شَرْخ "البيت الاشتراكي" الفرنسي إلى اتّساع... وفالس يواصل التحدّي

شَرْخ "البيت الاشتراكي" الفرنسي إلى اتّساع... وفالس يواصل التحدّي

01 مايو 2014
41 نائباً اشتراكياً لم يصوّتوا على خطة فالس (getty)
+ الخط -

يستطيع رئيس الحكومة الفرنسية، امانويل فالس، أن يتنفس الصعداء، بعدما أُقِرّت توجهات فرنسا الاقتصادية خلال الفترة ما بين 2014 و2017. وقد حظيت خطته بتأييد 265 نائباً، ومعارضة 232 نائب، وامتناع 67 عن التصويت (من بينهم 41 نائباً من الحزب الاشتراكي الحاكم).

وعلى الرغم من الخطر الذي كانت تشكله مجموعة من نواب حزبه الاشتراكي "المتمردين" عليه، فقد استطاع الحصول على غالبية من أصوات النواب. لكنّ ارتياحه قد لا يدوم، لأن شعرة معاوية التي لا تزال موجودة بينه، مدعوماً من غالبية وفية من النواب المؤمنين بأنّ تحسّن شعبية الرئيس فرانسوا هولاند، مرتبط بنجاح فالس في خطته الاقتصادية، من جهة، وبين مجموعة من النواب المتمردين من جهة ثانية، قد تختفي مع كل أزمة اقتصادية، وحينها سيزداد عدد النواب المتمردين الذين لن يكتفوا بالامتناع عن التصويت، بل سيصوّتون مع المعارضة اليمينية وضد قيادتهم، وقد هدّد بعضهم جهاراً بالإقدام على خطوة كهذه ما لم يتم الاستماع بما فيه الكفاية إلى مواقفهم وهواجسهم.

ولكن ما الذي دفع بهؤلاء النواب المتمردين إلى الاكتفاء بالامتناع عن التصويت، على الرغم من خطابات بعضهم الهجومية ضد فالس وبرنامجه اليميني؟ هل هو الإحساس بالمسؤولية؟ أم اعتبار أن ما قاموا به اليوم هو إنذار بما سيقومون به غداً، إذا استمرت السلطة التنفيذية في تجاهل تذمّرهم؟

وعلى عادته في خطاباته النارية، وعلى خطى خطباء الجمهورية الفرنسية الخامسة المفوّهين، وبمسحة درامية، ربط فالس مصير التصويت على برنامجه، بمصير فرنسا كله، مانحاً لنفسه دور ربّان السفينة الذي لا يهرب من العاصفة. وقال فالس أمام النواب: "أتحمّل مسؤولية الخيارات التي اتّخذتها. أتحمّلها، لأنها خيارُ الانسجام والجرأة. أتحمّل المسؤولية لأنها خيار النموّ والعمل. أتحمّل المسؤولية لأنها خيارات الإصلاحات والمستقبل، ولأنها خيار الاعتزاز والتفاؤل المستعادَين، وخيار الثقة، وخيار فرنسا".

وقبل ذلك، التقى فالس نواب حزبه الاشتراكي، وهو يعرف تذمّر جماعة كبيرة منهم، قد يصل عددها إلى المئة نائب. وألقت العاطفيّة بظلالها على اللقاء، فقال، مُطالِباً الاشتراكيين بأن يتحملوا مسؤولية إدارتهم لشؤون البلد: لا توجد صيغة "لا ولكن"، ولا صيغة "امتناع إيجابي عن التصويت"، مَن الذي سيَحكم (فرنسا) مكاننا؟ لن يكون جبهة اليسار ولا البيئيين، بل سيكون اليمين، وسيكون اليمين المتطرف".

ولكن هذا الاستنجاد العاطفي لم ينجح في إقناع 41 نائباً اشتراكياً في التصويت الإيجابي، بل امتنعوا عن الادلاء بأصواتهم، في حين أن ثلاثة نواب من أنصار جان بيار شوفنمان، صوّتوا ضد رئيس الحكومة.

ويصرّ هؤلاء النواب المتمرّدون، وهم من تياري "اليسار الشعبي"، و"اليسار المستدام"، على أن موقفهم سيستمر لأن "إجراءات العدالة لا تسير بسرعة ولا تذهب بعيداً"، ولأنّ "تصويتهم لم يكن تصويت تحدّ، بل تصويت إنذار ناضج من أجل توجيه جديد للسياسة". وأكّدوا، في نوع من التحذير، أن "لدينا الآن بعضٌ من الوقت، ورئيس الوزراء مستعدّ لعمل مشترك قبل التصويت على القوانين المالية، ومن أجل إعادة اللحمة إلى أغلبيتنا".

وإذا كان التصويت على هذه التوجهات الاقتصادية، في نهاية الأمر، ليس إلا استشارياً، وبالتالي لا يملك القدرة على الإطاحة بالحكومة، فإن تصويت بعض نواب الحزب الحاكم ضد حكومتهم وبرامجها، يطرح أزمة ثقة داخل الغالبية الحاكمة. فإذا كان الحزب لا يستطيع أن يتحكّم في نوّابه، فكيف يمكنه أن يحكم الشعب؟ وهذا هو رأي السياسي اليميني فرانسوا بايرو (يمين وسط)، عندما يقول إنه "حين نكون في المعارضة، يصبح الامتناع عن التصويت علامة إيجابية، ولكن العكس هو الذي يحدث حين نكون في الحكم". فهل يتوقع فرانسوا بايرو أن تذهب الاحتجاجات داخل البيت الاشتراكي بعيداً؟

غالباً ما يصنع الاقتصاد السياسة، ولا شك أنه إذا تحسّنت ظروف فرنسا الاقتصادية، فإن التمرّد سيخفّ حتى يتلاشى.

المساهمون