق، أنّ أربعة في المائة من الفتيات الأفغانيات حُرمنَ من المدرسة لأسباب مختلفة في خلال العام الماضي، أبرزها العادات والتقاليد بالإضافة إلى الوضع الأمني السيئ في البلاد، مشددة على أنّ من شأن ذلك أن يؤدّي بدوره إلى مشكلات عدّة تواجهها النساء في أفغانستان.




ومن الأقاليم التي شهدت عدداً كبيراً من حوادث العنف بحقّ النساء، إقليم سمنغان في الشمال. وتقول مسؤولة إدارة شؤون النساء المحلية في الإقليم، ملالي صفا، لـ"العربي الجديد"، إنّ 232 حادثة عنف ضد النساء سُجّلت لدى الإدارة في خلال العام الماضي في مختلف مناطق الإقليم، منها قضايا الضرب الجسدي والاعتداء الجنسي والاختطاف وغيرها، بينما كان عدد القضايا المسجلة لدى الإدارة في عام 2017 أقلّ من 200. وهو ما يشير إلى ازدياد في العنف ضدّ النساء. وتلفت صفا إلى أنّ "الإحصائية لا تعني أنّها تشمل كلّ القضايا، فثمّة حوادث لم تسجل لدى الإدارة بالتأكيد. فتلك القضايا سجّلتها النساء اللواتي يملكنَ درجة من الثقافة، بالتالي تخطينَ كلّ العقبات وتوجّهنَ صوب الإدارة لتسجيل قضاياهنّ. لكن ثمّة نساء كثيرات غير قادرات على رفع أصواتهنّ وتسجيل قضاياهنّ".

المساهمون