أعتقد أن من الصعوبة بمكان الحديث عن مسيرة العودة بعد عام على انطلاقها، كما عن الشأن الفلسطيني الكارثي والمأساوي بشكل عام. وتصبح الصعوبة أكبر عندما يتعلق الأمر بالتقييم أو القراءة، ويصبح الحديث عن إنجازات أصعب أكثر وأكثر مع 270 شهيدا، 15000 جريح، منهم مئات سيعيشون بقية حياتهم بإعاقات دائمة. كما مع وصول الأمور في غزة إلى حافة الانفجار، ما يعني أن الحديث عن إنجازات مبالغ فيه أصلاً باستثناء تأكيد ما عشناه خلال عقود سابقة، حيث عظمة الشعب الجبار وبؤس القيادة وعجزها عن الاستفادة من تضحيات طاقات همم وإرادة الناس لتحقيق الأهداف الحقوق والمصالح السياسية.
بداية ومنهجياً فإن الاسم أو الشعار ليس دقيقا أو بالأحرى فإنه حركي بشكل ما. فالمسيرة سعت أساساً إلى رفع الحصار كهدف مركزي رئيسي لها. أما الحديث عن العودة فهو مجرد شعار سياسي أو غطاء ما لمطلب رفع الحصار، وإدراجه ضمن هدف سياسي وطني عام جامع، ولا أعتقد أن أحداً تصور أن بإمكان المسيرة إنجاز حق العودة. أما المطالبة به والحفاظ عليه كحق لا يسقط بالتقادم، أو يتم التنازل عنه وتجاوزه، فهو أمر مهم طبعاً وضروري، ولكن لا يحتاج بالتأكيد إلى مسيرة أسبوعية متواصلة خاصة مع الثمن أو الأثمان الباهظة والمكلفة جدّاً التى تم ويتم دفعها يوماً بعد يوم أسبوعاً بعد أسبوع.
المسيرة هي أيضاً سلمية وكمن اعتقد دائماً أن المقاومة الشعبية السلمية هي الخيار والأسلوب الأفضل والأنجع بيد الشعب الفلسطيني. فقد كان ذلك صحيحاً طبعاً، إلا أنه حمل دلالة سياسية لا يمكن تجاهلها أو القفز عنها، فالحديث عن السلمية بعد عسكرة تامة وشاملة لغزة، وبعد ثلاث حروب في أقل من خمس سنوات يعني ببساطة ووضوح فشل العسكرة في تحقيق الأهداف الوطنية تحديداً فيما يتعلق برفع الحصار أو تحسين المستوى الاقتصادي الاجتماعي للمواطنين بشكل جدي بما في ذلك إعادة إعمار ما دمرته الحرب، أو الحروب بالأحرى، ومن هنا فإن الحديث أو بالأحرى تبني السلمية كان اعترافا لا لبس ولا شك فيه بفشل الخيار العسكرى الكارثي الذي اتبع في العشر سنوات الأخيرة، وكان أحد أسباب الاقتتال والانقسام وإدامته ثم وصول الحال في غزة إلى ما وصل إليه.
فى السياق نفسه فان المسيرة ولا شك سلمية، وهى حق أصيل للشعب الفلسطينى، فى مواجهة الحصار والاحتلال الاسرائيلى الموصوف لغزة ولو بشكل غير مباشر، إلا أنها جرت و تجرى فى بيئة معسكرة تماماً والمفارقة أن هذه العسكرة عجزت عن حماية المتظاهرين، من الة البطش الإسرائليىة، أو حتى الرد عليها بشكل حازم وفعال، رغم أنها هي من دعتهم للتظاهر السلمي، لتحقيق ما عجزت عنه أساساً والمتمثل برفع الحصار وإنهاء الاحتلال غير المباشر لغزة. المسيرة السلمية من أجل رفع الحصار كانت أيضاً من الناحية السياسية تعبيراً عن فشل عملية المصالحة وحتى اليأس منها، باعتبارها أي المصالحة قادرة قطعا أو على الأقل تمثل خطوة مهمة وجدية نحو رفع الحصار وفتح المعابر – ورفع العقوبات التي كانت بمثابة صبّ للزيت على نار الحصار - وبالتالي لم يكن مصادفة أبداً تزامن انطلاق المسيرة، مع محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله أثناء زيارة قصيرة له لغزة، والتي كانت بمثابة إعلان موت إكلينيكي لعملية المصالحة، قبل الإعلان السياسي الرسمي عن وفاتها، مع حل محمود عباس للمجلس التشريعي وإقالة رامي الحمد الله نفسه، وحكومته المفترض أنها توافقية ومستقلة، من أجل تشكيل حكومة فصائلية سياسية لمواجهة حماس، حكومة تدفن المصالحة وتكرس في الحقيقة الانقسام والانفصال بين الضفة وغزة.
