سوريا: الإيجار بموافقة الأمن

سوريا: الإيجار بموافقة الأمن

09 ابريل 2014
+ الخط -

قد لا يشفع لهم أن يكونوا موالين للنظام في دمشق ليسكنوا منازل لائقة، فهنا الذل سيد الموقف، إذ عندما تقرر استئجار منزل أو شراءه، يجب أن تخضع لسلسلة إهانات من نوع خاص أفرزها جشع تجار الأزمة، وكانت بمثابة نقمة تلاحق الموالي قبل المعارض.

فقد صدرت مطلع الأسبوع الماضي أوامر"أمنية" تمنع منعا باتا الموافقة على تأجير منزل أو غرفة في دمشق المدينة دون الحصول مسبقا على الموافقة الأمنية. ويقتضي ذلك أن يذهب المواطن ويملأ استمارة تفصيلية عن وضعه وعائلته وعمله وتوجهه السياسي، ثم يجري تصديقها من البلدية المعنية في المنطقة المراد السكن فيها، وانتظار أسبوع ريثما تصل الموافقة أو الرفض.

يأتي ذلك في ظل تشديد النظام السوري الإجراءات الأمنية في العاصمة خوفا من تسلل عناصر المعارضة، لا سيما من الريف الدمشقي الذي يعتبر من أكثر المناطق عداء للنظام.

وتخضع مناطق، تعتبر آهلة بالسكان وسط دمشق، لتفتيش أمني دقيق ومداهمات شهرية كما هي الحال في بلدات وأحياء ركن الدين وبرزة البلد والمزة القديمة والجديدة ونهر عيشة والميدان، التي تعتبر، أو كانت تعتبر، مركزا لتجمع النازحين من الضواحي الثائرة في الريف. 

وبدأت المكاتب العقارية بتبني أساليب تدفع العائلات النازحة، لا سيما من الأحياء الجنوبية والغوطتين، إلى الرحيل، فتارة ترفع سعر المنزل الذي يرافقه مبلغ للتأمين، وتارة تماطل بالموافقة الأمنية التي باتت بمثابة عصا فوق رأس المستأجر من أبناء الريف.

في منطقة المزة، يستحيل أن يسكن من هو قادم من دير الزور أو حلب. هذا واقع فرض نفسه منذ أقل من شهر. ورغم أن غالبية من يستأجر في هذه المناطق هم أصلا من العائلات، لأن الشباب يستحيل أن يسكنوا، خاصة من أبناء المحافظات "الساخنة".

"لم تشفع العلاقة الأمنية الجيدة والصلة الوثيقة لأصحاب المكاتب العقارية مع المخابرات لاستثنائهم من المطالبة بالموافقات، التي يخشى البعض في الداخل من أن يتم الحصول عليها بعد فترة قصيرة بالمال"، يقول مراقب على الأرض.

هنا تعرضت عائلة البني، ذات الأصول الحمصية مثلاً، إلى معاملة قاسية من قبل المكاتب العقارية أثناء بحثها عن منزل في حي ركن الدين، بعد أن خسرت منزلها في حي "القدم" الملاصق لدمشق من الجنوب، منذ أسبوع.

وبعد انتظار العائلة للموافقة الأمنية شهرا لم يحصل هذا الأمر، فذهبت إلى "جرمانا" قسرا، رغم أنها عائلة تضم فتاتين. تقول إحداهما: "لسنا إرهابيين. لا نملك جوابا لماذا لم نتمكن من السكن وسط دمشق".

وتعاني عائلة أخرى من "معضمية الشام" الأمرّين في الحصول على سكن في جرمانا، رغم أنها وافقت على دفع أجرة ثلاثة أشهر دفعة واحدة. لكن العائلة فشلت في الحصول على الموافقة تلك، فقررت الذهاب إلى "عسال الورد" في القلمون على الحدود مع لبنان.

وتشهد دمشق حركة نزوح كبيرة من مناطق الريف الدمشقي إلى وسط العاصمة التي تعاني اختناقا سكانيا كبيرا، ويزيد من الوضع مأساوية ما تقوم به المكاتب العقارية من تأجير البيوت وفق خريطة طائفية.

يذكر أن أعدادا كبيرة من سكان تلك المناطق خاصة في المزة تركوا دمشق متجهين إلى الساحل، وذلك مع بداية الأحداث في ريف دمشق و"مجزرة الكيماوي" الشهيرة، حيث سجلت بالمئات أعداد البيوت التي وضعت للأجرة وسكنها نازحو مناطق سورية أخرى، بحسب ما يقول مالك مكتب عقاري.

دلالات