صندوق النقد في موقف حرج بعد نتائج استفتاء اليونان

07 يوليو 2015
مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

يخوض صندوق النقد الدولي، الجولة المقبلة من المفاوضات مع اليونان بموقف حرج، حيث يواجه عداء اليونانيين من جهة، وتنديد الأوروبيين من جهة أخرى، سعياً لانتزاع تسوية، وكذلك لاستعادة الأموال التي أقرضها لهذا البلد.

وبدا واضحاً هذا التردد في موقفه، إذ انتظر صندوق النقد الدولي حوالي 24 ساعة لإصدار موقف من نتائج الاستفتاء في اليونان، التي أظهرت فوز المعارضين لخطة الإصلاحات التي وضعها دائنو اليونان (الصندوق والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي) بغالبية ساحقة.

واكتفت مديرته العامة، كريستين لاغارد، بالإعلان أن "صندوق النقد الدولي أخذ علماً بالاستفتاء الذي جرى في اليونان، مضيفةً "نبقى على استعداد لمساعدة اليونان إذا ما تلقينا طلباً"، لكن هل ما زال الأوروبيون يرغبون في الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الصندوق؟

وجاء رد اليونانيين واضحاً، إذ حملوا المؤسسة التي تتخذ مقرها في واشنطن مسؤولية "إجرامية" في سياسة التقشف الصارمة، التي أدت إلى تراجع إجمالي ناتجهم الداخلي بنسبة 25% خلال خمس سنوات، أما باقي منطقة اليورو، فلم يحسم موقفه بهذه الطريقة القاطعة غير أنه لا يؤيد في معظمه الصندوق.

وبدعوته الخميس إلى منح اليونان مساعدة كبيرة جديدة وتخفيف عبء ديونها، أثار صندوق النقد الدولي استياء أقرب حلفائه في أوروبا، ولا سيما ألمانيا، ما يهدد بإضعاف نفوذه.

إلى ذلك، نقلت وكالة "فرانس برس"عن اشوكا مودي، مهندس خطة المساعدة، التي منحها صندوق النقد الدولي لإيرلندا، قوله "طالما أن الصندوق كان ينفذ ما يتوقعه منه الأوروبيون، أي مطالبة اليونان بإجراءات أكثر صرامة، كانت رسالته تلقى آذانا صاغية، لكن حين يقول أشياء لا يود الأوروبيون سماعها، عندها لا تعود الأمور تجري على ما يرام".


اقرأ أيضاً: اليونانيون يتحدّون أوروبا ويرفضون بأغلبية نهائية خطة الإنقاذ

وفي مطلق الأحوال لن يكون بوسع صندوق النقد الدولي إثارة استياء الأوروبيين، خلال قمة مجموعة اليورو الثلاثاء، إذ إنه لن يرسل أي ممثل للمشاركة فيها.

وبعد خمسة أشهر من المفاوضات غير المثمرة، باتت المؤسسة تنتظر أفعالاً والتزاماً مزدوجاً من الأوروبيين بشأن الديون اليونانية ومن اليونانيين، وإصلاحات أليمة مطلوبة منهم، غير أن قدرة الصندوق على الضغط على أثينا باتت محدودة بعد تعثر اليونان في السداد، الأسبوع الماضي، وفق ما أوضحت سوزان شادلر، المساعدة السابقة لمدير قسم أوروبا في المؤسسة للوكالة.

وبعد تخلفها عن تسديد 1.5 مليار يورو للصندوق، لم يعد بوسع أثينا قانونياً الاستفادة من موارده، لكن شادلر، لفتت إلى أن "هذه القيود مصطنعة ويمكن الالتفاف عليها، إذا ما توافرت لدى الدول الأوروبية في مجملها إرادة سياسية، في أن يلعب صندوق النقد الدولي، دوراً في الملف اليوناني يتضمن إقراض أموال".

وقد تقرر أوروبا، في هذه الحالة، تسديد مستحقات الصندوق باسم اليونان، أو منحها قرضاً خاصاً بهذا الهدف.

ومثل هذه الخطوة، ستلقى استحسان الصندوق، وهو الحريص على الدوام على طمأنة دوله الأعضاء إلى متانته المالية، وعلى وضع الأوروبيين أمام مسؤولياتهم.

إلى ذلك، قال الرئيس السابق لقسم الاقتصاد في المؤسسة، كينيث روغوف، الاثنين الماضي، خلال مؤتمر عبر الهاتف، إن "صندوق النقد الدولي في وضع غريب .. هو مضطر إلى التعامل مع واقع، أن هذه قد تكون أضخم ديون غير محصلة له ... ويحاول قدر المستطاع دفع الأمور إلى ملعب الأوروبيين".

وعلى الرغم من الانتقادات المنصبة عليه من مختلف الأطراف، فإن الصندوق ما زال قادراً على لعب دور "صانع السلام" بين بروكسل وأثينا، في غياب أي طرف آخر، يمكن أن يضطلع بهذا الدور، وقال شادلر في هذا الصدد، إن الصندوق "قد لا يكون المؤسسة المناسبة لذلك غير أنه المؤسسة الوحيدة".

ولتعزيز دوره في المفاوضات قد يضطر الصندوق إلى إعطاء المثل، وتليين شروط القروض التي منحها لأثينا، برأي أشوكا مودي.

وأضاف "لا يمكن لصندوق النقد الدولي أن يدعو الأوروبيين الى تخفيف ديون اليونان ويتركهم يواجهون العواقب.. إن كان يتحتم تخفيف الدين، فلماذا يقتصر ذلك على الأوروبيين؟

اقرأ أيضاً: أزمة اليونان إلى المربع صفر

المساهمون