شرق أوكرانيا إلى الانفصال .. وكييف تحّذر

11 مايو 2014
مواطنون في لوغانسك يستعلمون آلية الاستفتاء (ديمتر ديلكوف/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

حذر الرئيس الأوكراني المؤقت أولكسندر تيرتشينوف، مواطني المناطق الشرقية التي تشهد انتفاضة موالية لروسيا، من أنهم سيواجهون كارثة إذا صوتوا "بنعم" في استفتاء الاستقلال، اليوم الأحد.

ويستعدّ الانفصاليون في منطقتي دونيتسك ولوغانسك، في شرق أوكرانيا، لإجراء استفتاء على استقلال المنطقتين، في حين يحدد التصويت (الذي يجري من دون وجود رقابة واضحة على صحة أوراق الاقتراع أو قوائم الناخبين) ما إذا كانت حكومة كييف المدعومة من الغرب والمناطق الشرقية الموالية لروسيا ستتوصلان إلى تسوية، أم أن أوكرانيا ستنزلق إلى حرب أهلية. وتصاعدت حدة العنف في منطقتي دونيتسك ولوغانسك اللتين سيُجرى فيهما التصويت.

وقال تيرتشينوف، على صفحته على الانترنت، إنه "يحدث إرهاب مروّع بدعم قطاع كبير من السكان المحليين. إنها مشكلة معقدة عندما ينخدع الناس بدعاية (روسية) تؤيد إرهابيين".

وحثّ تيرتشينوف المناطق الشرقية على رفض "جمهورية دونيتسك الشعبية" التي أعلنها الانفصاليون الناطقون بالروسية، والذين يسيطرون على عدد من المدن في أعقاب الاشتباكات والاضطرابات المستمرة منذ أسابيع.

وناشد تيرتشينوف القوى السياسية في شرق أوكرانيا الانضمام إلى محادثات "حول مائدة مستديرة"،  أما عن المقاتلين الذين احتلوا مبان للشرطة والحكومة، فقال إنه لا يمكن مشاركة "الارهابيين".

وأضاف، على موقعه الالكتروني، إن الانفصال عن أوكرانيا "سيكون خطوة نحو الهاوية لهذه المناطق". وأضاف: "المؤيدون للحكم الذاتي لا يفهمون أنه سيعني الدمار التام للاقتصاد والبرامج الاجتماعية والحياة بوجه عام بالنسبة لأغلبية السكان في هذه المناطق".

وأوضح أن "هناك بعض المواطنين الذين يدعمون الانفصاليين في إقليم دونيتسك شرق البلاد، ولولا هذا الدعم ما وقعت الأحداث التي شهدتها مدينة ماريوبول"، في إشارة إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى خلال اشتباكات يوم الجمعة الماضي.

وذكر تيرتشينوف أن الوضع في مدينة ماريوبول يعتبر أحد أكبر العقبات التي تواجه استمرار عمليات مكافحة الإرهاب، مضيفاً: "فلولا دعم المواطنين، ما كان بمقدور الانفصاليين أن يهاجموا بهذا الشكل العنيف".

وسيكون انفصال دونيتسك ولوغانسك (وهما الحزام المنتج للفحم والحديد الذي يمثل 16 في المئة من الانتاج الاقتصادي لأوكرانيا) ضربة ثانية ساحقة لكييف. وكانت روسيا ضمّت منطقة القرم الأوكرانية في مارس/ آذار الماضي، بعد وقت قصير من الإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش، الموالي لموسكو، في احتجاجات شعبية.

وفي سلافيانسك، أقوى معقل للانفصاليين، أغلقت الطرق بحواجز من الاطارات والأثاث والحديد الخردة. وقال رئيس بلدية سلافيانسك الموالي لروسيا، فياشيسلاف بونوماريوف، في مؤتمر صحافي، إنه يتوقع أن تصل نسبة الاقبال على التصويت 100 في المئة. ووصف القائم بأعامل رئيس أوكرانيا وحكومته بأنهم "عصابة".

وحدد بونوماريوف شروطاً للمحادثات مع كييف، على الرغم من أنه لن يكون على الأرجح شريكاً مقبولاً للتفاوض. وقال إن هذه الشروط تتمثل في انسحاب القوات الأوكرانية وتبادل السجناء. وأضاف: "لن نكون مستعدين لأي محادثات إلا بعد تلبية هذه الشروط. إذا واصلت العصابة (الحاكمة في أوكرانيا) الاحتفاظ بقواتها هنا، سنواصل القتال".

وقامت مجموعة من الموالين لروسيا، يضعون خوذات على رؤوسهم ويحمل بعضهم هراوات، بإقامة حواجز على الطرق من الاطارات وصناديق القمامة. وكان الدخان لا يزال ينبعث من مبنى الادارة المحلية الذي احترق جزئياً. ولا تزال القوات الأوكرانية ترابط على مشارف البلدة.

