طرفا الصراع في سوريّة يخسران معركة النفط

29 ابريل 2014
الحرب حرمت السوريين من الثروة النفطية
+ الخط -

تشهد سورية منذ اندلاع ثورتها في عام 2011، صراعاً شرساً بين نظام بشار الأسد وقوات المعارضة، واعتبر طرفا الصراع أنّ السيطرة على الذهب الأسود ورقة مهمة للضغط في اتجاه كسب الحرب الدائرةُ رحاها منذ ثلاث سنوات.

ورغم فقدان قوات بشار السيطرة على النفط، إلا أن المعارضة لم تستفد منه حيث تبعثرت آبار النفط بين مختلف الفصائل، ولم تعط شراسة المعركة أي طرفٍ فرصة لالتقاط أنفاسه للاستفادة من ثروة النفط، ليخسر بذلك الطرفين حرب النفط.

وبعد أن وصل انتاج النفط من قِبل الحكومة السورية قَبل اندلاع الثورة إلى نحو 400 إلف برميل يومياً، انحدر حالياً بشكل كبير إلى أقل من 12 ألف برميل، وذلك وفقاً لتصريحات وزير النفط والثروة المعدنية في النظام سليمان العباس.

وأوضح العباس في حديثه لصحيفة الوطن المقربة من النظام أنّ "كميات النفط المستخدمة في سورية حالياً، هي مستوردة عبر الخط الائتماني الإيراني".

وكان العباس قد قدّر في وقت سابق المبلغ الذي تتكبده الحكومة شهرياً من أجل استيراد المشتقات النفطية بنحو 500 مليون دولار، أي أنّ النظام لم يخسر فقط عائدات تصدير النفط التي كانت تنعش الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، لكنه بات يستنزف الاحتياطي النقدي ذاته بصورة سريعة جداً.

استيراد من إيران

وكان تقرير صحفي، قد كشف عن استيراد النظام السوري ما يصل إلى 17 مليون برميل من النفط خلال العام 2013، جاء نصفها من إيران بصورة مباشرة، فيما جاء النصف الآخر من العراق بطرق غير مباشرة.

وشحنت براميل النفط العراقي على متن سفن إيرانية، وتعادل تلك الشحنات نحو 90 ألف برميل يومياً، بقيمة إجمالية تقارب 1.7 مليار دولار.

الجفاف الحاد الذي أصاب الثروة النفطية الحكومية حدث نتيجة فقدان النظام السوري السيطرة على معظم الحقول النفطية في البلاد.

ثروة ممزقة

وباتت هذه الثروة ممزقة بين أطراف عديدة، ومنها كتائب الجيش الحر والمقاتلون الأكراد، ومروراً بمقاتلي العشائر المحلية، وصولاً إلى تنظيم القاعدة بفرعيه، جبهة النصرة والدولة الإسلامية.

 في مدينة الحسكة يتقاسم تنظيم الدولة الإسلامية من جهة والقوات الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي من جهة أخرى السيطرة على الحقول النفطية.

أما في مدينة دير الزور فتُسيطر كتائب الجيش الحر على حقل "التيم" ومحطة الكم، فيما يخضع أكبر حقل نفطي وهو "العُمر" لسيطرة جبهة النصرة، كما تسيطر الجبهة بمشاركة كتائب تابعة للجيش الحر وعشائر مدينة دير الزور على حقول الكونيكو والجفرة والتنك والورد و الخراطة ومحطة دير الزور التي تضخ النفط الخام.

أما في مدينة الرقة فانتزع تنظيم الدولة الإسلامية من جبهة النصرة والجيش الحر السيطرة على جميع الحقول النفطية التي تتركز في منطقة الرصافة، وهي حقول الصفيح والتوينان والحباري.

وتحدثت تقارير لصحف غربية في الآونة الأخيرة عن تعاون بين تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والنظام السوري، ويتضمن ذلك بيع النفط الخام الذي تستخرجه للحكومة السورية مقابل عدم قصف مقراتها التي تنعم بهدوء تام، وتتجنبها الطائرات الحربية للنظام بشكل واضح.

