صبّاح لـ"العربي الجديد": إسرائيل تريد نزعنا من عروبتنا

صبّاح لـ"العربي الجديد": إسرائيل تريد نزعنا من عروبتنا

12 ابريل 2014
صبّاح والشيخ تيسير التميمي متوجهان للحرم الإبراهيمي (ارشيفية:الفرنسية)
+ الخط -

يعتبر بطريرك القدس، السابق، ميشيل صبَّاح، أحد أبرز الشخصيات العربية الفلسطينية المناهضة لمخططات المؤسسة الإسرائيلية ومؤامراتها ضد الفلسطينيين عموماً، وتلك التي تستهدف وحدة فلسطينيي الداخل وتحاول تقسيمهم إلى طوائف وزرع الفتن في ما بينهم.

ويؤكد البطريرك صبّاح، في حديثه لـ "العربي الجديد"، على أن عصر "شعب الله المختار"، الذي يتغنّى به اليهود، قد انتهى، وأنهم يوظّفون الكتاب المقدس، باطلاً، لاضطهاد الفلسطينيين وظلمهم، رغم أن الكتاب يأمرهم بتصحيح مسارهم.

ويرى صبّاح أن على العرب التحرّك موحّدين، وبشكل عاجل، لإنقاذ المسجد الأقصى والقدس عامة من السمة اليهودية التي تسير إليها بفعل المخططات الإسرائيلية، وأن جهود رجال الدين المسيحيين العرب لا يمكنها التأثير وحدها على العالم الغربي والمجتمع الدولي والمؤسسات الكنسية والفاتيكان لاتخاذ مواقف أكثر إيجابية لصالح الصف الفلسطيني.

أما في ما يتعلق بمحاولات إسرائيل "دق الأسافين" بين فلسطينيي الداخل وسلخ المسيحيين عن هويتهم العربية ومحاولة تجنيدهم، فقال إنها ستسقط أمام الانتماء والوعي الوطني.

توظيف الدين
"اليهود اختارهم الله، كما ورد في الكتاب المقدس، إنما لم يحافظوا على النعمة التي منحهم إيّاها"، يقول البطريرك صبّاح. وتابع: "حين انتشرت المسيحية، كلنا أصبحنا شعباً مختاراً، أي كل البشرية. فالمسيح جاء مخلّصاً لكل البشرية، بما في ذلك اليهود، وهذا لا دخل له بالسياسة على الإطلاق، وعليهم نسيان قضية شعب الله المختار".
وأكد أننا اليوم "نتعامل مع اليهود كمحتلين لأرض فلسطين، فهم يميّزون بين الفلسطيني واليهودي، حتى الذين يعيشون على أرض/ دولة واحدة". مستدركاً بالقول: "الصراع العربي ـ الإسرائيلي ليس دينياً، فكل الحكومات العربية تصرّح بهذا. ليس بيننا، كمسلمين ومسيحيين من جهة، وبين اليهود من جهة أخرى،

أي مشكلة دينية، فكلّ واحد على دينه، وإنما الصراع سياسي".
وأردف صبّاح: "تكمن المشكلة في أن إسرائيل تحاول، في سياستها، توظيف المواقف الدينية كما يحلو لها وفق التفاسير التي تريدها، رغم أن الله يأمر بالمحبة ولا يأمرهم بقتل الشعب الفلسطيني. اليهود في إسرائيل يحاولون توظيف الكتاب المقدس كما يريدون، ولكن الحقيقة أن الكتاب المقدس يقول لهم راجعوا كل أعمالكم على ضوء رسالة المحبة، وأنتم بعيدون عن هذه الوصية".

وأضاف: "كدين، هم مرتبطون بالكتاب المقدس، ولكن كسياسة هم بعيدون جداً عن هذا الكتاب ويفترون على الفلسطينيين ويظلمونهم باسم الدين زوراً، من خلال سياسات الاعتقال والقتل وهدم البيوت والاعتداءات، وغيرها من مظاهر الاضطهاد".


فلسطين حاضرة
وأوضح البطريرك ميشيل صبّاح أن "القضية الفلسطينية تكون حاضرة دائماً في اجتماعات المجلس الكنائسي في الشرق الأوسط وذلك لكونها جوهرية، فيكون لا بد من إلقاء الضوء على هذا الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني واتخاذ مواقف بشأنه".