وفي مدينة دونيتسك، أفرج الانفصاليون عن عدد من العاملين في "الصليب الأحمر" بعد احتجازهم لسبع ساعات. وقال مسؤول من الصليب الأحمر في كييف إن أحدهم تعرّض للضرب.

وجدد الخاطفون اتهام عناصر "الصليب الأحمر" بـ"التجسس"، وقال ثلاثة أشخاص ملثمين ومسلحين من الانفصاليين، في مؤتمر صحافي عقدوه في مقر الادارة المحلية: "إننا لم نضربهم ولم نعذبهم. تحدثنا إليهم فقط ثم أفرجنا عنهم".

ميركل وهولاند يهدّدان

في غضون ذلك، هددت كل من المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بفرض عقوبات صارمة على روسيا في حال عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا في 25 مايو/ أيار الجاري.

وأكد ميركل وهولاند، في بيان مشترك عقب لقائهما، السبت، في مدينة سترالسوند، شمالي ألمانيا، "العمل سوياً لمواجهة الأحداث والأزمة التي تشهدها أوكرانيا"، مشيرين إلى أن مواضيع "إجراء الانتخابات الرئاسية الأوكرانية، وتخفيف التوتر، وإجراء حوار وطني، والعملية الدستورية، والتعاون الاقتصادي"، تعتبر على رأس أولويات البلدين.

وطالب البيان بإجراء الانتخابات في أوكرانيا تحت إشراف مراقبي "منظمة الأمن والتعاون الأوروبية" وبشكل صحيح، ولفت إلى أن "الاستفتاءات المُطالَب بإجرائها في المناطق الشرقية من أوكرانيا غير شرعية".

وأشار البيان إلى أنه "في حال عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا فسيؤدي ذلك إلى المزيد من عدم الاستقرار، وستطبّق عندئذ فرنسا وألمانيا ما اتخذته المفوضية الأوروبية في 6 مارس/ آذار 2014".

وأعرب المسؤولان عن أسفهما الشديد لوقوع قتلى في مدينتي أوديسا وماريوبول، مؤكدان على ضرورة أن تكف جميع الأطراف عن العنف والأعمال الاستفزازية، كما جددت ميركل وهولاند دعوتهما لإجراء حوار وطني في أوكرانيا، مطالبين "الحكومة الأوكرانية وممثلي المناطق بإجراء مباحثات قبيل الانتخابات المزمع إجراؤها".

وكانت المفوضية الأوروبية اتخذت قراراً، في 6 مارس/ آذار الماضي، يقضي بمنع دخول مواطنين روس إلى أوروبا، وتجميد حساباتهم البنكية في أوروبا، وفرض عقوبات اقتصادية قاسية. 

كيري يتصل بلافروف وياتسينوك

في غضون ذلك، تناول وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، آخر تطورات الأوضاع في أوكرانيا في اتصالين هاتفيين منفصلين أجراهما مع كل من نظيره الروسي، سيرغي لافروف، ورئيس الحكومة الأوكرانية المؤقت، أرسيني ياتسينوك، بحسب الناطقة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي.

وأوضحت بساكي، في المؤتمر الصحافي اليومي لها، أن الوزير الأميركي تناول مع لافروف وياتسينوك، الخطوات المستمرة من أجل تهدئة الأوضاع في أوكرانيا، مشيرة إلى أن رئيس الحكومة الأوكرانية أطلع كيري، خلال الاتصال الذي جرى بينهما، على الوضع الأمني في أنحاء البلاد، والجهود المبذولة للحفاظ على ضبط النفس، فضلاً عن الترتيبات الأخيرة للانتخابات الرئاسية التي من المنتظر أن تشهدها البلاد في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.

ولفتت بساكي إلى أن كيري ولافروف تناولا الجهود التي تبذلها منظمة "الأمن والتعاون الأوروبي"، وغيرها من الجهات المعنية للسيطرة على الأوضاع، موضحة أنهما تحدثا كذلك بشأن الأزمة السورية، ولا سيما جهود نقل الأسلحة الكيميائية خارج حدود البلاد.

وفي رد منها على أسئلة متعلقة بآخر التطورات في شرق أوكرانيا وجنوبها، دانت بساكي أحداث العنف التي أدت إلى سقوط قتلى في مدينة ماريوبول، في إقليم دونيتسك شرق البلاد، التي تشهد موجة من الاحتجاجات.

وأضافت أن واشنطن "تدين أعمال العنف التي تؤدي إلى سقوط قتلى، وسوف نستمر في مناشدة الجماعات الانفصالية المسلحة لترك سلاحها الذي تهدد به النظام الاجتماعي، وتنتهك القوانين الأوكرانية، وتحتل المباني العامة".

المساهمون