ظاهرة التسول تستفحل في أغنى محافظات العراق

ظاهرة التسول تستفحل في أغنى محافظات العراق

21 يناير 2019
يقدر عدد المتسولين في البصرة بنحو 3000 (Getty)
+ الخط -
لا تكاد تمرّ بشارع من شوارع محافظة البصرة في أقصى جنوب العراق، حتى يستوقفك عدد من المتسولين من مختلف الفئات العمرية، شباب ونساء وأطفال، بشكل لافت للأنظار ومثير للقلق في محافظة تعتبر الأغنى في العراق، بالنظر إلى مواردها الكبيرة من النفط والمحاصيل الزراعية، فضلا عن موقعها التجاري الذي يطل على الخليج العربي.

ويؤكد مسؤولون أنّ الظاهرة باتت خطيرة وتحتاج إلى حلّ جذري. وفي هذا السياق، قال النائب عن المحافظة حسن خلاطي لـ"العربي الجديد"، إنّ "التسول يعكس ظاهرة سلبية للعالم، عن البصرة، وهي تحتاج إلى علاج على مختلف المستويات بغض النظر عن مصداقية المتسولين"، مؤكدا أنّ "هذه ظاهرة موجودة في الكثير من المحافظات الجنوبية، والبصرة واحدة منها".

وتضم محافظة البصرة أكثر من 3000 متسول، على الرغم من الحملات الأمنية والملاحقات التي تنفذها الأجهزة الأمنية لملاحقتهم، إلّا أنّها لم تحد من حجم هذه الظاهرة.

وقال العقيد باسم غانم في شرطة البصرة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأجهزة الأمنية بدأت حملتها لمكافحة ظاهرة التسول في البصرة، لكنّ الحملة باتت غير مجديةً وسط غياب القانون الذي لم يتح لنا محاسبة المتسولين".

وأكد أنّ " ما يحصل عليه المتسولون من الأموال أكبر ممّا تمنحه شبكة الحماية الاجتماعية لهم، لذا فهم مستمرون في نشاطهم بالرغم من تكرار الاعتقالات التي تطاولهم"، مبينا أنّ "أكثر من 1000 امرأة و1000 طفل و1250 شاباً يمتهنون التسول في تقاطعات مركز المحافظة".

من جهتهم، يؤكد متسولون أنّ البطالة المستشرية في المحافظة، هي السبب الرئيسي في انتشار ظاهرة التسول فيها، وأنّ الحصول على فرصة عمل أصبح أمرا عسيرا جدا.

وفي تقاطع بلدة العشّار في المحافظة، قال الشاب قاسم ذو الـ 13 عاما، والذي كان يتسول بين السيارات ويستدر عطف المارّة للحصول على مساعدة مالية منهم: "لم ألجأ إلى التسول إلّا في الأشهر الأخيرة، ظروفي العائلية أجبرتني على ذلك".

وأوضح، "والدي توفي قبل أقل من عام، وأنا وأمي وإخوتي الصغار ليس لدينا أي دخل شهري، وقد حاولت أن أحصل على فرصة عمل كعامل نظافة أو أي عمل آخر، لكنني فشلت"، مبينا "اضطررت لترك الدراسة والتسول أنا ووالدتي لنحصل على قوت يومنا".

وأشار إلى أنّ "الحكومة تتحمل مسؤولية ذلك، فلم توفر لنا أي راتب ولا حتى فرص عمل"، مبينا أنّ "ما نحصل عليه من مبلغ مالي من التسول يكفينا لتلبية احتياجاتنا العائلية من مأكل وملبس وعلاج".

فيما يعزو ناشطون انتشار الظاهرة إلى الفساد المستشري بالبلاد بشكل عام، وفي المحافظة بشكل خاص.

 

ويقول الناشط المدني محمد الطائي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأحداث التي أعقبت الاحتلال وتغير النظام بعد عام 2003 كان لها الأثر الكبير في ظهور طبقات جديدة وكبيرة من الفقراء، بسبب الظروف التي مر بها العراق"، مبينا أنّ "استمرار ارتفاع نسب الفقر في البلد، في ظل الفساد المستشري فيه، يعد اليوم من أبرز أسباب انتشار ظاهرة التسول في البصرة وغيرها من المحافظات الأخرى".

ودعا الحكومة إلى "اتخاذ خطوات لتحجيم هذه الظاهرة، من خلال توفير فرص عمل، وتفعيل دوائر الضمان الاجتماعي، بشكل يتناسب مع متطلبات الحياة، وحاجة الأسر الفقيرة".

دلالات