عرب الداخل والقائمة الموحدة

25 يناير 2015
+ الخط -

في تطوّر دراماتيكي، وتحوّل استراتيجي في طبيعة العلاقات بين المكونات السياسية في الداخل الفلسطيني، أعلنت الأحزاب العربية داخل الخط الأخضر عن تشكيل القائمة العربية المشتركة، والتي تضم أحزاباً إسلامية وقومية وشيوعية، وهذا التناقض في الأيديولوجيات من أجل الحفاظ على الهوية العربية، في وقت تعاني فيه تلك الهوية من تمييز عنصري، عكسته دولة الاحتلال في تعاملها مع عرب الداخل، ومع كل مواطن لا يتخذ من اليهودية ديناً له، ويعيش في دولة إسرائيل.
فما هي الأسباب التي تقف خلف تشكيل تلك القائمة الموحدة؟ وكم ستحصد من مقاعد الكنيست الإسرائيلي؟ وما دلالات تشكيلها سياسياً في هذا التوقيت؟
الحكومة الإسرائيلية الراهنة من أكثر الحكومات تطرفاً، وهي مرآة لطبيعة المجتمع الصهيوني الذي أصبح يميل إلى التطرف، ففي عهد حكومة بنيامين نتنياهو العنصرية، صدرت قوانين وتشريعات تعزز من عنصرية دولة إسرائيل، ومطالبات سياسية بالاعتراف بيهودية الدولة، ومحاولات لتمرير قانون القومية، فتلك الدولة التي تدّعي الديمقراطية والتعددية هي من صوتت، وبأغلبية، على مشروع القانون الخاص بتعزيز الحوكمة، والذي ينص على رفع نسبة الحسم بالانتخابات العامة في إسرائيل إلى 4%، من أجل تقليص مقاعد الأحزاب العربية في الكنيست.

هذا هو السبب الرئيس وراء تشكيل القائمة العربية الموحدة، حتى لا تتشتت الأصوات العربية في هذا التوقيت الخطير الذي يجب أن تتضافر الجهود لمجابهة التمييز العنصري، وخطط الترانسفير التي يخطط لها اليمين المتطرف لتهجير العرب وتصفية قضيتهم. وقد تحفز خطوة تشكيل تحالف انتخابي يضم الأحزاب العربية بمشاربها الفكرية المختلفة حزب الكنبة داخل الخط الأخضر للنزول والمشاركة الفاعلة في الانتخابات النيابية المقبلة في مارس/آذار المقبل، لأن التحدي يستهدف الجميع، والمسألة مصيرية تتعلق بمستقبل عرب الداخل وبهويتهم. وعليه، قد تشير كل التوقعات  إلى أن التحالف قد يحتل المرتبة الثالثة في إسرائيل، وقد تحصد القائمة العربية الموحدة في انتخابات الكنيست المقبلة من (14-16 مقعداً)، وكانت قد حصلت مجموع القوائم العربية في الانتخابات الماضية على 11 مقعداً.
ولتشكيل القائمة الموحدة ثلاث دلالات سياسية بالغة الأهمية: ضم مرشحين من اليهود ضمن القائمة العربية الموحدة يحمل رسالة للأسرة الدولية بأن إسرائيل دولة تمارس التمييز العنصري والإرهاب، وأن ربط نتنياهو حركة حماس بداعش ينافي الحقيقة، ويعكس أن الحركة الصهيونية هي عنوان للإرهاب الدولي. وثانياً، رسالة للمجتمعات العربية والفلسطينية بأن تجاوز الطائفية والإثنية والخلافات السياسية والأيديولوجية ممكن التحقيق، لو وضعنا هدفاً استراتيجياً يقوم على توحيد طاقات الأمة في إنهاء الاحتلال الصهيوني، وبناء الدولة العربية والإسلامية الحديثة. وشعور وطني من النخب السياسية داخل الخط الأخضر بحجم الخطر الذي يستهدف مستقبل القضية الفلسطينية ومستقبل هويتهم ووجودهم على أرضهم، وقرار الوحدة من أجل استنهاض الطاقات العربية، لمواجهة تلك التحديات الصهيونية العنصرية.

CCB0F5AF-8280-4DBC-BBFF-2FC8D118B0C0
CCB0F5AF-8280-4DBC-BBFF-2FC8D118B0C0
حسام الدجني (فلسطين)
حسام الدجني (فلسطين)