وأضاف أن "هذه المواقف، بطبيعة الحال، لا تعجب المؤسسة الإسرائيلية التي تريد من كل موقف ديني أن يداهن لإسرائيل وأن يكون لها مديح فيه. الموقف الديني موقف مستقلّ لا يداهن، ولكن يقول كلمة حق، وفي هذا الصراع فكلمة الحق هي أن إسرائيل ظالمة للشعب الفلسطيني".

وفي معرض حديثه، أشار البطريرك صبّاح إلى قضية القدس كمركّب أساسي في الصراع، معتبراً أنها "مقدّسة للديانات الثلاث، ولكن على الدول العربية أن تبذل جهوداً، سواء دبلوماسية أو مالية أو غيرها لإعمار القدس وإنقاذها والمحافظة عليها كمركز ديني للجميع، لكن ما يحدث في القدس، اليوم، هو أنها أصبحت بوجه واحد هو الوجه اليهودي، وتحاول إسرائيل طمس الوجه الإسلامي والمسيحي للمدينة، ولا سيما الإسلامي من خلال الاقتحامات المتكررة للحرم القدسي الشريف والاعتداء على الأقصى".

وعمّا إذا كان يعتقد أن على رجال الدين المسيحيين أن يقوموا بدور أكبر للضغط على الفاتيكان والمؤسسات المسيحية في الغرب لاتخاذ مواقف أكثر إيجابية تجاه القدس وفلسطين، أجاب البطريرك صباح أن "المشكلة تكمن في كون الدول العربية والأموال والعقول العربية غير موظّفة بما يكفي لخلاص القدس.
وأضاف: "المجهود المسيحي، كما قلت، كلمة حق، وهي أن المدينة المقدسة حقيقتها ثلاثة وجوه دينية وشعبان. والفاتيكان يحاول، في كل مداخلاته الدولية، أن يثبت هذا الوجه للمدينة المقدسة، أي أنها مقدسة للديانات الثلاث وفيها شعبان، ولكنه لا يتدخل في الصراع السياسي مباشرة، فهذا دور الحكومات كلها. وهنا دور الحكومات العربية تحديداً، بالطرق الدبلوماسية وليس بالضرورة بالطرق العسكرية".

عرب رغماً عن إسرائيل
على ضوء المساعي الإسرائيلية الرامية إلى تمزيق النسيج العربي في الداخل الفلسطيني من خلال منح امتيازات للعرب المسيحيين ومحاولة تجنيدهم للجيش واعتبار أنهم ليسوا عرباً، على حدّ تعبير بعض الأفواه الإسرائيلية، حذّر البطريرك ميشيل صبّاح من الوقوع في الفخ.

وقال إن "إسرائيل تسعى دائماً إلى تقسيمنا إلى مجموعات وطوائف، إسلامية، مسيحية ودرزية وحتى بدوية أيضاً، وكأننا لسنا وحدة قومية واحدة، من باب زرع الفتن بيننا لإضعافنا. ومن آخر هذه "الصرعات" الإسرائيلية، قانون يقول ما معناه، وليس حرفياً، إن المسيحيين هم طائفة دينية وليسوا عرباً وليس لهم أي شيء مع العروبة. نحن قلنا ونؤكد بدورنا أنه لا يحق لأحد أن يقول لنا مَن نحن. نحن نحدّد هويتنا. نحن فلسطينيون ومسيحيون وعرب ولا أحد يحق له أن يقول لي أنت لست عربي، فانا عربي أباً عن جد رغماً عنهم وموجود هنا منذ الأزل".

وانتهى صباح إلى القول:" في ما يتعلق بالتجنيد، لا شيء يبرّر انضمام أيّ شاب عربي إلى الجيش الإسرائيلي، سواءٌ أكان مسلماً أم مسيحياً، فمن غير المعقول أن يصوّب الفلسطيني بندقيته إلى أخيه الفلسطيني، والالتحاق بجيش يمنعنا من العودة إلى أرضنا ويضطهد شعبنا. هناك حالات شاذّة في مجتمعنا العربي عموماً، وهذه مخططات يمكننا أن نواجهها موحّدين، بوعينا الوطني وبالتمسّك بثوابتنا الوطنية وبكرامتنا".

المساهمون