عام من الضياع وآخر للحنين

06 يناير 2015
+ الخط -

جميل أن نحلم، وأن نأمل في الأحسن، وجميل أيضاً أن نستفيق من كوابيس الماضي، ونُفْرِط في بعض التفاؤل، طمعاً في مستقبل أفضل. أفل نجم عام، وحل آخر، والوطن العربي بين تناحر وتقاتل على بقايا تمرة، فخناجر مرفوعة وحراب، على حد قول الشاعر السوري، نزار قباني. فليبيا لا تزال تعيش وابل التمزق، ونعوش سورية تدخل مرحلة التعفن والخراب، وعنوان أسود يحل باليمن. أما عن بغداد فحدّث ولا حرج، فلا الحجاج ولا صدام ولا المالكي ولا ولا.. نزعوا من جسمه "رونجارس" الغرب وقنابل الفتن.

حللت أهلاً يا عام وسهلاً، أيمكنك أن تقلل اليأس عن هذا الكيان، وتزرع بدل الألم بعض بذور الأمل؟ وتنشر بدل الكراهية عناقيد المحبة، وتوزعها، مثلاً، وروداً في شوارع هذا الوطن، وتمن على الطفلة الباكية في شوارع دمشق ببعض الحلوى والسكاكر، وتواسيها بابتسامة وبقبلة وحضن، وتنقذ عجوزاً من تقاتل الإخوة في اليمن، وترفع غبن الجهل عن ليبيا، وتعيد مجرى مياه دجلة والفرات، لتسقي أرض الرافدين عزاً وشأناً. أيا عام، هل لك أن تستعين بعصى موسى، لتحفظ ما تبقى من هذا الشتات المشتت؟ فالماضي أثقل كاهلنا بالأحزان حدّ التخمة.

أيا عام، نستقبلك ودموع الثكلى لم تجف، ورحلة الأم ما زالت تبحث عن ابنها الشاب، القابع بين فوهة الزناد والرصاصة، تنتظر زف الجثث. أيا عام، أي خراب قد كان، وأي أمل قد تحمل لنا؟ أرجوك أن تنظر بعين البصيرة، وتعيد النظر فيما قد سطّرته، فما خلّفه لنا الماضي لا يحمل سوى الجثث.

لعلي قد أبالغ في تفاؤلي، وأُتهم بأنني من مروجي الحلوى في أيام الجنائز والكفن. إلا أنني أرجو أن يحمل هذا العام الجديد بعض الأمل، ونستفيق يوماً وقد ضمّدت دمشق جراحها، وأصبحت شوارعها تفوح نعناعاً وعطراً من مقاهيها الأثرية، بدل دخان الرصاص والمدافع. كما أحلم، أيضاً، بأن يتجاوز لبنان كل الصراعات، ويتصالح الكل، وتعود بيروت إلى سابق عهدها سويسرا للشرق. والعراق مجففاً منابع الدم والقتل. ويصلي السني والشيعي والمسيحي واليهودي جنبا إلى جنب في مكان واحد. ويحتضن الإخوة اليمنيون بعضهم في ساحة التغيير، لكن نحو الأحسن. وتعود المودة بين المصريين، بجميع طوائفهم، ويغترفوا كلهم من النيل جرعة الحياة، معاً إلى الأبد. ويلقي الليبيون السلاح جانباً، ويشمّرون لبناء دولتهم من جديد. وأخيراً، أحلم بأن يعلو صوت فلسطين، ليصبح ضجيجاً، يهز العالم، وتبنى دولته، ويستقل الشعب الفلسطيني من غياهب الظلم واليأس وجور العدا والقربى.

726E5AA9-1B58-43A9-802C-5269849B7A8C
726E5AA9-1B58-43A9-802C-5269849B7A8C
أحمد لعلاوي (الجزائر)
أحمد لعلاوي (الجزائر)