عنصريّة المستوطنين في الحافلات أيضاً

07 نوفمبر 2014
قرار بمنع العمال الفلسطينيين من الصعود بالحافلات الإسرائيلية (Getty)
+ الخط -

لا ينقص العمالَ الفلسطينيين العاملين داخل الخط الأخضر، قرارٌ من وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، موشيه يعلون، بمنعهم من ركوب حافلات تقل المستوطنين من تل أبيب إلى الضفّة الغربيّة، ليفهموا عنصريّة الإسرائيليين.
تجرّع هؤلاء العمال، وهم الشريحة الأكثر احتكاكاً بالإسرائيليين بحكم عملهم، منذ سنوات، مرّ العنصريّة الإسرائيليّة، أثناء تنقّلهم في الحافلات ذاتها التي قد لا يركبونها بعد اليوم، إذا رضخت شركات المواصلات لقرار تبنّاه يعلون قبل أيام معدودة، لكسب رضا المستوطنين الذين يعيشون داخل مستوطنات مقامة على أراضي الفلسطينيين في الضفّة المحتلّة.
ويبدو أنّ ركاب الحافلات من الفلسطينيين، لا يتوقّفون كثيراً عند القرار الأخير. يهزّ العامل، أبو جواد، من منطقة جنين، شمال الضفّة المحتلّة، رأسه، لدى سؤاله عن تأثير القرار. يقول لـ"العربي الجديد": "لا تسألني عن قرار موشيه يعلون، اسألني عمّا سبق القرار، اسألني عما أراه بعيني، عندما أستقلّ كل أسبوع، أثناء عودتي إلى البيت، الباص رقم 286، الذي ينطلق من مركز تلّ أبيب إلى مستوطنة أرئيل في الضفّة". ويتابع أبو جواد، الذي يعمل في تل أبيب، حديثه بمرارة مكبوتة، بعد أن طلب عدم ذكر اسمه الحقيقي خوفاً على لقمة عيشه: "اسألني كيف يفضّل المستوطن الوقوف في الباص، بدل الجلوس على كرسي شاغر بجانبي، وكأنني مصاب بجرب".

ويوضح أبو جواد أنّ "الأصعب من رفض المستوطن الجلوس بجانبك، هو أن يمنعك مستوطن من الجلوس بجانبه". مضيفاً: "إنهم يحتقروننا، وصرنا نفهم بعد تجارب عدّة، أنه من الممنوع عليك كعامل فلسطيني أن تجلس بجوار إسرائيلي". ويروي بحسرة كيف يضطر أحياناً إلى الوقوف طوال الرحلة في الحافلة: "تخيل أنني أدخل إلى الحافلة، وأضطر للوقوف في ممرّ الباص الذي يفصل دفتي المقاعد، لأنّ مستوطناً يجلس على كرسي ويمدّ قدمه على آخر، بغية منعي من الاقتراب والجلوس، ولا أذكر أنني جلست". ويضيف: "تنهار قدماي وقوفاً بعد يوم عمل شاق، وهناك كرسي فارغ ممنوع أن أجلس عليه".

وفق إحصاءات نقابة العمال الفلسطينيين، يعمل داخل فلسطين المحتلّة، أكثر من 47 ألف عامل، يدخلون من حواجز عدّة موزعة على المدن الحدوديّة في الضفّة الغربيّة، منها جنين وطولكرم وقلقيلية والخليل. وأثناء عودتهم إلى منازلهم بعد انتهاء يوم عملهم، يسلك كثيرون من العمال طريقاً تربط تل أبيب بمستوطنة أرئيل، المقامة على أراضي محافظة سلفيت في الضفة، باستخدام حافلات تنقل المستوطنين إليها.

ويضطر العمال الفلسطينيون إلى استخدام الحافلات والباصات، وفق ما يوضحه العامل، نظام حسن (اسم مستعار) من جنين، لـ"العربي الجديد"، بإشارته إلى أنّ "العمال يستخدمون الحافلات التي تصل إلى أرئيل، لأنّ الحواجز التي ندخل منها في الصباح، تُغلق في وقت مبكر، وبالتالي الطريقة الأيسر للخروج من تل أبيب أو بيتح تكفا، حيث أعمل، بعد السابعة مساء باتجاه الضفّة، تكون عبر هذه الحافلات".

ويحمل العمال الفلسطينيون، الذين بدأت سلطات الاحتلال تفكّر جديّاً في منعهم من السفر عبر وسائل النقل العام، غضباً شديداً في صدورهم، قلّما يعبّرون عنه خوفاً من سحب تصاريح عملهم وقطع لقمة عيشهم. وبخلاف أبو جواد، لا يفوّت حسن فرصة الردّ على عنصريّة الإسرائيليين. يقول: "أكثر ما يستفزني عند دخولي إلى الحافلة، أن المستوطن الذي لا يستحم بحكم عاداته، ويلبس في عزّ الصيف معطفاً من صوف، ورائحة عرقه تفتك بك، يضع يده على أنفه عندما يمرّ بجواره عامل فلسطيني".
وكان وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي برّر قراره منع العمال من ركوب حافلات المستوطنين بالخطر الأمني، لكنّ شهادات العمال الفلسطينيين، تكشف أنّ الأمر لا يتعلّق بالأمن واعتباراته، بقدر ما يعكس عنصريّة الإسرائيليين وتطرّفهم.

المساهمون