سحب يوم الخميس

15 سبتمبر 2015
قفزوا في المياه (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

ليل السبت - الأحد، مع الدخول إلى الثالث عشر من الشهر، شابان لبنانيان يتناقشان، في عزّ الحرّ الضارب بقوة رغم أيلول وذيله المبلول، حول استغلال يوم الإجازة الأسبوعي.
البحر خيار رئيسي، بل ربما يكون الوحيد. يبدأ النقاش حول الأماكن المتاحة المتوافقة مع الميزانية. يعلمان أنّ الكثير من المسابح البحرية الخاصة لا تسمح لشبان ذكور، من دون إناث برفقتهم، بالدخول إلى جناتها.

تتحدّد الخيارات إذاً أكثر وتتنوع ما بين ثلاثة أو أربعة مسابح ما بين جبيل وطبرجا وأنطلياس إلى الشمال من بيروت، وبضعة مسابح أخرى وشواطئ خاصة (أو جرى التسلّط عليها) في بيروت، وخلدة والدامور إلى الجنوب من بيروت.
طيب، ما هي ميزانيتك؟ يسأل أحدهما، فيجيب الثاني بما مجموعه 25 دولاراً أميركياً. وأنا معي 50 لكن عليّ دفعتان؛ بنزين وزيت للدراجة النارية فيبقى معي 30، يقول الأول. إذاً المجموع 55 دولاراً.

أقلّ المسابح الخاصة مما يضمّ مرافق متكاملة من حوض سباحة للكبار وآخر للصغار وإطلالة شاطئية ومطعم ومقهى وملعب رياضي وغير ذلك، رسم دخوله للشخص الواحد 20 دولاراً أميركياً. أي 40 دولاراً أميركياً للشخصين. فإذا استقلا الدراجة النارية وكانا قانونيين يمكن لهما أن يصلا من دون أن يصرفا العشرة دولارات المتبقية. لكن يتوجب عندها أن يركنا الدراجة في موقف المسبح كي لا تتعرض للسرقة خارجه، ويدفعا ثلث الدولارات العشرة للمتسلّط على الموقف. الثلثان الباقيان يمكن أن يشتريا بهما داخل المسبح الذي يمنع إدخال الأطعمة والمشروبات إليه، سلة بطاطا مقلية، أو عبوة صودا لكلّ واحد. لهما الخيار.

ليست صفقة مربحة. يسأل الأول: إذا أنفقت ما معي الآن كيف أمضي الأيام المقبلة من دون نقود؟ يوافقه الثاني ويقرران الذهاب إلى شاطئ عام مفتوح، وهما يحملان مناقيش الصعتر وقنينة مياه بلاستيكية وكيس ثلج كبيراً... حركة 5 دولارات لا أكثر. شاطئ الرملة البيضاء الاقتراح الأقرب إلى المخيلة. فهو رملي، ومساحته كبيرة، وغير بعيد عن الحيّ. يعترض أحدهما فشاطئ الرملة البيضاء يمتلئ بالنفايات من مختلف الأشكال، والازدحام فيه كبير، أما مياهه فلا تختلف عن الصرف الصحي بشيء. بل هي صرف غير صحي أبداً.

إذاً لا حلّ إلاّ بالصخور. كورنيش المنارة ما زالت صخوره -حتى اليوم- بمنجى من المتسلطين. ينزلان هناك. يخلعان ملابسهما، يقفزان في الماء، ويسبحان كيفما قذفتهما الأمواج، فلا تعنيهما كثيراً المياه الآسنة وهي تتدفق من قناتها الواسعة في الحائط عندما ينتبهان لها. فهذا هو لبنانهما، وهما يشاركان في الحراك الشعبي ضد الفساد، ويقطعان أوراق يانصيب (حظ)، وينتظران يوم الخميس وسحبه.

اقرأ أيضاً: أغنى أغنياء لبنان
دلالات
المساهمون