سورية: حذر من الغارات واجماع على الخذلان بمناطق المعارضة

سورية: حذر من الغارات واجماع على الخذلان بمناطق المعارضة

25 سبتمبر 2014
حركة نزوح إلى المناطق الخالية من مقرات التنظيمين (الأناضول)
+ الخط -

تفاوتت ردود فعل المدنيين في الشارع السوري، بشأن غارات "التحالف الدولي"، الذي بدأ أولى ضرباته الجوية في سورية، أول أمس (الثلاثاء)، مستهدفاً مراكز تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، ومقار لـ"جبهة النصرة" في محافظات دير الزور، والرقة، وإدلب، وحلب والحسكة.
في دير الزور، وتحديداً في مدينة "البوكمال" الحدودية، حيث نفذت طائرات التحالف أكثر من 24 غارة جوية، شهدت المدينة حالة من الخوف والهلع، وسط موجة نزوح إلى القرى المجاورة.
يستعيد محمد يونس، مدرّس في مدينة البوكمال، وعضو مجلس محلي سابق، اللحظات التي تلت الغارات والخوف الذي اعترى الأهالي. ويقول لـ"العربي الجديد" "ما أن انتهت الغارات، حتى بدأ النزوح إلى قرى مجاورة، خاضعة لسلطة التنظيم، لكنّها لا تضمّ مقار له، وهو ما يجعلها أكثر أماناً من المدينة". ويؤكّد يونس أنّ أهالي البوكمال "ضاقوا ذرعاً من سيطرة تنظيم "داعش"، ولكن في الوقت ذاته يتخوفون من استهداف المدنيين ضمن الغارات"، مضيفاً: "إذا لم تنه هذه الغارات نظام الأسد وتنظيم "الدولة"، على حدّ سواء، فهي بلا نتيجة".
على بعد 180 كيلومتراً من دير الزور، تقع محافظة الرقة، والتي كان لها نصيبها من غارات التحالف، مع أكثر من 20 غارة استهدفت مراكز "داعش" في المدينة وريفها، في وقت يزداد فيه توتّر السكان، نتيجة سيطرة التنظيم على كامل المحافظة.
ويقول الناشط الإغاثي مرهف الخلف، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الغارات أضاءت عند الرابعة فجراً ليل الرقّة، وسط ذعر الأهالي"، موضحاً أنّ "غالبية الناس يرغبون في إخراج "داعش" بأي طريقة، لكن بمجرد بدء الغارات، شعر الجميع بجديّة الموضوع، وكانت الأجواء أشبه بالمقاطع المصورة التي شاهدناها في حرب العراق"، على حدّ تعبيره.

وعلى الرغم من إخلاء التنظيم لأغلب مقاره في المدينة، لكنّ الخشية تبدو كبيرة من استهداف مراكز مدنيّة، ناهيك عن إدراك السكان أنّ الضربات الجوية لن تفيد، خصوصاً في الرقة، حيث يتمترس التنظيم ويسيطر على المدينة بالكامل. ويوضح الخلف أنّ "المدنيين ينتظرون إنهاء السبب الرئيس لمعاناتهم والمتمثل في نظام بشار الأسد".

سخط من الغارات
وإذا كانت آراء عيّنة من السوريين، شرق البلاد، تتراوح بين الخوف والحذر، يبدو أنّ السوريين في الشمال، وتحديداً في ريف إدلب، أكثر سخطاً تجاه أولى غارات التحالف، خصوصاً بعد استهدافها خمسة مواقع في قرية كفردريان، في الريف الشمالي للمدينة، طالت أربعة منها مداجن شرقي القرية، تتخذها جبهة النصرة مقار لها ومستودعات للأسلحة. واستهدف الصاروخ الخامس مبنى من طابقين، يقطنه نازحون، مما أسفر عن سقوط عشرة قتلى مدنيين ونحو 15 جريحاً.
وبانفعال وغضب، يقول مالك مشرف، أحد عناصر الدفاع المدني في مدينة إدلب لـ"العربي الجديد": "هذا أول الغيث، إذ كان أول ضحايا قصف التحالف لـ"داعش"، من المدنيين في إدلب، وهذه الضربات ستزيد الطين بلّة". ويضيف "مسبّب "داعش" موجود بقصره في دمشق، وكان أولى توجيه تلك الصواريخ إليه، أما التنظيم فتسليح الجيش الحر كفيل بإنهائه".

