عمرو حاحا لـ"العربي الجديد": لهم جمهورهم ولنا جمهورنا

صانع المهرجانات عمرو حاحا لـ"العربي الجديد": لهم جمهورهم ولنا جمهورنا

27 ديسمبر 2018
أغلب حفلاتنا خالية من الكحول.. والراقصات (معتز إبراهيم)
+ الخط -
إذا صادف أن ذهب أحدنا إلى أحد أفراح العشوائيات أو المناطق الشعبية، أو حتى شاهدنا فيديو من فيديوهاتهم الراقصة على أنغام موسيقى المهرجانات؛ فستنقل لنا الصورة تناقضاً ربما لا ينتبه إليه البعض، الذي يسارع إلى تقطيب جبينه ليُدين ما شاهده، من دون أن ينتبه إلى الشاب، أو الفتاة، التي ترقص، وتحيط بها صديقاتها يصفّقن بسعادة، في بيت شبه متهدم في حارة بالغة الضيق، أو شارع ترابي غارق في برك من المياه. هذه الخلفية التي تحمل معاني الفقر والبؤس، لا تمنع شباب الحارة المثقلة بكل أنواع الهموم، خاصة في ظل تدهور الحالة الاقتصادية للبلد، أن يرقصوا بحماسة نافست بهجة استلام الإعلامي المعروف شيك مرتبه السنوي ذا الستة أصفار، والذي لم يطب له إنهاء حلقة برنامجه ليلة انتشار الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، من دون أن يمطر أصحابه بشتى عبارات الإدانة وتهم الانحلال. 
أحد صناع هذه البهجة وواحد من المؤسسين الأوائل لمهرجاناتها هو الموزع الموسيقي عمرو حاحا. والموزع في أغنية المهرجان هو البطل الرئيسي؛ فليس مهماً أن يكون مغني المهرجان ذا صوت جذاب أو شجي، المهم بتعبير حاحا "الخلطة" أو "الميكسات" التي يقوم بها بين الآلات المختلفة وتصاحب كلمات الأغنية، وحاحا هو الشيف الأبرز لخلطة المهرجان، وكان لـ "العربي الجديد" هذا الحوار معه.

متى كانت بداية عمرو حاحا في عالم الموسيقى؟
كانت البداية في 2007، دخلت عالم الموسيقى هاوياً، وحاولت بعد تعرّفي على أنواعها المختلفة أن أمزج بين موسيقانا الشرقية والموسيقى الغربية والأفريقية، ووجدت تجاوباً كبيراً من الناس عندما قدمت هذا المزيج مع فريقي: علاء فيفتي وسادات.

هل اختلف فن المهرجان منذ البداية إلى اليوم؟
لو عدت إلى ما كان يقدمه فن المهرجان منذ 10 سنوات، وقارنته بمهرجان اليوم، لوجدت اختلافاً كبيراً في الجودة و"طريقة اللعب" بالموسيقى. كما أن هناك فكراً جديداً أصبح يحكم كلمات الأغنية، بجانب تطور الآلات المستخدمة في صناعة الموسيقى. وإن ظل منها ما هو أساسي، ما زلنا نستعمله حتى اليوم. وبالنسبة لي، فقد اكتسبت خبرة كبيرة أتمنى أن تكون قد جعلتني أطوّر من أدائي.

كيف يصنع عمرو حاحا مهرجانه؟ وهل ما زلت تعتبر نفسك هاوياً؟
في البداية تكون الموسيقى، يليها التلحين، ثم الكلمات، بعدها يجري تركيبها على اللحن. يتبع ذلك رفع الأغنية على اليوتيوب مجاناً، فنحن كـ"باند" لا نستهدف الربح فقط، بل نسعى إلى الفوز بحب الناس، لهذا السبب ما زلت أعتبر نفسي هاوياً، فأنا لا أقوم بالتوزيع الموسيقي إلا لفريقي أو لبعض الأصدقاء المغنين من دون مقابل، وأتصور أن إتاحة أعمالنا للناس مجاناً ورفض أن تكون هناك شركة إنتاج كبرى تحتكر أعمالنا ولا تطرحها على جمهورنا إلا بمقابل مادي، ساهم بشكل كبير في تقدير الناس وحبهم لنا.

ما الذي يميز مهرجان عمرو حاحا عن غيره من المهرجانات؟
الموسيقى التي أجتهد لتقديمها لا تلتزم بنوتة معينة. المهرجان بصفة عامة ليست له قواعد صارمة، تستطيع أن تذهب إلى المعاهد الموسيقية لتتعلم كافة أنواع الموسيقى، باستثناء موسيقى المهرجانات، هي أشبه بـ"خلطة" بين آلات عديدة، يمكن أن تتغير في كل مرة. لهذا السبب، يجد عدد من العاملين في مجال الموسيقى صعوبة في قبول هذا الفن أو التعامل معه، بينما يفشل آخرون في محاولة صناعة المهرجان.

