سورية: "شعبة المعلومات" المعارِضة على خطى النظام

سورية: "شعبة المعلومات" المعارِضة على خطى النظام

18 فبراير 2015
أُّثّرت الخلافات الداخلية في نوعية "الشعبة" (صالح محمود ليلى/الأناضول)
+ الخط -
ازدادت حالات الاختراق داخل صفوف المعارضة السورية، وخصوصاً في الشقّ العسكري، بعد تكرار حوادث إلقاء القبض على عملاء للنظام وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الأشهر الأخيرة. واضطلع العملاء بالقيام بعمليات تفخيخ وتفجير واغتيال وتسميم لمقاتلي المعارضة، بالإضافة إلى تزويد النظام و"داعش" بالمعلومات العسكرية. وكان أبرز هذه الاختراقات، عملية اغتيال قادة حركة "أحرار الشام" في سبتمبر/أيلول الماضي.

وبعد استهداف "أحرار الشام"، عملت كافة الفصائل المقاتلة على الأرض على تشكيل "شعبة المعلومات"، لتكون تابعة للمؤسسة الأمنية في "الجبهة الإسلامية"، على أن تقتصر مهمتها على جمع المعلومات سراً، والبحث عن الخلايا النائمة في ما يتعلق بالتخابر مع النظام و"داعش"، أو ارتكاب أعمال معادية للمعارضة.

توقفت أعمال الشعبة بسبب الانشغال بتجهيز مكاتب "الجبهة الشامية"، التي تأسست بفعل اندماج أقوى كتائب المعارضة في حلب، لكن الناشط الإعلامي أبو ملهم الحلبي، يشرح لـ"العربي الجديد"، ما حدث، ويقول "بدأت الشعبة تأخذ شكلاً مغايراً، بفعل استغلال عدد من الأشخاص هذه المرحلة، وتدخّلهم بحجة حماية الفصائل المقاتلة على الأرض".

ويشير الحلبي إلى أن "فصيلاً واحداً سيطر على الشعبة بطريقة بعثية تشبه ممارسات نظام الأسد، إلى أن خُطف الدكتور سالم أبو النصر من عيادته في حي الشعار في حلب المحررة، من دون الرجوع لأي جهة قضائية أو الهيئة الشرعية أو حتى ذكر سبب الاستدعاء. ومع أن الشعبة نفت في البداية وجوده لديها، إلا أنها عادت وأرسلت بياناً لقناة سورية محلية، تؤكد وجوده في قبضتها، الأمر الذي أحدث ضجة إعلامية لم تكن متوقعة، بسبب النشاط المدني الذي قام به ثوار حلب من اعتصامات وزيارات لكافة القوى العسكرية، ما يؤكد أن الجهة التي تسيطر على الشعبة، لا تُعلم جميع مكوّنات الشعبة بعملياتها".

وكانت الشعبة قد صادرت وحرقت عددأ من صحف الإعلام البديل، الداعم للثورة السورية، ومنها "صدى الشام"، و"سوريتنا"، و"تمدن"، و"عنب بلدي"، منتصف الشهر الماضي، بحجة تضامنها مع ضحايا حادثة "شارلي إيبدو".

وعلى خلفية ذلك، تبرأت جهات مقاتلة عدة من الشعبة، منها "الجبهة الشامية" و"اتحاد ثوار حلب"، ودانت أعمالها بحق العديد من الناشطين والكوادر الطبية في حلب، عبر توزيعها بيانات نُشرت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها، والتي دعت إلى "ضرورة تشكيل جهاز أمني يحقق الأمن للوطن والمواطن، ضمن المحددات الشرعية والقانونية وميثاق الثورة".

ويقول حسن عقيل، وهو من "اتحاد ثوار حلب"، إن "الكثيرين أكدوا على ضرورة وجود مؤسسة استخبارية في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها حلب والثورة، لكن الشعبة انحرفت عن المهام التي وُجدت من أجلها. وانتقلت من مجرد شعبة لجمع المعلومات الاستخباراتية وتسليمها للمؤسسة الأمنية، إلى فرع أمني يعتقل ويحقق ويحكم".

وأضاف أن "الشعبة عيّنت لنفسها قاضياً، خارج إطار المحاكم المتعارف عليها، فضلاً عن تنفيذها عمليات الاعتقال من دون أمر قضائي. الأمر الذي يعيد حوادث الخطف والتصفيات غير المفهومة، والتي تضع الشعبة والقائمين عليها في دائرة الاتهام في كل مرة تحصل فيها مثل هذه العمليات".

ويرى حسين أنه "نتيجة الأخطاء المتكررة اضطرت الشعبة للكشف عن نفسها، ومن ثم بدأ أفرادها بالحديث والدفاع عن عملها وتصرفاتها بشكل مثير للدهشة، خصوصاً حين تبين من خلال حديثهم على صفحات التواصل الاجتماعي، امتلاكهم معلومات حول قضايا تصدّت لها الشعبة. وأن نشر تلك المعلومات على الملأ يطعن في حرفيتها ومهنيتها، ويجعلها أبعد ما تكون عن اسم مؤسسة، فكيف بجهة استخباراتية؟".

ويؤكد عقيل، أن "الشعبة ارتكبت أخطاء جسيمة، وهي من حكمت على نفسها بالفشل، لكن في المقابل لم ترتكب أي جريمة قتل أو تعذيب مؤدية للموت". وأبدى اعتقاده بأن "على عناصر الشعبة شكر من وقف بوجه أخطائهم مبكراً، قبل أن يجرفهم هذا التيار الخطير والمغري، وهو تيار السلطة الأمنية والقدرة على الناس بلا ضوابط". كما اتُهمت الشعبة بـ"العمالة" من قبل الحاضنة الشعبية في حلب، وهاجمها الناشطون وجميع العاملين في القطاعات المدنية الثورية نتيجة أفعالها.

ويقول أحد المدنيين الذي رفض الكشف عن اسمه خوفاً من الخطف، لـ"العربي الجديد"، إن "عمل الشعبة مخابراتي بامتياز، وتحاول تضليل مسار الثورة، إذ خطفت الناشطين بحجج واهية وتهم ملفقة، كالخيانة وإقامة العلاقات المشبوهة وغيرها. مع العلم أن عمليات الخطف حصلت لاختلاف وجهات النظر والمعتقدات مع أعضاء الشعبة، بهدف تكميم صوت الثورة إعلامياً".

ويضيف "يُشرف على الشعبة المحامي عصام الخطيب والشرعي أبو شعيب المصري وبعض الأمنيين التابعين لأحد الفصائل الإسلامية. والشعبة ما هي إلا صورة واستنساخ وليد عن النظام القمعي الأسدي، وتضرب كل محاولة للاستقرار والأمان في المناطق المحررة".

يُذكر أن مجموعة من الناشطين السوريين المتواجدين في مدينة غازي عنتاب، جنوب تركيا، اعتصموا قبل أيام، احتجاجاً على انتهاكات وأعمال شعبة المعلومات. ورُفعت شعارات تطالب بإنهاء عملها في الشمال المحرر.

المساهمون