كلمات خاطئة إملائيا مرسومة على الحائط تخترقها رصاصات وملصقات دعاية ممزقة، هذا كل ما تبقى من آثار تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في بلدة أشباح عراقية بعد أن نجحت القوات الكردية أخيرا في تحريرها من قبضة الميليشيات.
بين المفقودين حوالي 20 ألفا من السكان الذين عاشوا يوما في البلدة وهم خائفون الآن من العودة بعد أن استعادت قوات البشمركة الكردية بلدة جوير من قبضة مسلحي الدول الإسلامية الشهر الماضي بمساعدة الغارات الجوية الأميركية.
وما تبقى مبانٍ خاوية عليها عبارة "الدولة الإسلامية" مرسومة على الجدران. وفي عدة حالات، كانت الكلمات تحتوي على أخطاء إملائية، مثل أن تكتب "دولة سلام"، مما يدل على أن هناك الكثير من المقاتلين الأجانب الذين جاؤوا إلى المدينة ضمن مسلحي التنظيم. ملصقات ممزقة لشعار العلم الأسود للتنظيم ملقاة في الشوارع. كتبت جملة "تحيا كردستان" فوق معظم الكلمات التي كتبها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية.
ولم يحتفل سكان المدينة الصغيرة بتحريرها. الشوارع، التي كانت تعج بالسيارات والمارة منذ شهرين، أصبحت الآن مهجورة. ومنذ 10 أغسطس/آب، عندما استطاعت قوات البشمركة استعادة مدن جوير وجارتها مخمور، لم يعد تقريبا أحد إلى منزله.
كان أكثر من 1.8 مليون شخص قد نزحوا من منازلهم في أنحاء البلاد منذ بدء التقدم العنيف لميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية في يناير/ كانون الثاني، طبقا لإحصائيات أعلنت عنها الأمم المتحدة. وكانت الأغلبية في البداية من محافظة الأنبار، حيث دخلت الميليشيات أولا قادمة من سوريا، واحتلت مدينة الفلوجة.
ثم تحرك المسلحون إلى الشمال من الأنبار، وتعرضت القوات العراقية والكردية إلى الضغط بشكل متزايد. أما الاستيلاء على جوير ومخمور، فقد وضع المسلحين في نطاق مدفعية القوات في العاصمة الكردية أربيل.
والغارات الجوية الأميركية، التي بدأت يوم 8 أغسطس/ آب، قلبت الأمور سريعا في شمال العراق، لصالح القوات العراقية والكردية البرية التي استطاعت استعادة سد الموصل الاستراتيجي، الذي كان قد سقط في قبضة المسلحين في يوليو/ تموز.
وبعد أن غادرت الميليشيات الآن، أصبح عدد سكان جوير أقل من ضعف عدد جنود البشمركة، الذين أمضوا بقية اليوم في التجول في دوريات في المدينة. وقال الجنود، الذين رفضوا ذكر أسمائهم لأنهم غير مخولين بالحديث إلى وسائل الإعلام، إن القرية التي سيطر عليها المسلحون تقع ضمن نطاق النيران. وقال الجنود الأكراد إن القناصة في متناول نيرانهم بالرغم من أن أحدا لم يرهم.
وتم تدمير معظم البنية التحتية في المدن التي وقعت في قبضة تنظيم الدولة الإسلامية أو تعرضت للدمار أثناء اشتباكات مع قوات الأمن وستحتاج وقتا لإصلاحها. وجوير ليست استثناء.
ولا يرغب معظم العراقيين في أن يمروا بمواجهة وجها لوجه مع الميليشيات للمرة الثانية. يقول عبد الرحمن عدي، (25 سنة) من الموصل، فر إلى محافظة دهوك الكردية مع عائلته، إن عائلته ضحت بالكثير بالفعل لتخاطر بخسارة كل شيء مرتين.
وقال عدي متحدثا عن ثاني أكبر مدينة في الموصل، التي ما زالت واقعة تحت قبضة تنظيم الدولة الإسلامية "لقد رأينا كل الأشياء المروعة عندما دخل الإرهابيون الموصل، لدرجة أننا لن نستطيع أن نشعر بإحساس البيت مرة أخرى". وأضاف "ربما سنعود يوما، لكن ليس قبل أن نتأكد أن كل شيء سيكون بخير مرة أخرى".