رفضٌ شعبيّ في غزّة لتهدئة لا تلبّي شروط المقاومة

رفضٌ شعبيّ في غزّة لتهدئة لا تلبّي شروط المقاومة

16 يوليو 2014
اعتبر أهالي القطاع أن المبادرة لصالح الاحتلال(محمد عبد/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
أثارت المبادرة المصرية للتهدئة في غزة، ردود أفعال متباينة في الشارع الغزي، وسط شبه إجماع على رفضها، كونها لا تلبي الحد الأدنى من متطلبات ليس فقط حركات المقاومة الفلسطينية، وإنما أيضاً متطلبات مواطني القطاع المحاصر، ولا سيما بعد سقوط ما يزيد عن المئتي شهيد منذ بدأ العدوان قبل نحو أسبوع.

واللافت أن الهجمة الإسرائيلية الشرسة، والتهديد بتوسيع العدوان، لم يغيّرا من موقف أهالي القطاع تجاه مبادرات التهدئة، ولا سيما المصرية. وإن كانوا ليسوا ضد التهدئة من حيث المبدأ، إلا أن نسبة كبيرة منهم غير متحمسة لتهدئة لا تلبي شروط المقاومة.

لذلك، أثارت المبادرة المصرية للتهدئة، التي قبلتها الحكومة الإسرائيلية، استياءً شعبياً، وازدحمت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات والآراء التي ترفض المبادرة، وتعتبرها تلبية لمطالب الاحتلال.

وينطلق الرافضون للمبادرة من كونها تمثّل "تنازلاً عن دم الشهداء، والقبول باستمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ نحو ثماني سنوات".

يكتفي الشاب أحمد منصور، أحد أبناء غزة، بالتعليق على المبادرة بوصفها "لا تلبي أدنى متطلبات الحياة الكريمة"، قبل أن يضيف أنه "من غير المقبول أن يصمد سكان القطاع على هدم بيوتهم واستهدافهم، لتأتي مبادرة للتهدئة تقتصر على تحقيق معادلة الهدوء مقابل الهدوء".

من جهته، ينظر رامي نعيم، أحد أبناء القطاع، إلى المبادرة باعتبارها "مؤامرة قدمتها مصر مع علمها المسبق برفض المقاومة لها".
والغاية من ذلك، وفق نعيم، "إعطاء غطاء دولي للاحتلال للمضيّ بعدوانه على القطاع، وإظهاره كأنه محب للسلام، وأن غزة هي التي ترفض ذلك".

بالنسبة لنعيم يبدو أن "المبادرة تسعى إلى تحقيق أهداف الاحتلال التي لم يستطع أن يحققها بالحرب"، في إشارة إلى الحديث عن نزع سلاح المقاومة في غزة.

من جهتها، تقول الناشطة آلاء طاهر، إن "إنجازات المقاومة هي من تجعلنا نرفض المبادرة المصرية، ونتشبث بشروط المقاومة، التي يتقدمها رفع الحصار ووقف العدوان".
وتعتبر طاهر أن "المقاومة أحرزت تفوّقاً ملموساً في هذه الحرب، عبر استراتيجيتها العسكرية، بما لا يدع مجالاً للشك أنها تعرف ما تفعل، ولديها خطة مدروسة لكل السيناريوهات".

بدوره، يتساءل بندر سكيك، من سكان غزة، حول توقيت المبادرة، على خلفية ما يعتبره عدم احترامها "لجراح الشعب الفلسطيني"، فضلاً عن كونها، بحسب سكيك، لم تنصف سكان القطاع، عدا أن المصريين تجاهلوا أصحاب القوة على الأرض عند صياغتها، في إشارة لغياب فصائل المقاومة عن تفاصيل المبادرة. 

ويرى سكيك أن "المبادرة لم ترتقِ إلى المستوى المطلوب، بمعنى أنها تخدم الاحتلال، وتساوي العدوان الإسرائيلي الشرس مع صواريخ المقاومة الدفاعية".

من جهته، يقول مدير "مركز أبحاث المستقبل" في غزة، إبراهيم المدهون، إن "المبادرة المصرية ولدت ميتة، كونها تجاهلت مطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه الإنسانية المشروعة، وركزت على المطالب الإسرائيلية".

ويعتبر المدهون أن المبادرة "وجدت لحكومة الاحتلال مخرجاً مناسباً من الأزمة التي وقعت بها في قطاع غزة، بعد فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أي إنجاز يعطي الإسرائيليين وهج الانتصار"، في مقابل سعي المبادرة إلى منع استثمار أي إنجاز ميداني للمقاومة في أية مفاوضات سياسية.

في المقابل، يعتبر المدهون أن هناك إمكانية لتحقيق معظم شروط المقاومة، كونها غير تعجيزية، وتتعلق "بإنهاء معاناة سكان القطاع التي تسبّب بها الحصار الإسرائيلي المحكم منذ نحو ثماني سنوات". وهذا، بحسب المدهون، يشكل مطالب وشروط الشعب الفلسطيني ذاتها.

وفي السياق، يؤكد المدهون على أن المطالبة بوجود ميناء بحري مستقل هو حق طبيعي، بعد إغلاق إسرائيل العديد من المعابر الحدودية، وإغلاق معبر رفح مع مصر لفترات طويلة.

ويختم المدهون حديثه بالقول: "الشروط التي طرحتها المقاومة يساندها إجماع فلسطيني، في ظل صمود سكان القطاع أمام العدوان وتماسك الجبهة الداخلية. وعليه، يجب أن يكون التفاوض مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي أساس أي اتفاق للتهدئة".