رسالة إلى ترامب

27 يناير 2017
+ الخط -
مستر ترامب، أتقدمُ إليك بالتهنئةِ على تنصيبك رئيساً تحملُ الرقمَ الـ 45 للولاياتِ المتحدةِ الأميركية. نحن في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سيد ترامب، نعيشُ ظروفا قاسيةً جداً من الاحتلالِ الإسرائيلي الذي لا يعترفُ بالمعاهداتِ والمواثيقِ الدولية، ولا زال يضربُ بعرضِ الحائطِ بكلِّ القراراتِ الأمميةِ التي تنصُ على حريةِ الشعبِ الفلسطيني واستردادِ أرضِه ومقدساتِه.
مستر ترامب، تعلمُ جيداً أنّ عديدين من رؤساءِ الدولِ العربية لم يكونوا يتوقعون أن تصبحَ رئيساً، وقد خدعونا كثيراً عبر وسائلِ إعلاِمهم بأنّ السيدةَ هيلاري كلينتون هي من ستفوزُ. ولكن، على أيّ حالٍ، يقول الواقعُ اليوم إنك أنت الرئيسُ، وأنت تستحقُ، وهذه وجهةُ نظري لأنّك تحدّيتَ كلَّ الظروفِ وخالفت كلَّ توقعاتِ الإعلاميين وفزت وأصبحت الرئيس.
فلسطينياً، لا ننظرُ لفوزك ببالغٍ كبير وذي تأثيرٍ كثيرٍ على المجرياتِ الفلسطينية الإسرائيلية، لأنّه، وبكلِّ بساطةٍ، نعلم أنّ لديك ملفاتٍ كثيرةً وكبيرةً، ابتداءً من قوةِ الدب الروسي في المنطقةِ العربيةِ، والشرقِ الأوسط خصوصاً، ومروراً بتبعاتِ الربيع العربي في المنطقةِ والعمل على استقرارِ الأنظمة العربية التي حدثت فيها ثورات وانقلابات.
ما تبحثُ عنه مستر ترامب في المرحلةِ المقبلة هو تقييمٌ للواقعِ العربي، وتحديدُ نقاطِ القوةِ والضعف، خاصةً بعد بروزِ المحورِ الروسي الإيراني التركي السوري وغيابِ المحورِ العربي المعتدل، والذي يعيشُ خلافاتٍ حادةً ما بين مصر والسعودية.
مستر ترامب: لا تدع نتنياهو يخدعُك ويقنعُك بضرورةِ نقلِ السفارةِ الأميركية من تل أبيب إلى القدس، فهو مراهقٌ سياسيٌّ صغيرٌ لا يفقه في السياسةِ إلا التطرّفَ، ومزيداً من الاستيطانِ والمماطلةِ فقط، وليس لديه أيّ فكرةٍ عن حلولِ التسويةِ أو حلِّ الدولتين أو تبادل الأراضي أو عودة اللاجئين أو تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الخاصة بالحقوقِ الفلسطينية، إنّه يريدُ أن يقضيَ على طموحاتِك، ويزرعَ في قلوبِ العربِ مزيداً من الكره لسياسة أميركا في الشرقِ الأوسط هو يبحثُ عن أعداءٍ جددٍ لكم، ولا يريدُ لكم التمتّع بالأمن والسلام في بلادِكم، من خلال استفزازِ مشاعرِ المسلمين حول العالمِ، ووضعِ أميركا في مواقفٍ محرجة.
مستر ترامب، مدينةُ القدس والمسجد الأقصى خطان أحمران، لا يمكنُ تجاوزُهما، فهما يمثلان قيمةً دينيةً وسياديةً ووطنيةً للفلسطينيين في شتى بقاعِ الأرضِ وللعربِ والمسلمين فيِ أماكن وجودهم كافة، ولن نقبلَ بنقلِ السفارةِ الأميركية إلى القدس، لأن ذلك يمثّلُ تحدّياً للإرادةِ العربيةِ والفلسطينية، وربّما تصلُ الأمورُ إلى منعرجٍ خطيرٍ، ينعكسُ على المنطقةِ برمتها، ونفتحُ باباً جديداً من التطرّفِ والإرهابِ بحقِّ الأطفالِ والنساءِ في المجتمعِ الفلسطيني، لأنّ ميزانَ القوةِ الإسرائيلي دائماً ظالمٌ وهو سمٌّ قاتلٌ لبراءةِ أطفالِنا.
مستر ترامب، قبل أن أختمَ رسالتي، أذكرك بما أقدمَ عليه شارون سابقاً، عندما زار المسجدَ الأقصى في عامِ 2000، اندلعت انتفاضةُ الأقصى بعد تلك الزيارةِ المشؤومةِ، وإلى هذه اللحظةِ يدفعُ الفلسطينيون والإسرائيليون ثمنَ تلك الزيارةِ التي أطاحت حزبِ العملِ في إسرائيل، ولم تقمْ له قائمةً، ولم يجدْ الفلسطينيون شريكاً إسرائيلياً مؤمناً بحلِ الدولتين أو وقفِ الاستيطان، وسقط آلافُ الضحايا. سقطت شعاراتُ السلامِ منذ 17 عاماً، ولازال الفلسطينيون يحلمون بالدولةِ، ويحلمون بتحقيقِ السلامِ العادل في المنطقةِ، فهل أنت رجلُ سلام أم رجلُ حرب؟
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)