وفي ريف إدلب، خرجت تظاهرة رافضة للتحالف في بلدة كفر روما، ومطالبة بوقف غاراته. ويبرّر مازن عيدو، أحد منسقي التظاهرة، خروج التظاهرة بالقول لـ"العربي الجديد": "لسنا مع داعش، ولكن أن نُقتل طيلة 3 سنوات، بمختلف أنواع الأسلحة على يد نظام إرهابي، لا يقلّ إجرامه عن "داعش"، ومليشيات مرتزقة إلى جانبه، ولا يتحرّك العالم، لينتفض اليوم لإيقاف خطر التنظيم، فهذا مستفز".  ويبدي أسفه لأن "فاتورة الخطوة الأولى كانت من المدنيين، فكيف إذا استمرت بقية الخطوات التي لا نعرف إن كانت تسير باتجاه دعم الثورة أو نظام الأسد".

إجماع على الخذلان
يرى عضو التجمع المدني "حلب الحرة"، منذر الخياط، وتعليقاً على استهداف مقاتلات التحالف مراكز للنصرة في مدينة الأتارب في ريف حلب أنّ "التحالف لم يأت لخدمة الشعب السوري، وإنما لزيادة معاناته"، لافتاً إلى أنّ "استهداف النصرة سيزيد من الحاضنة الشعبية لها".

ويقول لـ"العربي الجديد": "النصرة فصيل مشهود له في معارك الثورة السوريّة ضدّ النظام، ربما تتبع جذوره للقاعدة، لكن كان هناك إمكانية لتطويع عناصره ودمجهم مع كتائب أخرى، خصوصاً أنّ الأغلبية من السوريين".

ويتابع: "أغلب الناس هنا يرفضون التحالف، بعد فقدانهم الثقة في كل دول المنطقة، التي تركت الشعب السوري لمصيره خلال 4 أعوام"، معرباً عن اعتقاده بأنّ "الولايات المتحدة تتدخّل بالقدر الذي يضمن مصالحها ومصالح الدول الحليفة معها، لا مصالح السوريين".
ويضيف: "من ذلّ السوريين في مخيم الزعتري، لن يدافع عنهم بطائراته اليوم"، في إشارة إلى الأردن.

وفي الوقت الذي يستهدف فيه التحالف الدولي المحافظات السورية الخارجة عن سيطرة الأسد، تشهد العاصمة دمشق ترقباً كبيراً، وتختلف آراء سكانها بين مؤيد ومعارض للنظام. يبدي مؤيدو الأسد خوفاً شديداً من تقدّم الجيش الحر من جهة "الغوطة الشرقية" إلى العاصمة، مستغلاً الظروف، في حين تأتي مخاوف المعارضين في دمشق من استغلال النظام لانشغال المجتمع الدولي وتكثيف عملياته العسكرية ضد المدنيين في مختلف المناطق السورية. والمفارقة أن كثيرين من الجهتين، يرددون العبارة ذاتها: "لن يحدث أكثر مما حدث"، في إشارة إلى حالة اليأس والخذلان التي يشعر بها السوريون، بعد أن ذاقوا مختلف أنواع الموت، على أيدي جهات عدّة وتحت شعارات مختلفة، من الكيماوي، مروراً بالبراميل المتفجّرة، وصولاً إلى صواريخ "التوماهوك".

المساهمون