سورية هزيمة الأمم المتحضرة

01 يونيو 2014
+ الخط -
بقدر كبير من "التفاؤل"، وبعيداً عن أي "تشاؤم"، أو "تشاؤل"، يمكنني أنّ أقول إنّ "سورية الوطن" غرقت في أتون الهزيمة الشاملة، لسنوات طويلة قادمة، و"سورية الإنسان" خذلها العالم أيما خذلان.
منذ القرار الجائر والظالم واللاأخلاقي الذي اتخذته الأمم المتحدة، ممثلة الأمم المتحضرة، بوقف عد الضحايا عند الرقم 100 ألف ضحية، وسورية تنزف، وتئن بدموية مفرطة، وكأنّها في كوكب آخر
ماذا ينتظر العالم؟ المزيد من القتلى؟ المزيد من الأطفال المشردين؟ المزيد من نجاسة السياسات الدولية والتوازنات الإقليمية؟ أي شخص ذي لب، ولديه أبسط قواعد المنطق، سيعرف أنّ سورية في طريقها إلى الجحيم، بغض النظر عن الطرف المنتصر فيها، وعلى العالم كله أنّ يقف وقفة جادة مع هذا البلد، لا أنّ يتركه نهشاً لمستقبل مظلم، مع منتصرين سيزيدون دماره.
تخيل أنّ نظاما برقبته كل هذا الدم، مهلهل سياسياً، منهار اقتصادياً، لا شكل له من أشكال الشرعية، يقف أمام جثة "حراك شعبي مُجهض"، إنها الكارثة بحد ذاتها، مع ما يضاف إلى ذلك من عقلية النظام الميليشيوية بالانتقام من خصومه، وعقليته الأمنية، ذات البعد الثأري (وبالمناسبة هذا السبب أحد أهم عوامل رفد الثورة السورية بالعناصر البشرية، فأي شخص مطلوب في سورية من النظام على كلمة قالها مثلاً، صار ينضم للثوار، لأنه يعرف أنّه ميت لا محالة على يد النظام لو اعتقله)، "ليكمل النقر بالزعرور" على سورية الوطن. ونجد أنّ النظام، لو انتصر، سيكون تابعاً، بالمعنى الحرفي للكلمة، لمن دعموه، وهم إيران وحزب الله الذين سيكونون مركز قوى مجتمعي وأمني واقتصادي، فهؤلاء ليسوا جمعية خيرية، وهم يدفعون الآن دماً ومالاً ليحصدوه نفوذاً في "سورية الوطن"، لو استقر لهم الأمر.
يستبشر بعضهم خيراً، ويقول: "النظام لن ينتصر"، حسناً، نذكركم أنّ على المقلب المقابل للنظام هناك "الثورة"، وهي مجموعات لا منظمة، وفيها قوى إرهابية متطرفة، وتحتوي على مجرمين وقطاع طرق، وهناك قوى سياسية لها طموحات سلطوية، وناشطون ثوريون هائمون على وجوههم، يبحثون عن أهاليهم وعن مدنهم المحروقة! انتصار هؤلاء أيضاً يتطلب تدخل العالم، خصوصاً مع تشابك المصالح بين الدول الداعمة، على نحو سيدخل البلاد في صراعات نفوذ أخرى، لن يحسمها سوى إرادة دولية مخلصة ومتحضرة.
يحتاج الموضوع وقفة مسؤولة من العالم، سورية ليست بلداً معزولاً في القطب الجنوبي، بل تتوسط الكرة الأرضية، وسيترحم العالم على أفغانستان وإرهابها، مقارنة بما سيرونه من سورية التي كبر فيها جيل جديد الآن على الدم ورائحة البارود والقتل. على الدول المعنية أنّ تتدخل بقوات أممية مفوضة من مجلس الأمن، تفصل بين المتحاربين، وتحمي المدنيين، وتحول دون احتراق المنطقة والعالم عشرات السنوات المقبلة.
 
 
 
0318F4A2-63C4-46B1-A66F-EAAA865E79DE
0318F4A2-63C4-46B1-A66F-EAAA865E79DE
إبراهيم الزايد (سورية)
إبراهيم الزايد (سورية)