رسالة كيري إلى اللبنانيّين: قلبنا معكم... بحدود

05 يونيو 2014
أبلغ كيري سلام دعم بلاده الحكومة اللبنانية (دلاتي ونهرا)
+ الخط -

وصل وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، إلى بيروت، أمس الأربعاء، بينما كان نظام البعث في سورية يدرس الأرقام الانتخابية ويفاضل في ما بينها، كخفض نسبة تأييد بشار الأسد، من 99 في المئة إلى 89 في المئة. لم يتسنّ لكيري مشاهدة اشتعال العاصمة اللبنانية بأصوات الرصاص والقذائف ابتهاجاً بـ"انتصار" الأسد. غادرت طائرته الخاصة قبل ذلك.

اكتفى الرجل بحمل ما يشبه الرسالة بأنّ الإدارة الأميركية، لا تزال على موقفها في رفض آلة القتل السورية. أراد القول، على بُعد أقل من 50 كيلومتراً من الأراضي السورية، إنّ بلاده غير راضية عن ممارسات نظام الأسد، وحلفائه، وغير مقتنعة ببقائه في السلطة، مع ما يشوب الاكتفاء بهذه التعابير، من تشريع لاستمرار جرائم هذا النظام.

ساهمت زيارة كيري، في كسر رتابة الفراغ اللبناني، وتعطّل عجلة المشاورات المحلية حول مختلف الملفات، وأولها الانتخابات الرئاسية. حرّكت الزيارة المجالس السياسة، فساد الهمس وتواتر المعلومات. عادت الحياة إلى نقاشات صالونات المرجعيات والمسؤولين، بما فيها الكثير من التمنيات، وربما الأحلام والطموحات، عن إمكانية إنهاء تعطيل الانتخابات الرئاسية.

حافظ كيري، قدر المستطاع، على شكل الزيارة وتنوّعها. وحسب ما يقول مقربون من السفارة الأميركية في بيروت لـ"العربي الجديد"، فإنّ "لقاءات وزير الخارجية جاءت لممثلي الطوائف الرئيسية". لم يرغب في تغييب أحد، وفي الوقت نفسه تفادى أي لقاء يحمل معانٍ أو دلالات سياسة، أو يمكن تفسيره على هذا النحو. التقى برئيس الحكومة اللبنانية، تمام سلام، الذي تسلم ووزراؤه صلاحيات رئاسة الجمهورية بعد شغور قصر بعبدا. واجتمع برئيس مجلس النواب، نبيه بري، "لهذه الصفة الرسمية أولاً، ولكونه ممثلاً للطائفة الشيعية ثانياً". وحصر لقاءاته مع المسؤولين المسيحيين بالبطريرك الماروني، بشارة الراعي، بحضور السفير البابوي في لبنان، غابريال كاتشيا. أمر كان من شأنه أيضاً "إبعاد النقاش عن الدائرة المحلية".


تكشف مصادر مواكبة للزيارة، أن كيري ابتعد، خلال لقاءاته البيروتية، عن "تفاصيل الانتخابات الرئاسية". فتوقيت الزيارة "حُدّد عفوياً. لو جاء كيري إلى بيروت قبل 25 مايو/أيار (موعد انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس اللبناني)، لكانت وُضعت الزيارة في إطار التدخل في الانتخابات".

وحول ما يخص الملفات المحلية، اكتفى الوزير الأميركي في تعداد مجموعة من التحذيرات إزاء الفراغ الدستوري، والأزمة الإقليمية وانعكاسها على الساحة اللبنانية. وكل ما عدا ذلك "أمنيات شخصية لبعض المسؤولين المحليين". كرّر رئيس الدبلوماسية الأميركية قلق بلاده من الفراغ، ووقوفها إلى جانب "رئيس قوي في لبنان". توقّف كيري عند هذا الحد واستفاض في الحديث عن ملف اللاجئين السوريين في لبنان، "الملف الأساسي على جدول أعماله في بيروت".

وتشير مصادر مطلّعة لـ"العربي الجديد" إلى أنّ كيري استمع، خلال لقائه ببرّي، إلى "تمسّك فريق 8 آذار برئيس يحافظ على السيادة اللبنانية يحميها ويحمي لبنان من العدو الإسرائيلي ومخططاته"، مع العلم أنّ رئيس البرلمان استقبل، قبل ساعات من لقائه كيري، رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، وهو ما وضعه المتابعون في خانة الاتفاق بين الرجلين على "كيفية تقديم الملف الرئاسي للإدارة الأميركية وتسويق صورة مرشح هذا الفريق لموقع الرئاسة"، في محاولة لنقل رسالة واضحة وموحّدة للوزير الأميركي في هذا الشأن.

عاد كيري، إلى طائرته بعد خمس ساعات أمضاها على الأراضي اللبنانية. غادر لبنان بعدما أوصل الرسالة التالية: واشنطن لا تزال مهتمة ومعنية بالوضع اللبناني، ولن تترك الأمور تتّجه نحو الأسوأ. هذا ما فهمه اللبنانيون من هذه الزيارة الأولى للوزير الأميركي، والتي أتت خاطفة وغير محددة مسبقاً.

سمع المسؤولون اللبنانيون أنّ المعنيين الدوليين الرئيسيين مهتمون بالساحة المحلية، لكن "هذا الاهتمام منقوص وليس للبنان الأولوية اليوم"، حسب ما قال أحد المطلعين على أجواء رئاسة الحكومة اللبنانية.

يمكن وضع دعوات كيري، وآماله وتحذيراته، في خانة حثّ اللبنانيين على حلّ أزمتهم الداخلية بعيداً عن مشاكل المنطقة، لا أكثر ولا أقلّ. كلام يُفهَم منه على أنه محاولة ــ غير جديّة ــ لتحييد لبنان عن سورية، ودعوة حزب الله إلى الخروج من سورية.
فعلياً، فلم يحمل كيري شيئاً آخر، سوى القليل من الأموال لمساعدة اللاجئين السوريين.

المساهمون