عذراً يا قدس..

26 نوفمبر 2014
+ الخط -

منذ سنين طويلة، وقضيتنا الفلسطينية على طاولات المؤامرات العربية والدولية، فالكل يبيع، والكل يتآمر من أجل بيع ملف القضية الفلسطينية، وبعضهم يقبض من أجل التنازلات، ولا أحد يعمل من أجل ذلك الشعب الذي يموت، ولا أحد يعمل من أجل تحرير الوطن، فالكل فاسد.
أزمتنا هي مع قياداتنا، وليست مع الاحتلال فقط، قضيتنا مع من يبيعون أنفسهم لمن تهمهم مصالحهم مع الكيان، ويهمهم أن يبقى الاحتلال في قلب الشرق الأوسط، لن نقول إنهم الغرب، لكنهم أهلنا، والعرب، والمسلمون، فكان أولى بالحركات الإسلامية الجهادية التي تخرج، كل يوم، لقتل آلاف الأبرياء، بل ملايين المسلمين، أن يأتوا إلى فلسطين، ويعدلوا بوصلتهم نحو العدو، لا أن يحاربوا المسلمين في العراق وسورية وغيرهما.
وهذا يؤكد أن تلك الحركات التي تدعي الإسلام مشاريع صهيونية وغربية، جاءت ضمن استراتيجية أجنبية، للاستيلاء على خيرات الوطن العربي وثرواته، ليحتفظ آخرون بقوته وخيراته التي يمد بها الإرهاب، ويدعم تقسيم العالم العربي إلى دويلات وولايات متفرقة، وسأكتفي بأن ينظر هؤلاء إلى أنفسهم أين يصوبون بنادقهم، وعليهم أن يفكروا لصالح من يعملون، ويقتلون آلاف الأبرياء.
لا نناشد الأنظمة، ولا نناشد القادة، لأن كلاً منهم يتباكى على هذا الشعب، ليملأ جيوبه بأموال المتآمرين على قضيتنا وشعبنا، ولكننا نناشد إخواننا من الشعوب، لنعمل معاً وسوياً من أجل تحرير العالم العربي من احتلال الأنظمة الغربية، والأجندات التي تطبقها الأنظمة على أراضينا العربية والإسلامية. ولن نعمل مثل تلك الجماعات التي تحارب بالسلاح، فنحن سنعمل في حرب مختلفة، سلاحها العلم والثقافة والسلام، وهذا سلاح فقدته الأنظمة. لذلك، نناشد إخواننا من الشعوب التصدي لكل تلك الأجندات، بالتعاون وفتح قنوات التواصل بين الشعوب، لنشر ثقافة واحدة، عرفها الإسلام منذ الأزل، وهي التسامح والمحبة والسلام، لا القتل والإرهاب والظلم والقهر.

كم من الشعوب باتت، اليوم، بلا مأوى وبلا أرض؟ عديدون من أبناء شعوبنا أصبحوا لاجئين، وأصبحوا شعوباً بلا وطن، ووطن مغرق في الإرهاب والخوف، فقد المستقبل والأمان. لذلك، وجب على الشعوب أن تتوحد لتحارب، جنبا إلى جنب، كل تلك المظاهر بالعلم وفرض الثقافة الواحدة التي نعرفها جميعاً، كشعوب عربية.
ما يدور اليوم في القدس من تهويد ومن دنس ومن إرهاب، كان على القادة أن يلتفتوا له، وأن يعملوا على رفع الظلم عن القدس وأهلها، والاقصى الذي تنتهك حرمته، كل يوم، مئات المرات على مرأى من العالم ومسمعه، ولا من مدافع. نساء تنتزع ملابسها في الأقصى وتضرب بالعصي، وشيوخ تهان، وإطلاق النار بات في كل ركن فيه، ولا ساكن يتحرك، ولا صوت يعلو، إلى متى؟
عذرا أيها الأقصى فالمسلمون منشغلون بقتل بعضهم بعضاً. عذرا يا قدس، فالمسلمون اليوم أصبحوا تجار دين. عذرا يا فلسطين، فلم يبق لك سوى الكرامة، التي لن يفرط فيها أهلك.

avata
avata
أحمد حسني عطوة (فلسطين)
أحمد حسني عطوة (فلسطين)