طفلة سلبها الاحتلال أمها وعائلتها .. والنطق

24 يوليو 2014
فاطمة وأختها ترقدان في المستشفى وتسألان عن والدتهما(محمد رمضان)
+ الخط -

لم تجد الطفلة، فاطمة الشيخ خليل (10 أعوام)، وسيلة للتعبير عن حاجتها إلى بعض الألعاب وهي ترقد في المستشفى، إلا بكتابة ما تريد على ورقة. فقد أضحت عاجزة عن النطق، إثر إصابتها بشظيّة في منطقة الفكّ، في أثناء القصف العشوائي، الذي تعرّضت له منازل المواطنين في حيّ الشجاعيّة، شرق مدينة غزّة.

وفاطمة، التي تشوّه وجهها الجميل نتيجة شظايا قذائف الاحتلال، تعتمد الدفتر والقلم وسيلة تتواصل من خلالها مع من حولها، تماماً كما فعلت عندما طلبت بعض الألعاب الموجودة على سرير أختها، مها (7 أعوام) المجاور، والتي كانت قد أصيبت بكسور في الفقرة السادسة من رقبتها.

وتتمدّد الطفلتان على سريرَين في مجمّع الشفاء الطبي في مدينة غزّة، وتسألان عن والدتهما، جواهر (37 عاماً). هما لا تعلمان أنها انضمّت إلى قوافل شهداء العدوان الإسرائيلي على غزّة، مع أختهما، هبة (15 عاماً)، والصغرى، سامية، التي لم تبلغ بعد العامين ونصف العام.

ويعتصر الألم قلب عمتهما، أم محمد، حين تروي تفاصيل الفاجعة، وفق ما سمعت من الطفلتَين ووالدهما، الذي أصيب ببعض الجروح. فتقول لـ"العربي الجديد": "كان في البيت، المكوّن من أربع طبقات، 16 فرداً، وفجأة اخترقت القذائف جدرانه فأصيبت فاطمة على الفور. لكنها استطاعت أن تهرب مع بعض أفراد عائلتها، في حين لم تتمكن البقية من ذلك".

وازدادت جروح فاطمة عندما اخترقت شظايا صدرها وبطنها، في أثناء هروبها برفقة سبعة من أقاربها، إثر سقوط قذيفة أخرى عليهم. فأصيبوا جمعيهم ونقلوا بسيارات الإسعاف إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزّة، لتُحوّل فاطمة إلى غرفة العناية المركزة وتُجرى لها عمليّة جراحيّة في الفك.

لم تهدأ المدفعيّة الإسرائيليّة في دكّ بيت عائلة الشيخ خليل بالقذائف، إلا عندما تحوّل ركاماً وتحته ثمانية من أفراد العائلة. وبعد نحو سبع ساعات تمكّنت طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إلى المنزل، الذي دُمّر بشكلٍ كامل، لانتشال جثامين الشهداء والجرحى.

وتمكنت مها من الهروب برفقة العائلة من الطبقة العلويّة إلى أسفل الدرج، حيث تحصنوا، إلا أن قذيفتَين من جهتَين مختلفتَين كانتا لهما بالمرصاد. فاستشهدت والدة مها وشقيقتاها وعمّها وزوجته وعمتها وجدتها.

تضيف أم محمد: "منذ بداية العدوان تلقت العائلة والمنازل المجاورة تهديدات، من جيش الاحتلال الإسرائيلي، بقصف المنطقة السكنيّة وتدميرها على رؤوس الأطفال والنساء". ولكنهم رفضوا الخروج، إلى أن وقعت مجزرة الشجاعيّة.

من جهتها، تروي مها -التي لا تقدر على الحركة بعدما أصيبت بكسور متعدّدة أخطرها في الرقبة - بكلمات مختصرة "لم أنم طوال الليل، صوت القصف كان قريباً. وفي الصباح جلستُ بجوار أمي، التي كانت خائفة جداً. رحنا نستمع إلى صوت سيارات الإسعاف، التي تنقل الجرحى والشهداء، قبل أن تنقلني بعد ساعات".

ولم تقتصر همجيّة الاحتلال على استهداف عائلة الشيخ خليل، بل طال القصف أيضاً يوسف حبيب، الذي لاذ بالفرار من بيته إلى منزل عائلة الشيخ خليل، وعُثر على جثته أشلاءً بفعل كثافة القصف المدفعي.