خلال عام طبعاً أظهر الشعب الفلسطيني إرادة صلبة، وقدرة عالية على تقديم التضحيات من أجل الدفاع ولو نظرياً عن حق العودة، كما لرفع الحصار عن غزة، إلا أنه لم يجد الدعم الكافي من البيئة العربية، وحتى الدولية التي تركته وحيداً في مواجهة جيش الاحتلال، مع الانتباه إلى تمكن الفلول والثورة المضادة من مقاليد السلطة والقرار في العالم العربي. وإذا كان النظام المصري الحالي هو عنوان لها، فإن وساطته في سياقيها وبعديها الفلسطيني- الفلسطيني والفلسطيني -الإسرائيلي بدت عاجزة عن تحقيق المصالحة، كما عن رفع الحصار أو منع إسرائيل من التنكيل بالمتظاهرين السلميين.
في السياق الإسرائيلي، وكما أظهرت المسيرة عظمة الشعب الفلسطيني وقضيته المحقة العادلة، فإنها أكدت كذلك طبيعة جيش الاحتلال الذي لم يتورع عن استخدام القوة غير المتناسبة، وحتى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق المتظاهرين السلميين. كما قال تقرير اللجنة الأممية المختصة المكلفة من مجلس حقوق الإنسان بالتحقيق في مسيرة ملابساتها.
إذن خلال عام تقريباً وكما قلنا سابقاً فإن من الصعوبة بمكان الحديث عن إنجازات ملموسة وجدية أقله فيما يتعلق بالشعارات والأهداف المعلنة للمسيرة، فالعودة ليست قريبة، بالتأكيد رغم أنها حتمية طبعاً، والحصار لم يرفع ولا يبدو أن ذلك سيحصل على المدى المنظور الأوضاع، وما تم تقديمه من مساعدات اقتصادية اجتماعية لم يكن قادراً على إحداث تغيير جدي وجذري في مناحي الحياة بغزة، التي وصلت تقريباً إلى حافة الانفجار مع اندلاع حراك الجوعى تحت عنوان بدنا نعيش. أما المصالحة فقد أكدت المسيرة وتداعياتها أنها ميتة سريرياً وسياسياً، خاصة مع الإعلان عن حل المجلس التشريعي والشروع فى تشكيل حكومة سياسية حزبية أحادية ستكرس الانفصال والتباعد المتعمق أصلاً بين الضفة وغزة.
لكن من ناحية أخرى فان استمرار المسيرة بحد ذاته لمدة سنة، وبعيداً عن تحقيق أهدافها الآنية والمباشرة أو عدمه، يؤكد أن الشعب الفلسطينى الجبار لا يستسلم، وهو كان قادرا ومستعدا دوماً لتقديم التضحيات ومواجهة الة البطش الإسرائلية وعدم الخضوع لها، حتى مع وجود قيادة منقسمة بائسة عاجزة عن التوحد والارتقاء لمستوى المسؤولية وتضحيات الشعب، والاجتهاد والسعي لتحويلها إلى إنجازات وطنية سياسية اقتصادية اجتماعية جدية وملموسة.
بداية ومنهجياً فإن الاسم أو الشعار ليس دقيقا أو بالأحرى فإنه حركي بشكل ما. فالمسيرة سعت أساساً إلى رفع الحصار كهدف مركزي رئيسي لها. أما الحديث عن العودة فهو مجرد شعار سياسي أو غطاء ما لمطلب رفع الحصار، وإدراجه ضمن هدف سياسي وطني عام جامع، ولا أعتقد أن أحداً تصور أن بإمكان المسيرة إنجاز حق العودة. أما المطالبة به والحفاظ عليه كحق لا يسقط بالتقادم، أو يتم التنازل عنه وتجاوزه، فهو أمر مهم طبعاً وضروري، ولكن لا يحتاج بالتأكيد إلى مسيرة أسبوعية متواصلة خاصة مع الثمن أو الأثمان الباهظة والمكلفة جدّاً التى تم ويتم دفعها يوماً بعد يوم أسبوعاً بعد أسبوع.
المسيرة هي أيضاً سلمية وكمن اعتقد دائماً أن المقاومة الشعبية السلمية هي الخيار والأسلوب الأفضل والأنجع بيد الشعب الفلسطيني. فقد كان ذلك صحيحاً طبعاً، إلا أنه حمل دلالة سياسية لا يمكن تجاهلها أو القفز عنها، فالحديث عن السلمية بعد عسكرة تامة وشاملة لغزة، وبعد ثلاث حروب في أقل من خمس سنوات يعني ببساطة ووضوح فشل العسكرة في تحقيق الأهداف الوطنية تحديداً فيما يتعلق برفع الحصار أو تحسين المستوى الاقتصادي الاجتماعي للمواطنين بشكل جدي بما في ذلك إعادة إعمار ما دمرته الحرب، أو الحروب بالأحرى، ومن هنا فإن الحديث أو بالأحرى تبني السلمية كان اعترافا لا لبس ولا شك فيه بفشل الخيار العسكرى الكارثي الذي اتبع في العشر سنوات الأخيرة، وكان أحد أسباب الاقتتال والانقسام وإدامته ثم وصول الحال في غزة إلى ما وصل إليه.
