رهن إشارة السيسي

رهن إشارة السيسي

22 أكتوبر 2016
أضاعت السلطة فرصة محاسبة الاحتلال وفق تقرير غولدستون(عصام الرماوي/الأناضول)
+ الخط -
تبيّن التصريحات التي كشف خلالها مسؤول فلسطيني لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أمس، أن السلطة الفلسطينية في رام الله استجابت على مضض (على حد قوله) لتوجّهات نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لها، ومطالبته السلطة الفلسطينية بعدم اتخاذ أي إجراءات في مجلس الأمن ضد إسرائيل لحين انتهاء الانتخابات الأميركية، هول المأساة الفلسطينية المشتقة من حجم الهوان والضعف الذي يعتري السلطة الفلسطينية. وتنسف هذه التصريحات وبحق كل ذرة تبقت، أو كانت، أو ربما متخيّلة، لنوع من الاستقلال أو الصلاحيات التي تتمتع بها السلطة في رام الله.
وهي تعيد إلى الأذهان مجدداً سلوكيات لا يمكن لها أن تستقيم وروح الشعب الفلسطيني، اتّبعتها سلطة رام الله، وفي مقدمة هذه السلوكيات، كيف أضاعت ووأدت فرصة تقديم تقرير غولدستون، كأساس لشكوى ضد الاحتلال لارتكابه جرائم حرب بشعة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إبان عدوان "الرصاص المصبوب".
ما يثير في التصريحات الجديدة هو كون السلطة الفلسطينية باتت تتحرك رهن إشارة نظام السيسي، وهو ما يشي بعلاقة غير سوية، خصوصاً أن نظام السيسي، وباعتراف حكومة الاحتلال في أكثر من مناسبة وعلى لسان أكثر من مسؤول فيها، أكثر تشدداً من كيان الاحتلال نفسه في تشديد وإحكام الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من عشر سنوات. إلى ذلك فإن التصريح يعكس أيضاً حالة الوهم والرهان (الذي لا يستند إلى أي سند عقلاني ومنطقي) على موقف أميركي فاعل ضد الاحتلال ولصالح الشعب الفلسطيني.
لا يوجد أي مبرر للرضوخ المشين لإملاءات السيسي والبيت الأبيض، والتقاعس عن تقديم الشكاوى باستمرار لمجلس الأمن الدولي وللمنظمات الدولية المختلفة، وفي مقدمتها المحكمة الجنائية الدولية لجرائم الحرب، لكن هل يمكن أن نتوقع ممن يشارك في جنازة شمعون بيريز الذي يتحمّل مسؤولية مباشرة عن مجزرة قانا، أن يتصرف غير هذا التصرف؟
لقد آن الأوان حقاً لنفض السلطة الفلسطينية عن كاهل الشعب الفلسطيني، بعد أن تحوّلت من أداة كان يفترض فيها أن تقوده نحو بناء الدولة إلى أداة في نظام السيسي، أهم حلفاء إسرائيل اليوم في المنطقة العربية.