زيارة الغنوشي للجزائر: ليبيا جوهر المحادثات

زيارة الغنوشي للجزائر: ليبيا جوهر المحادثات

31 اغسطس 2014
تجمع الرجلين صداقة قديمة (فاروق باتيشي/فرانس برس/Getty9
+ الخط -
نفت مصادر من داخل حركة "النهضة" التونسية ما تناقلته وسائل الإعلام خلال الأسبوع الماضي، عن طلب زعيمها راشد الغنوشي من الجزائر "القيام بواسطة مع دولة الإمارات"، في زيارته المفاجئة إليها.

وأشارت المصادر لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الزيارة لم تكن مفاجئة، وكانت مُعدّة منذ إعادة انتخاب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، في الانتخابات الرئاسية، في إبريل/نيسان الماضي، ولكن ظروفاً جزائرية وتونسية منعت من التئامها في موعدها، وتأجلت إلى يوم الأحد الماضي. واكتست الزيارة طابعاً خاصاً، وفقاً لترتيبات بروتوكولية واضحة تمثلت ببسط السجاد الأحمر أمام مدخل الطائرة.

وكانت الزيارة بدعوة رسمية من الرئيس الجزائري، وحضر اللقاء رئيس حكومته عبد المالك سلال، ووزير الدولة ومدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي، أما وفد الغنوشي فتضمن مسؤول العلاقات الخارجية رفيق عبد السلام، والمستشار السياسي لرئيس الحركة لطفي زيتون، ورئيس مجلس الشورى فتحي العيّادي، والقيادي في الحركة عامر العريض.

وذكّرت مصادر في حركة "النهضة"، رفضت الكشف عن اسمها، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بـ"العلاقات التاريخية والشخصية التي تربط بين الغنوشي وبوتفليقة".

وشرحت المصادر، أن "العلاقات القديمة تعود إلى سنوات المنفى، ولم تنقطع بعد تولي بوتفليقة الرئاسة في الجزائر، بل استمر التراسل بينهما، إلى درجة أزعجت الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، كثيراً وقتها".

وتابعت "توطدت الصداقة القديمة بين الرجلين بعد الثورة التونسية، فأثمرت وساطة جزائرية في توقيت مهم لنزع فتيل الصراع الذي كان طاغياً على المشهد التونسي، بسبب الاستقطاب السياسي بين حركة النهضة وحزب نداء تونس. واجتمع بوتفليقة بزعيمي الحزبين، باجي قايد السبسي، والغنوشي، وتمكن من تلطيف حدّة الأزمة في الساحة السياسية التونسية".

وقال مصدر ممن حضر اجتماعات الوفدين، إن "الزيارة انطلقت بلقاء الغنوشي برؤساء الكتل البرلمانية، ثم تلاها لقاء بوتفليقة".

وكشفت مصادر مطّلعة، أن "الملف الليبي طغى على المحادثات بين الوفدين". وأشارت إلى أن "احتمال مبادرة تونسية - جزائرية، من أجل ليبيا، لم تنضج بعد في الوقت الحالي، نظراً إلى حدّة الصراع الليبي". وأضافت، أن "حركة النهضة يُمكن أن تبذل جهداً في هذا الاتجاه، ولكن المبادرة ينبغي أن تكون رسمية، تتبنّاها الدولة لا الحركة".

غير أن المحادثات بين الوفدين أكدت على رفض التدخل الخارجي في الأزمة الليبية، في إشارة إلى "الطائرات المجهولة"، التي اعتبراها مؤشراً خطيراً على وجود تخلٍّ، أو على الأقلّ رغبة واضحة في التدخل، وهو ما رفضه البلدان بشكل صريح وقاطع، وعبرّ عنه وزير الخارجية التونسي، منجي حامدي، أكثر من مرة.

وكان بوتفليقة واضحاً في التعبير عن الموقف الجزائري، الرافض للتدخل في شأن أي دولة، ولكنه عبرّ عن استعداده لتقريب وجهات النظر، وهو الموقف نفسه الذي عبرّ عنه الوفد الجزائري بعد ذلك، في اجتماعات دول الجوار في القاهرة.

وبالنسبة لأهمية لقاء بوتفليقة والغنوشي، في هذا التوقيت بالذات، فينبع من أسباب عديدة؛ أول الأسباب يكمن في الثقل الدولي للجزائر وعلاقاتها التاريخية، التي تعافت في الفترة الأخيرة، مع فرنسا، أحد أبرز اللاعبين الدوليين في ليبيا، على الرغم من "الهدوء" الذي يميز هذا الدور، بالإضافة إلى علاقات حافظت عليها الجزائر مع بعض الأطراف في ليبيا.

أما السبب الثاني، فيتعلق بعلاقات الغنوشي في ليبيا مع بعض الأحزاب، وحتى مع بعض الأطراف، في الزنتان، التي طلبت منه صراحة التدخل إبان اندلاع معركة المطار، غير أنّ تلك الدعوة لم تُستقبل بحرارة وقتها "لأنّها لم تصدر عن أطراف مهمة في قبائل الزنتان"، بحسب حركة "النهضة".

جميع هذه الدلالات تفضي إلى استنتاج أن الرجلين يضطلعان بدور ما في الأزمة الليبية، يُنتظر أن تنضج أسبابه، ويبرز الاستعداد الواضح من الأطراف الليبية المتنازعة، واقتناعها بأن الحل في الحوار.

وبناء على ذلك، اعتبر الطرفان، أن التدخل الخارجي يمثل مشكلة وليس حلاً، وأن الحل الحقيقي، كما قال الغنوشي في تصريح له، "يكمن في سياسة التوافق والحوار الوطني بين مختلف التيارات السياسية".

وعن سائر المواضيع التي أُثيرت في الاجتماع، أفادت المصادر عينها، أن الرئيس بوتفليقة أثار مواضيع تتعلق بالحركة الإصلاحية والعلاقة بين الإسلاميين والعلمانيين، وقدم وجهة نظره في جهود التعريف بالإسلام المعتدل، وعبر بوتفليقة عن استبشاره بقرب خروج تونس من المرحلة الانتقالية ودخولها مرحلة الاستقرار، مشدداً على أن الشأن التونسي هو شأن جزائري بامتياز.

المساهمون