سورية ومجلس الأمن: مشروعا قرارين روسي وفرنسي ومبادرة إيرانية

سورية ومجلس الأمن: مشروعا قرارين روسي وفرنسي ومبادرة إيرانية

14 مايو 2014
مشروع القرار الروسي ينصّ على المساعدات الانسانية (فرانس برس/getty)
+ الخط -

بدا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حائراً، مساء الثلاثاء، وهو يتحدث عن الخليفة المحتمل للمبعوث الدولي المستقيل، الأخضر الإبراهيمي، وأشار إلى حاجته للتفكير مطولاً وعميقاً بمن سيخلف الدبلوماسي الجزائري، إذ سيجسّد ذاك الاسم المنتظر السياسة الدولية المقبلة لمجلس الأمن تجاه سورية. وفي غضون ذلك، كثرت التصريحات والتحركات الدبلوماسية والدولية في الشأن السوري، لكنها بدت "حركة بلا بركة". آخر السيناريوهات تحدث عنه الإبراهيمي، في تصريحه الوداعي في نيويورك.

أشار الإبراهيمي إلى وجود اقتراح إيراني مؤلّف من أربع نقاط غايتها تأجيل الانتخابات الرئاسية السورية في حال الموافقة على الالتزام بتنفيذ "السلّة المتكاملة". غير أن الابراهيمي أظهر تشاؤماً حيال إمكانية تنفيذ هذا الاقتراح، "لأن النظام السوري عازم على إجراء الانتخابات" التي رأى الابراهيمي أنها تعيق تجديد مباحثات الجولة الثالثة من "جنيف 2". ولخص الإبراهيمي النقاط الأربعة بأنها تتضمن: وقف إطلاق النار، وتحقيق الوحدة الوطنية، ومراجعة الدستور السوري، وتأجيل الانتخابات السورية، على أن تُنظَّم انتخابات رئاسية وبرلمانية في وقت لاحق.

وتفاعل البيت الأبيض إعلامياً مع هذه المبادرة، فاشترط المتحدث باسم الرئاسة الأميركية، جاي كارني، تأجيل الانتخابات الرئاسية السورية المقررة في الثالث من الشهر المقبل أولاً، إضافة إلى تشكيل حكومة انتقالية توافقية لاستئناف الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف 2، لكنه عاد ليكشف أن النظام السوري رفض الاستجابة لهذه المطالب حتى الآن.

ويأمل بعض المحللين السياسيين أن يسهم التقارب الإيراني ــ السعودي الأخير، الذي عبّرت عنه دعوة الرياض لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف بزيارتها، في إمكانية التوصل إلى حل ما، من خلال الضغط على كل من النظام السوري والمعارضة المسلحة من أجل التوصل إلى تسوية.

لكن المسرح الدبلوماسي الدولي في نيويورك لم يخلُ من سيناريو ثانٍ، لمّح إليه السفير الروسي في مجلس الأمن، فيتالي تشوركين، من دون أن يتطرق إلى تفاصيله. وقال تشوركين إن "البعثة الروسية قدمت مسودة قرار لمجلس الأمن تتطرق للوضع الإنساني، وتأخذ اتفاقية حمص الأخير كنقطة انطلاق". وأعرب عن أمله أن تؤدي مسودة مشروع القرار الروسي إلى التقدم على صعيد المسار السياسي، مشدداً على أهمية عقد الجولة الثالثة من محادثات "جنيف 2".

أما السيناريو الثالث، فهو الاقتراح الفرنسي الذي يهدده الفيتو الروسي، بعدما سبقه امتعاض أميركي. وتتلخص مسودة مشروع اقتراح القرار الفرنسي، بإحالة النظام السوري وأطراف من المعارضة إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وحاولت فرنسا الإمساك بالعصا من الوسط كي ترضي كلا الطرفين الأميركي والروسي.

وتفيد تقارير صحافية عدة، أبرزها نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" حول الموضوع، بأن واشنطن لم تكن متحمسة للاقتراح الفرنسي، وعندها تحفظات عليه، مما حدا بالجانب الفرنسي إلى أخذ التحفظات الأميركية بعين الاعتبار، قبل توزيع مشروع المسودة يوم الإثنين على الدول الأعضاء، وهو الذي يُتوقع مناقشته اليوم الأربعاء. وأحد أسباب تحفظات الولايات المتحدة على المشروع، كانت تكمن في أن واشنطن لم توقع على "اتفاقية روما" المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية، مما يعني أن أي تدخل أميركي محتمل في سورية، من الممكن أن يؤدي إلى ملاحقة جنودها وحلفائها، وفي مقدمتهم إسرائيل في ما يتعلق باحتلال الجولان السوري. لذلك، راعت فرنسا في المسودة المطروحة للنقاش حالياً، المخاوف الأميركية تلك، فاستثنت المسؤولين الحاليين أو السابقين أو مواطني البلدان التي لم تصادق على اتفاقية روما، ما عدا النظام السوري والميليشيات الداعمة له وعناصر من المعارضة المسلحة. وفي الوقت الذي أزيلت فيه العقبات أمام الموافقة الأميركية لدعم مسودة مشروع القرار الفرنسي، يبدو أن المشاكل لا تزال قائمة حيال الفيتو الروسي، حتى لو تضمن مشروع القرار إشارة إلى العناصر المعارضة المسلحة، وحتى لو نصّ على تقديم هؤلاء إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ولأن النظام السوري لم ينضم إلى "اتفاقية روما"، فهذا يستدعي قراراً من مجلس الأمن لتقديم أي من مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية فيه إلى المحاكمة الدولية التي تحتاج بشكل إلزامي إلى مثل هكذا قرار، لكي تتمكن من محاكمة العناصر السورية المختلفة، على غرار ما قامت به مع نظام معمر القذافي في ليبيا عام 2011.

المساهمون