سياحة العراق الدينية على طريق الانهيار بسبب عقوبات إيران

سياحة العراق الدينية على طريق الانهيار بسبب العقوبات على إيران

15 اغسطس 2018
مقام الإمام علي من أبرز المواقع جذباً للإيرانيين(فرانس برس)
+ الخط -

تعيش مدينة النجف جنوب بغداد، أزمة اقتصادية حادة بعد فرض العقوبات الأميركية على طهران، ما أدى إلى تراجع أعداد الزوار الإيرانيين وتحول فنادقها الى مبان خاوية وركود محالها التجارية.

والمدينة التي تحتضن مرقد الإمام علي بن أبي طالب (أول الأئمة المعصومين لدى الشيعة الإثني عشرية) وترتفع فوقه منارة ذهبية وتحيطه جدران مزينة بالأحجار والآيات القرآنية، إحدى أبرز العتبات المقدسة لدى الشيعة في العالم.

ويتوافد إلى النجف كل عام، نحو مليون ونصف المليون زائر، باستثناء المشاركين في الزيارة الأربعينية التي تعد أكبر تجمع شيعي يشارك فيه الملايين.

وأكد رئيس هيئة اتحاد فنادق النجف، صائب أبو غنيم، لفرانس برس، أن "أكثر من 85% من الزوار يصلون من إيران".
وتتوزّع في شوارع النجف (150 كلم جنوب بغداد)، علامات لإرشاد المارة باللغة الفارسية وهي متداولة بشكل واسع بين السكان حتى بين النساء. لكن أعداد الزوار مرشحة للانخفاض الى حد كبير هذا العام، لأن سعر صرف الريال الإيراني سجل هبوطاً لأكثر من ثلثي قيمته خلال ستة أشهر.

الريال الإيراني فقد قيمته

تمكن فرزاد رضا الذي يضع حول عنقه شريطاً بألوان العلم الإيراني لمكتب سفريات إيراني، دفع ثمن رحلته الى النجف. ورجح هذا الرجل صاحب الشارب الكثيف أن يكون عدم توافد الايرانيين الى العراق "بسبب فقدان الريال قيمته".

وأعادت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، فرض عقوبات قاسية على اقتصاد الجمهورية الإسلامية المتدهور أصلاً. وتدهورت قيمة الريال حالياً إلى 120 ألفاً مقابل الدولار في سوق صرف العملات.

ويتطلب الدخول الى العراق الحصول على تأشيرة يدفع ثمنها بالعملة الصعبة. ويقول مقدباند مهربان، أحد الزوار الإيرانيين القلائل الذين وصلوا النجف انه دفع مبلغ 40 دولاراً، كما هو حال آخرين من أبناء جلدته للحصول على تأشيرة لدخول العراق.

وأضاف أبو مهدي أن "سوق العملات متقلب ولا يوجد دعم حكومي، لذا، (أصبح) عدد الزوار الإيرانيين أقل".
وتقتصر السياحة في العراق على المجال الديني وتتمركز بصورة رئيسية في النجف وكربلاء، إضافة إلى مدن أخرى تضم مراقد شيعية مثل سامراء، شمال بغداد.

السياحة الدينية قطاع حيوي

من المتوقع ان يؤدي وقف رحلات الزوار الإيرانيين الى المراقد الشيعية في العراق، إلى تداعيات وخيمة على قطاع واسع يعمل فيه نحو 544 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر وفقا لإحصاءات عام 2017.

ويشكل مبلغ 5 مليارات دولار من عائدات السياحة الدينية نسبة 3% من إجمالي الناتج المحلي، وفقاً للمجلس العالمي للسياحة والسفر.

وبدا التأثير واضحاً، مع البدء بتنفيذ العقوبات، على مدينة النجف التي تستعد لاستقبال زوار لأحياء مناسبات دينية خلال أغسطس/ آب الحالي.

ويؤكد أبو غنيم "إلغاء العديد من حجوزات الفنادق، مع انخفاض كبير في عدد الزوار"، مشيراً إلى عدم توفر إحصاءات دقيقة عن شاغلي الفنادق البالغ عددها 285 في النجف.
وفي مطار النجف، حيث كانت هناك 35 رحلة جوية يومياً بين البلدين الجارين، لم تغادر اليوم سوى 12 رحلة فقط تقل زواراً عراقيين متوجهين الى مراقد شيعية في إيران، وفقاً لمسؤولين في هذا المرفق.

ولمواجهة الأزمة، "خفضت بعض الفنادق الأسعار 50% أحياناً"، بحسب يوسف أبو طابوق، صاحب فندق "البلد الأمين" في النجف.

وأضاف أبو طابوق (85 عاماً) أن العروض لم تغير شيئاً، مؤكداً أن "السوق في حالة انهيار" من دون الزوار الإيرانيين.

وتُعد إيران ثاني بلد بعد تركيا من حيث حجم التبادلات التجارية مع العراق، وبلغت خلال العام الماضي نحو 6.7 مليارات دولار ، وفقاً لمصدر رسمي في وزارة التجارة.

(فرانس برس)

المساهمون