هل هناك مهرجانات شعرت بالندم على المشاركة فيها؟
ربما كان هناك من بين ما قدمته من مهرجانات لم يوفق المغني في اختيار كلماتها التي تسببت في وقوع لبس لدى البعض، وبالطبع هناك أخطاء وقعت فيها، لكن هذا لا يمنعني من أن أحرص اليوم على عدم تكرارها، ولا أدخر جهداً في نصح من أعمل معهم من مغنين في حالة ما إذا كانت كلمات الأغنية يمكن أن تعد مسيئة، فهو المسؤول الأول عن الأغنية.

مَن مِن بين مغني المهرجانات من تراه الأفضل في استيعابه لطبيعة فن المهرجانات، وفي أدائه؟
كل من يعمل في هذا المجال أصدقاء لي وعملت معهم. لكن، وهذا ليس تحيزاً، أرى سادات وفيفتي الأفضل، وهناك أيضاً أوكا وأورتيجا.

في رأيك، ما هو المطلوب من أصحاب أغنية المهرجان للتطوير وحتى يستمر وجودها؟
هناك للأسف بين العاملين في مجالنا من لا يهتم بعمله قدر اهتمامه بـ"الشو" (الاستعراض)، وبالطبع لا يقع ضمن هؤلاء نجوم المهرجان الذين اجتهدوا كثيراً لصناعة أسمائهم، والاستمرار في بذل جهد أكبر للحفاظ عليها. أنا أتحدث عمن اختاروا طريقة "الفرقعة" لاجتذاب الناس. أتمنى أن يوجّهوا اهتمامهم، أو جزءاً منه على الأقل، لتطوير عملهم. وأرجو أن يمد الموسيقيون الكبار لنا يد المساعدة لتطوير ما نقدمه ويكون ذلك بديلاً عن الهجوم والنقد الدائمين.

أقمت حفلات في بلدان عربية وأوروبية، أيّها كان الجمهور فيها أكثر تفاعلا مع موسيقاكم؟
بالنسبة لأوروبا فرنسا وإنكلترا، أما عربياً فكان الجمهور اللبناني الأكثر تفاعلاً.

هل صعود فن المهرجان وحضوره الطاغي جاء على حساب الأغنية الشعبية التقليدية التي يقدمها مغنون، أمثال محمود الليثي وبوسي وغيرهما؟
لا بالطبع، لكل جمهوره. إذا تجولت في الأفراح الشعبية، ستجد أن الأفراح التي يحييها المطربون الشعبيون لها برنامج معين، يضم الراقصات والبيرة التي توزع على المعازيم الجالسين لمشاهدة الراقصة والاستماع للمطرب، بجانب ضرب النار. لكن أفراحنا وحفلاتنا مختلفة تماماً؛ أغلبها شباب صغير السن يرقص على أنغام المهرجان، "مش قاعد على ترابيزة بيتفرج"، كما أنها "نظيفة" لا يوجد فيها راقصات أو بيرة.
إلى جانب أن نجوماً، مثل محمود الليثي، تكلفة إحيائه فرحاً أعلى كثيراً من باند المهرجانات، وبالتالي لا أعتقد أن هناك منافسة بيننا، فلهم جمهورهم ولنا جمهورنا، ومنهم من أدخل ألحان المهرجانات في أغانيه ليجذب جمهوره، "وربنا يوفق الجميع".

ما تعليقك على الهجوم الذي شنته أسماء مثل: هاني شاكر وحلمي بكر على فن المهرجانات ومن يقدمونه؟
أريد أن أقول لهم: استمرّوا، لأننا نستفيد من نقدكم لنا وكشفكم للسلبيات التي نقع فيها، ولا أمانع في أن يتم وقف من يصرّ على تقديم ما يسيء ومحاسبته، لكن في المقابل علينا أن نشجع من يجتهد في عمله من دون ابتذال أو إسفاف. وأرى أن معظم من يهاجمون أغنية المهرجان يوجهون نقدهم في الأساس إلى الكلمات التي قد تكون مبتذلة في بعض الأحيان، لا موسيقى المهرجان في حد ذاتها.



هل ترى أنه يمكن أن ينضوي مغنو المهرجان قريباً تحت إطار نقابي أو رسمي يعفيهم من مطالبات البعض من حين لآخر المصنفات الفنية والنقابة بأن تتصدى لحفلاتهم؟
أتمنى أن يتم وضع ضوابط لمغني المهرجان ولغيرهم، وأن يحصلوا على تصريحات للعمل، وأتصور أن هذا الأمر سيشعر المغني بأن هناك رقابة على ما يطرحه للناس، ومن يتخلّف أو يخطئ يحاسب.

هل هناك رسالة تودّ أن تتوجه بها لمن يهاجمون فن المهرجانات ويطالبون بمنع حفلاته أو لغيرهم؟
أتمنى من الجميع أن يدعمونا، حتى وإن اختلفوا معنا ما دمنا لم نسئ إلى أحد، وهذا لا يمنع إطلاقا إذا لمسوا أخطاء أن يشيروا إليها، لكن أرجو أن يبتعد نقدهم عن التعميم، حتى يكون هناك شيء من العدالة.


دلالات

المساهمون