صراع على الرئاسات العراقية... ومعركة مبكرة لقيادة الحكومة المقبلة

صراع على الرئاسات العراقية... ومعركة مبكرة لقيادة الحكومة المقبلة

02 ابريل 2018
صراعات ومساومات على حساب المصلحة العامة (حيدر هادي/الأناضول)
+ الخط -
لم تنتظر الجهات السياسية العراقية، إجراء الانتخابات البرلمانية وصدور نتائجها لبدء المساومات بشأن مناصب الرئاسات الثلاث، إذ استعر الصراع بينها في هذا الشأن مبكراً. وتشتدّ المساومات بين تلك الجهات هذه الأيام من أجل الفوز بالمناصب، وفقاً لما تقتضيه مصالحها، الأمر الذي يجعل مصلحة الشعب لا قيمة لها أمام المنصب والمكاسب الخاصة، في بلاد تطمح للتغيير وللتخلّص من الفساد.

وقال مسؤول سياسي رفيع، لـ "العربي الجديد"، إنّ "الجهات الكردية تجري حوارات مزدوجة في وقت واحد، محاولة الحصول على مكاسب انتخابية في الدورة البرلمانية المقبلة"، موضحاً أنّ هذه الحوارات "تجرى من جانب مع تحالف النصر الذي يتزعمه رئيس الحكومة حيدر العبادي، ومن جانب آخر مع تحالف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي". وأكد المسؤول أنّ "الكرد يحاولون الحصول هذه المرة على منصب رئيس البرلمان بدلاً من منصب رئيس الجمهورية، والذي يعتبرونه منصباً شرفياً، لا دور فعلياً له"، مبيناً أنّهم "ينطلقون من منطلق أنّ المنصب كان من حصتهم مع منصب وزير الخارجية، لكن اليوم خسروا منصب الخارجية، وبقوا على رئاسة الجمهورية فقط".

وأضاف المسؤول أنّ "حوارات الكرد تنصبّ اليوم باتجاه تغيير المناصب، من أجل أن يكون منصب رئاسة البرلمان من حصتهم، بينما يُمنح منصب رئيس الجمهورية للسنّة"، مشيراً إلى أنّ "جانبي الحوار (العبادي والمالكي) يحاولان تحقيق مكاسب انتخابية، لذا فهما لا يريدان ردّ مطلب الكرد، ومستمران بمفاوضاتهما في هذا الاتجاه". وأكد أنّ "الجانب السني يرفض رفضاً قاطعاً التخلّي عن منصب رئاسة البرلمان، الذي يعدّه حصة له لا يمكن التنازل عنها"، مبيناً أنّه "لا يوجد حوار مباشر بين الكرد والجانب السني في هذا الخصوص، لكن يوجد حوار بين العبادي وهذه الأطراف، إذ يسعى رئيس الوزراء لتقريب المكونات كافة باتجاه تحالفه".

ويسعى الكرد لتعويض خسارتهم المتوقّعة في حصد أصوات الناخبين في المناطق المتنازع عليها، والتي كانت سابقاً تحت سيطرتهم، من خلال الحصول على منصب رئيس البرلمان.

وفي هذا السياق، قال رئيس ديوان رئاسة الإقليم، فؤاد حسين، إنّ "الكرد سيخسرون 10 مقاعد برلمانية في المناطق المتنازع عليها خلال الانتخابات المقبلة، بسبب الأوضاع التي استجدّت هناك، بعد الأحداث التي أعقبت الاستفتاء"، مستدركاً "لكننا سنحصد عشرات المقاعد في مناطق أخرى، مما يبقي الكرد ثقلاً مؤثراً في العملية السياسية في العراق الاتحادي". وأكد حسين أنه "في حال الحصول على 50 مقعداً للكرد، بدلاً من 63، فإنهم قادرون على أداء دور مؤثّر في البرلمان العراقي".


ولم ينحصر الصراع على المناصب والسعي لتحقيق المكاسب الانتخابية في جهة سياسية دون غيرها، إذ أنّ الصراع يبلغ ذروته اليوم بين الكتل المنقسمة عن التحالف الوطني، بشأن منصب رئيس الوزراء. وقال المسؤول السياسي ذاته، إنّ "الصراع على منصب رئيس الوزراء بلغ أشده بين التحالفات الأربعة المنقسمة عن التحالف الوطني، إذ أنّ كلاً من تحالف النصر ودولة القانون والفتح، يسعى للحصول على المنصب، بينما لم يحدّد تحالف سائرون الذي يتزّعمه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، طريقه بعد". وأشار إلى أنّه "رغم تمسّك حزب الدعوة بشقيه، جناح المالكي وجناح العبادي، بالمنصب، إلّا أنّ رئيس تحالف الفتح هادي العامري، يسعى في الوقت ذاته للحصول على المنصب، الأمر الذي أوقد فتيل الصراع بين الأقطاب الثلاثة، وقطع الطريق نحو تحالف بين أي منهم، إذ إنّ كلاً يرى المنصب حقاً له".

وفي هذا الإطار، قال رئيس كتلة "دولة القانون" البرلمانية، النائب المقرّب من المالكي، علي الأديب، في تصريح صحافي، إنّ "منصب رئيس الوزراء هو من حصتنا كحزب دعوة"، مشدداً على أنه "لا يوجد أي مبرّر لأن نتنازل عنه، والحملة الإعلامية التي طاولت الحزب، لا تستوجب التنازل عن المنصب، كما لا توجد أي أسباب تستدعي ذلك"، مؤكداً أنّ "الكتلة الأكبر التي ستفوز في الانتخابات هي التي سترشّح رئيس الوزراء، وفقاً للدستور". وأشار إلى أنّ "المحاصصة هي التي تسبّبت في تعثّر العملية السياسية، وهي مرفوضة اليوم، ويجب أن يترك الموضوع إلى اختيار النخب والشخصيات الكفوءة في شغل المناصب في الحكومة المقبلة".

وتؤشر السجالات والصراعات على المناصب، والتي تسبق الانتخابات، إلى فتح باب للمساومات والصفقات الخاصة بين الكتل، وفقاً للمصالح، وعلى حساب مصلحة الشعب. وهو ما أكّده الخبير السياسي، جابر العبودي، في حديث مع "العربي الجديد"، إذ قال إن "الصراع المحتدم لتحقيق المكاسب والحصول على المناصب، الذي انطلق مبكراً هذه المرة، يؤشر إلى سعي تلك الجهات، لفتح باب المساومات مع الكتل الأقوى، بغية التحالف معها لتحقيق المصالح"، مشيراً إلى أنّ "الحوارات كافة التي تجري اليوم بين تلك الكتل، هي عبارة عن مساومات وصفقات سياسية من منطلق المصالح المشتركة". وأوضح أنّ "تلك المساومات ستؤدي إلى تغيّر قد يطرأ في خريطة العملية السياسية المقبلة، لا على أساس مصلحة الشعب، بل وفقاً لما تقتضيه المصالح الفئوية". ولفت إلى أنّ "أي تغيير في المناصب السيادية لا يخالف الدستور العراقي"، موضحاً أنّ "الدستور العراقي يختلف عن الدستور اللبناني، الذي نصّ على توزيع المناصب وفق أسس طائفية ودينية، بينما دستور العراق لم ينصّ على ذلك، والعرف ومبدأ المحاصصة هو الذي أوجد هذا التقسيم".

المساهمون