سوريا تموت عطشاً

سوريا تموت عطشاً

10 سبتمبر 2014
تراجع إنتاج مياه الشرب بسوريا لنحو1،3 مليار متر مكعب(أرشيف/getty)
+ الخط -
ليس صحيحاً أن العرب أبناء صحراء، ولو قارنا ما كانت عليه البلدان العربية من خضرة وموارد مائية، مع ماهي عليه اليوم، لعلمنا أن العرب هم آباء الصحراء وصناعها أيضاً .
قد يكون من بعض شواذ لهذا التعميم، كما حدث في بعض مدن الإمارات العربية كالعين أو ما تشهده دوحة قطر وبعض مناطق العربية السعودية، بيد أننا لو تأملنا المياه في بلاد الشام والرافدين، وعلمنا أن العجز المائي في سوريا-بلد الأنهار – يصل لنحو ستة مليارات متر مكعب، فسنعي أن القدر وزيادة السكان، ليسا هما السبان الرئيسان بما آلت عليه سوريا من خطر"الموت عطشاً" لأن مجرد تبديد مياه الفيجة في ريف العاصمة دمشق، يكفي لإدانة أصحاب القرار الاقتصادي في سوريا، والتفكر بمن يدير ثروات سوريا التي يمر عبرها خمسة أنهاراً وينبع ويصب فيها بردى الذي رجاه أحمد شوقي مرة "رد لي من صبوتي يابردى" لأيقنا أي جرائم تمارس بحق الشعب السوري من قيادته التاريخية الممانعة .
خلال استعراض موجز، للواقع المائي السوري اليوم، بعيداً عن الحالات الاستثنائية التي فرضتها حرب نظام بشار الأسد، من محاصرة السوريين المطالبين بحريتهم، بشرابهم، وبمنأى عن الادعاءات التي ترشقها الحكومات البعثية المتعاقبة، من أن سوريا تصنف من المناطق الجافة أو شبه الجافة، نرى أن سوريا تحتاج سنوياً لنحو 23 مليار متر مكعب من المياه لتصل حصة الفرد لنحو ألف متر مكعب لكل الأغراض.
ويبلغ وسطي التهطال المطري السنوي في سوريا نحو 46 مليار متر مكعب، يتبخر منها- وهذا بحث مستقل له علاقة بزحف التصحر وارتفاع درجات الحرارة- حوالي 80% لتتحول أقل من 20% إلى واردات سطحية وجوفية، بيد أن زحف الكتل الاسمنتية على حساب الشجر والاستنزاف الجائر للثروة المائية عبر استثناءات حكومة الأسد في حفر الآبار واستهلاك المياه لأغراض صناعية، وبعد أن حسر المساحات الخضراء ورفع من درجات الحرارة في سوريا وتصحرها، تراجع الهطول المطري إلى 48% من وسطي الهطول وبلغ متوسط كميات المياه المستخدمة خلال السنوات العشر السابقة 17760 مليون متر مكعب، ليكون العجز السنوي 1،5 مليار متر مكعب سنوياً . والذي تسده الحكومات الرشيدة عبر المياه الجوفية .
أما لجهة الذي تعده الحكومة السورية وكأنها تعيش أبدا، فقد تراجع مستوى التخزين في السدود، بما في ذلك سد الفرات بعد شبه القطع الذي اعتمدته تركيا أخيراً، وقلصت من المساحات الزراعية المروية، لكنها لم تعلن، ولا حتى في سنوات قبل الثورة والحرب، عن معالجة الأسباب، سواء لعودة سوريا "شام الغوطتين" عبر برامج تشجير أو الاتجاه نحو طرائق الري الحديث أو منع حفر الآبار غير المرخصة، التي وجد بعض أزلام  النظام في تمريرها من تحت الطاولة، طريقة ثراء سريع وفاحش.
خلاصة القول: رغم تراجع إنتاج مياه الشرب لنحو 1،3 مليار متر مكعب، تبلغ نسبة الهدر عبر الشبكات نحو 33%،  ولكن لم يك لطرائق تجديدها  ضمن خطط حكومة الأسد من وارد، كما كان للفساد وتفقير الشعب، ليأتي سلاح التعطيش اليوم، ضمن أمضى الأسلحة التي يستخدمها النظام القومي الممانع على الشعب السوري، ومن هم في المناطق المحررة على وجه التحديد، إذ تصل ساعات انقطاع المياه في ريف ادلب لنحو 22 ساعة باليوم وتمر أياما تصل للعشرين لا تعود المياه في حلب إلى مجاريها، ما أوصل سعر خزان المياه لنحو ألفي ليرة، يدفعها شعب ليشرب ويستمر على قيد الانتظار، وهو المفصول عن عمله بتهمة تأييده للثورة وعاطل عن العمل بعد تهديم المنشآت والأراضي عبر الصواريخ والبراميل المتفجرة .

المساهمون