صدّام والمالكي

صدّام والمالكي

25 ابريل 2014

صدام حسين ونوري المالكي

+ الخط -
تقترب الانتخابات البرلمانية العراقية، في ظل وجود عسكري أميركي مستمر، ووسط احترابٍ طائفي رَهيب. والدم العراقي يسيل، ولا أحد يعرف متى سيتوقف سيلانه، وقبل هذا وفي أثنائه،  نسبةٌ كبيرة من شعب العراق لا تتمتع، مثل شعوب دول الجوار، بماءٍ عذب شروب وكهرباء، في بلد "دجلة الخير وأم البساتين".
 
لا يمكن لنوري المالكي، في كل مرة، أن يتذرع بمؤامرات أنصار الرئيس الراحل، صدام حسين، والقاعدة، في كل فشل يتعرّض له. فقد أثبت الرجل أنه مستعدّ لكل شيء، من أجل بقائه في السلطة. جاهز لرهن بلده لإيران وأميركا، بل وتسخير خيرات الشعب العراقي الضخمة من عائدات النفط لحماية النظام السوري في وجه شعبه.

ولا يتورع هذا المسؤول من التصريح أن العراق لا طائفية دينية فيه، بل طائفية سياسية. وكأنه يبرر الأخيرة، ويدافع عنها. والدلائل كبيرة، فقد أفرغَ العراقَ من كل السياسيين السنة الوطنيين، وأجبر من تبقى منهم في العراق على أن يكونوا على حَذر، ومن حين إلى آخر، يلعب على وَتَر القبائل والعشائر، ويمنح بعض الرشاوي للصحوات التي أوجدها الأميركيون، للتخفيف من نزيف دم المارينز.

يُصرّح الرجل أنه لا طائفية في العراق، وهو ممسك بجيش العراق وشرطته، يعين قياداتهما، ويسرّح من يشم فيه رائحة "البعث العراقي". ومع كل فشل في إدارة شؤون بلاده، يحاول إقناع العراقيين بأن الجوار هو السبب، ويقصد الجوار العربي، طبعاً. وقد نجح، إلى حدٍّ بعيد، في إبعاد هذا البلد العربي عن محيطه العربي الطبيعي والحاضن، وأصبح الإيرانيون يفعلون ما يشاؤون في "حديقتهم الخلفية".

لا يختلف أحد في تحليل طبيعة النظام العراقي أيام صدام حسين. ولكن الرجل، وهو ديكتاتوري ومستبد وعنيد، ولا يستمع لنصائح الزعماء العرب الآخرين، لم يكن طائفياً أبداً. وكثيرون من الشيعة في العراق يعترفون بالأمر اليوم، حين رأوا ما فعله، ويفعله، هؤلاء المعارضون السابقون الذين كانوا مشردين في دمشق وطهران وبيروت ولندن وواشنطن.
كان صدام حسين بدوياً وصادقاً في أقواله، بل وساذجا، وربما تسببت هذه السذاجة في مقتله، ولكن المالكي، ومن سار معه، أسيادُ في الخداع والانتهازية.

أكثر من عشر سنوات على سقوط صدام حسين، ومن استقرار هؤلاء المزدوجي الولاء لأميركا وإيران، ولا ضوء يلوح في نهاية النفق لشعب العراق. وأصبحت الحقيقة واضحةً، إلا لمن لا يشاء قراءتها. وهي أن هؤلاء المتسلطين الذين وضعتهم الإدارة الأميركية في العراق، بموافقة إيرانية، لن يُفكروا إلا في طائفيتهم، وسيعيدون هذه العصبيّة البغيضة التي تَصوَّرَ العراقيون، بكل أطيافهم، أنهم قبروها إلى الأبد في ثورة العشرينيات، من القرن الماضي، ضد الاحتلال البريطاني.

يكتشف العرب مع هذا التمدد الإيراني، والذي لا يتوقف ويتهدد العرب جميعاً، أن العراق الذي كان السدَّ المنيع لهذا الخطر اختفى. ومع هذا "الاكتشاف"، يحس العرب بأنهم لم يُحسنوا فَهم العراق العربي الأصيل، وخلا الجوّ للمالكي، لكي يصول ويجول، وأصبح نجماً إعلامياً، تستضيفه القنوات العربية، ليتهكم على هذا الزعيم العربي، أو ذاك. وأصبح حتى الإعلام "الممانع" يستقبله، هو وآخرين من بضاعة الاستخبارات الأميركية (أحمد الجلبي وآخرين)، ليعطوا العرب دروساً في الطائفية والديمقراطية والوطنيّة والعيش المشترك.

فلا نامت أعينُ الجبناء!