ضحيّة صامتة جديدة للعنف الأسري في لبنان

30 مارس 2014
تظاهرة نسائيّة رافضة للعنف ضد المرأة (عبد الرحمن عرابي)
+ الخط -

قبل يومين من موعد انعقاد الهيئة العامة لمجلس النواب اللبناني لبحث نقاط عدة بينها مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، تعرّضت هدى للعنف الزوجيّ. ليل السبت ــ الأحد، سمع أحد الجيران صراخاً من الشقة المجاورة. خرج ليتفقّد الوضع، وجد جاره يعنّف زوجته ويضرب رأسها بخشب الخزانة. لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد اعتدى الزّوج على والدة هدى التي كانت موجودة في الشقة بالضرب أيضاً، على ما يروي أحد الأهالي. حاول الجار تهدئة الوضع، فأبعد الزوج، واتصل بالإسعاف.

نُقلت هدى إلى "مستشفى الرسول الأعظم" في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، حيث عاينها الطبيب الشرعي حسين شحرور، على الرّغم من وصوله متأخراً، كما قالت مصادر المستشفى لـ"العربي الجديد". أظهرت صور الأشعّة أن جمجمتها لا تزال سليمة، لكنّ الكدمات وآثار العنف كانت واضحة. يروي أحد الموجودين مع هدى في المستشفى أنّ اللون الأزرق غطّى مناطق عدّة من جسدها.

في المستشفى، أقرّت هدى بأنّ زوجها ضربها أمام عدد من الأشخاص، لكنّها لم تتحدّث عن سبب الإشكال، ولم تقل إنّها تريد أن ترفع شكوى قضائيّة ضدّه، رغم حضور عناصر القوى الأمنيّة من مخفر برج البراجنة وسؤالها عن الحادث. لم تعطِ هدى المستشفى عنوانها، مكتفيةً بذكر المنطقة. كرّرت أمام إحدى القنوات اللبنانيّة التي زارتها أنها "من عائلة محافظة". حضر أخو زوجها إلى المستشفى وتحدث عن "حلحلة" للموضوع سيقوم بها بنفسه مع أخيه. لم تجب هدى على هاتفها اليوم. ووالدتها التي تحدّثت أمس أمام الكاميرا عن حال ابنتها، أقفلت هاتفها.

صمتُ هدى قد يكون عائداً إلى خوفها من "الفضيحة"، أو إلى اقتناعها بأنّ تعنيف الزوج لزوجته أمر عاديّ. الأمر هذا، يكفي لنستنتج كم امرأة تعنّف يومياً، لفظياً وجسدياً ومادياً، وتسكت. ترى أنّ العلاقة الزوجيّة تستدعي التضحية بحياتها. يمكن أن يتكرّر ما حصل مع هدى مرّة أخرى. حينها، ستكون مثل الضّحايا الأخريات، منال عاصي وكريستال أبو شقرا ورقيّة منذر اللواتي قتلن منذ بداية العام 2014 الحاليّ نتيجة للعنف الزوجي.

بات اللبنانيّون يعدون النساء القتلى بالأرقام. لم نعد نستطيع أن نحفظ كلّ الأسماء. كلّ ما تملكه الجمعيّات هو الاعتصام أمام مجلس النواب، أو السرايا الحكومية، أو أي منشأة قضائية أو أمنيّة. الأمر الذي دعت إليه جمعية "كفى عنف واستغلال" تزامناً مع جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء المقبل، لدفع النواب إلى إقرار مشروع قانون "حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري"، وهو البند التاسع على جدول الأعمال.

مع كلّ ضحيّة جديدة نفقد مزيداً من الأمل.

المساهمون