صحافة إسرائيل ضد اللاجئين الأفارقة

01 أكتوبر 2014
تظاهرة لاجئات أفريقيات ضد قوانين العنصرية في إسرائيل (Getty)
+ الخط -
كان يكفي الصحف الإسرائيلية، قرار محكمة العدل العليا الأخير الذي ألغى القانون العنصري الذي أقرّه الكنيست، وقاد تشريعَه الوزيرُ المستقيل جدعون ساعر، (الذي أتاح لإسرائيل اعتقال اللاجئين الأفارقة الذين يصلون إلى إسرائيل، عاماً كاملاً، من دون محاكمة)، لإبراز مانشيتات وعناوين رئيسية تروّج غضب سكان جنوب تل أبيب الذين يطالبون بطرد اللاجئين الأفارقة من إسرائيل.

فقد أبرزت صحيفة "يسرائيل هيوم" المقرّبة من رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، في عنوانها ما وصفته بـ"عاصفة الغضب الشعبي" ضد قرار المحكمة وغضب اليمين الإسرائيلي، الذي زعم أن قرار منع سجن اللاجئين الأفارقة من دون محاكمة هو "مس بالديمقراطية الإسرائيلية وسلطة القانون"، مطالبة بتحديد صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا في إلغاء القوانين.

أما صحيفة "معاريف" فاعتبرت أن قرار المحكمة "استباحة حدود إسرائيل وجعلها مفتوحة على مصراعيها أمام مهاجري العمل"، وهو التعبير المخفف الذي يستخدمه اليمين الإسرائيلي في وصف اللاجئين الأفارقة ليبرر الخطوات القانونية والإدارية ضدّهم وتجنيب إسرائيل احترام مبادئ حقوق الإنسان.

وأبرزت "يديعوت أحرونوت" في صفحتها الأولى إلى جانب أمر القرار، ما سمته بـ"الاحتجاج الشعبي في تل أبيب"، ووصف أهالي جنوب تل أبيب قرار المحكمة بأنه "بصقة في وجوههم".

لكنها أبرزت أيضاً مقالة الصحافي اليميني والمتطرف بن درور يمني، في انتقاد القرار عبر تسويغات تعارض أن يكون لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية شرعية التدخل في إلغاء قوانين ولو تعارضت مع حقوق الإنسان الأساسية، من جهة، وتسويغات تتباكى على أهالي سكان جنوب تل أبيب الذين يعانون من "جرائم اللاجئين الأفارقة" الذين يعيشون في جنوب تل أبيب وحولوا شوارعها إلى شوارع خالية، بعد انعدام الأمن الشخصي.

وعلى الرغم من أن موضوع اللاجئين الأفارقة في تل أبيب وإسرائيل غائب عن عناوين الصحف الإسرائيلية، ومعه حملات التحريض العنصري والفاشي التي قادها اليمين الإسرائيلي، وفي مقدمه رئيسة لجنة الداخلية التابعة للكنيست، ميريت رجيف، التي وصفت اللاجئين الفارين من ويلات الحروب في أفريقيا بأنهم "سرطان في قلب إسرائيل"، إلا أن ذلك لم يمنع الصحف الإسرائيلية من ترديد انتقادات اليمين والادعاءات العنصرية ضد اللاجئين، من دون الالتفات الى حقيقة أن القانون الذي ألغته المحكمة الإسرائيلية، قبل أيام، كان بمثابة تشريع عنصري يتيح الزجّ بآلاف الناس في معسكرات اعتقال في صحارى النقب مدة عام من دون محاكمة الى حين ترحيلهم.

وكان لافتاً، وربما كالعادة، خروج صحيفة "هآرتس" الليبرالية عن المألوف في هذا السياق، إذ اعتبرت أن قرار المحكمة الإسرائيلية هو بمثابة "صفعة ووصمة عار على جبين الوزير المستقيل، جدعون ساعر، وطعنة في ليبراليته المدّعاة"، مقابل موقف حقيقي للمحكمة يكشف زيف تضليل الحكومة الإسرائيلية ووزير داخليتها، جدعون ساعر، ويفضح بأن معسكر الاعتقال في حولوت في النقب، هو في واقع الحال سجن حقيقي. وكانت "هآرتس" الصحيفة الوحيدة في إسرائيل التي اختارت الجملة المحورية في قرار المحكمة عنواناً لها: "سلب حرية الإنسان".
المساهمون