فى السياق نفسه فان المسيرة ولا شك سلمية، وهى حق أصيل للشعب الفلسطينى، فى مواجهة الحصار والاحتلال الاسرائيلى الموصوف لغزة ولو بشكل غير مباشر، إلا أنها جرت و تجرى فى بيئة معسكرة تماماً والمفارقة أن هذه العسكرة عجزت عن حماية المتظاهرين، من الة البطش الإسرائليىة، أو حتى الرد عليها بشكل حازم وفعال، رغم أنها هي من دعتهم للتظاهر السلمي، لتحقيق ما عجزت عنه أساساً والمتمثل برفع الحصار وإنهاء الاحتلال غير المباشر لغزة. المسيرة السلمية من أجل رفع الحصار كانت أيضاً من الناحية السياسية تعبيراً عن فشل عملية المصالحة وحتى اليأس منها، باعتبارها أي المصالحة قادرة قطعا أو على الأقل تمثل خطوة مهمة وجدية نحو رفع الحصار وفتح المعابر – ورفع العقوبات التي كانت بمثابة صبّ للزيت على نار الحصار - وبالتالي لم يكن مصادفة أبداً تزامن انطلاق المسيرة، مع محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله أثناء زيارة قصيرة له لغزة، والتي كانت بمثابة إعلان موت إكلينيكي لعملية المصالحة، قبل الإعلان السياسي الرسمي عن وفاتها، مع حل محمود عباس للمجلس التشريعي وإقالة رامي الحمد الله نفسه، وحكومته المفترض أنها توافقية ومستقلة، من أجل تشكيل حكومة فصائلية سياسية لمواجهة حماس، حكومة تدفن المصالحة وتكرس في الحقيقة الانقسام والانفصال بين الضفة وغزة.
خلال عام طبعاً أظهر الشعب الفلسطيني إرادة صلبة، وقدرة عالية على تقديم التضحيات من أجل الدفاع ولو نظرياً عن حق العودة، كما لرفع الحصار عن غزة، إلا أنه لم يجد الدعم الكافي من البيئة العربية، وحتى الدولية التي تركته وحيداً في مواجهة جيش الاحتلال، مع الانتباه إلى تمكن الفلول والثورة المضادة من مقاليد السلطة والقرار في العالم العربي. وإذا كان النظام المصري الحالي هو عنوان لها، فإن وساطته في سياقيها وبعديها الفلسطيني- الفلسطيني والفلسطيني -الإسرائيلي بدت عاجزة عن تحقيق المصالحة، كما عن رفع الحصار أو منع إسرائيل من التنكيل بالمتظاهرين السلميين.
في السياق الإسرائيلي، وكما أظهرت المسيرة عظمة الشعب الفلسطيني وقضيته المحقة العادلة، فإنها أكدت كذلك طبيعة جيش الاحتلال الذي لم يتورع عن استخدام القوة غير المتناسبة، وحتى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق المتظاهرين السلميين. كما قال تقرير اللجنة الأممية المختصة المكلفة من مجلس حقوق الإنسان بالتحقيق في مسيرة ملابساتها.
إذن خلال عام تقريباً وكما قلنا سابقاً فإن من الصعوبة بمكان الحديث عن إنجازات ملموسة وجدية أقله فيما يتعلق بالشعارات والأهداف المعلنة للمسيرة، فالعودة ليست قريبة، بالتأكيد رغم أنها حتمية طبعاً، والحصار لم يرفع ولا يبدو أن ذلك سيحصل على المدى المنظور الأوضاع، وما تم تقديمه من مساعدات اقتصادية اجتماعية لم يكن قادراً على إحداث تغيير جدي وجذري في مناحي الحياة بغزة، التي وصلت تقريباً إلى حافة الانفجار مع اندلاع حراك الجوعى تحت عنوان بدنا نعيش. أما المصالحة فقد أكدت المسيرة وتداعياتها أنها ميتة سريرياً وسياسياً، خاصة مع الإعلان عن حل المجلس التشريعي والشروع فى تشكيل حكومة سياسية حزبية أحادية ستكرس الانفصال والتباعد المتعمق أصلاً بين الضفة وغزة.
لكن من ناحية أخرى فان استمرار المسيرة بحد ذاته لمدة سنة، وبعيداً عن تحقيق أهدافها الآنية والمباشرة أو عدمه، يؤكد أن الشعب الفلسطينى الجبار لا يستسلم، وهو كان قادرا ومستعدا دوماً لتقديم التضحيات ومواجهة الة البطش الإسرائلية وعدم الخضوع لها، حتى مع وجود قيادة منقسمة بائسة عاجزة عن التوحد والارتقاء لمستوى المسؤولية وتضحيات الشعب، والاجتهاد والسعي لتحويلها إلى إنجازات وطنية سياسية اقتصادية اجتماعية جدية وملموسة.