هذا ويتم بيع معظم النفط الخام الذي يُنتج في مناطق المعارضة إلى مئات المصافي النفطية البدائية التي أنشأها السكان المحليون أو التجار الصغار، حيث تنتج الوقود المستخدم للتدفئة أو للطهي فضلاً عن مادة البنزين بطرق بدائية، ويباع الوقود لسكان المناطق المجاورة بأسعار مختلفة، لكنها مرتفعة بصورة عامة عنها في مناطق النظام.

عجز عن استغلال الآبار

ورغم سيطرة المعارضة على معظم الآبار النفطية إلا أنها عجزت عن استثمار الثروة النفطية بصورة مجزية وبكفاءة عالية، فبقيّت عاجزة عن تصدير النفط الخام بسبب افتقادها إلى موانئ التصدير وإلى التقنيات والكفاءات المناسبة.

 وقد أدت الطرق البدائية في تكرير النفط إلى اندلاع الحرائق في عدد كبير من الآبار خلال العام الماضي، كآبار تل مرمر، والثعبان 134، والطيانة 107، والغلبان 105، والقهار109، واليمكن، والجازيه، وشمال العمر.

يقول الناشط أبو عمر من دير الزور لـ "العربي الجديد": معارك طاحنة اندلعت بين الأطراف المسيطرة على مناطق إنتاج النفط، واستخدمت فيها كل أنواع الأسلحة، حدث ذلك في الفترة الأولى لانسحاب النظام من تلك المناطق.

ويضيف أبو عمر: "لكن مناطق النفوذ باتت الآن أكثر تحديداً واستقراراً، وأصبح الجميع يتجنب الصراع الدموي لتوسيعها.

أزمة تراجع العائدات النفطية ليست وليدة الثورة السورية. إذ تراجع إنتاج النفط السوري الخام مع مطلع الألفية الجديدة، حتى تحولت سورية إلى دولة مستوردة لحوامل الطاقة في العام 2006، وذلك بعد عقد من الزمن كان النفط فيه مصدراً رئيسياً للإيرادات في الموازنة الحكومية. وفي غضون عقدين فقط، تراجعت صادرات النفط السوري بعدما كانت تشكل 75 في المئة من إجمالي الصادرات (1990) أصبحت لا تتجاوز 40 في المئة في العام 2010.

 خسائر كبيرة

وبعد اندلاع الثورة تسببت العقوبات الاقتصادية على النظام السوري وانسحاب الشركات الأجنبية العاملة في هذا القطاع في تراجع الإنتاج المتدني أصلاً بنحو 50 في المئة في العام الأول، ومن ثم توقفت الصادرات النفطية بشكل كلي.

هكذا وصلت خسائر قطاع النفط السوري خلال الأعوام الثلاثة الماضية إلى أكثر من 1600 مليار ليرة كما صرح معاون وزير النفط والثروة المعدنية حسن زينب. وتنوعت الخسائر بين تلك المباشرة التي شملت الأضرار التي أصابت خطوط نقل النفط والغاز والآبار والمضخات والمحطات والحفارات وفرق التنقيب، والتي بلغت نحو 200 مليار ليرة، فضلاً عن الأضرار غير المباشرة التي قدرتها الحكومة السورية بأكثر من 1200 مليار ليرة ناتجة عن فقدان المخزون النفطي وفوات المنفعة من الإنتاج.

أما خسائر الشركات الأجنبية التي كانت تعمل في قطاع النفط السوري فقد بلغت نحو 6.4 مليار دولار أميركي، بحسب بيانات صادرة عن وزارة النفط والثروة المعدنية.

 فيما بلغ عدد الشركات الأجنبية التي عملت في سورية قبل فرض العقوبات الاقتصادية 14 شركة، أهمها: شل و بتروكندا و موريل بروم و لون انيرجي و اينا و توتال و غالف ساندز و اي بي ار و تاتنفت  والشركة الوطنية الصينية.

الدولار = 148 ليرة سورية

المساهمون