رحلة البحث عن 60 فناناً فقدوا عام 1988

17 يونيو 2015
لم يتوقع أحد نجاح نوال الزغبي بسبب الحرب (Getty)
+ الخط -
قدّم برنامج "استديو الفن" طوال 27 عاماً نخبة من نجوم العالم العربي. إذ أنّه قبل ظهور الفضائيات العربية وبرامج الهواة والمسابقات، افتتح تلفزيون لبنان في عام 1974 أولى حلقات البرنامج، وراح يخرّج، حتّى دورته الأخيرة في عام 2001، أسماء لامعة في عالم الغناء، مثل ماجدة الرومي ووليد توفيق (في 1974)، وراغب علامة (في 1980)، وعاصي الحلاني ونقولا الأسطا ونوال الزغبي (في 1988)، ووائل كفوري وإليسا وديانا حداد (في 1992)، ورامي عياش ومعين شريف وفارس كرم والراحلة سوزان تميم (في 1996). كما انضم إليهم/هنّ نجوم آخرون، منهم ميريام فارس ومايا نصري وباسم فغالي، ومقدّمو برامج مثل ميشال قزي ونيشان ديرهاروتيان وغيرهم.
اللافت أنّ بعض نجوم هذا البرنامج وصلوا إلى شهرة عربية واسعة، فيما اكتفى آخرون بالأضواء المحلية. فيما فشل بعضهم الآخر في إكمال المسيرة الفنية. ويسجّل أيضاً لنجوم لمعت أسماؤهم في العالم العربي بأنهم لم يفوزوا بالميدالية الذهبية، بينما اختفى نجوم فازوا بها. ولعلّ أبرزهم هادي يونس، صاحب أغنية "عم بحلم برفيقة"، التي لا تزال تحظى بعدد كبير من المستمعين والمعجبين حتّى يومنا هذا.
هادي يونس هو خرّيج موسم 1996 من "استديو الفنّ". سرق الأنظار أمام نجوم امتدّت شهرتهم إلى أيّامنا هذه، مثل معين شريف ورامي عيّاش. قبل أربعة أعوام من موسم 1996 كان وائل كفوري يصنع نجومية غير مسبوقة بظهور مميّز في عام 1992، وبأغنية جديدة هي "ما وعدتك بنجوم الليل". اعتقد اللبنانيون حينها أنّهم يشهدون ولادة نجم من فئة الكبار هو هادي يونس. لكنّه اختفى تماماً عن الساحة الفنية، بعدما ترك أغنية أخرى هي "شو صرلك لتغيرتي" التي لم تحظَ بشهرة "عم بحلم برفيقة".
الأمثلة قد تكون كثيرة، لكن يسجّل لدورة عام 1988 أنّها أكثر الدورات غرابة في تاريخ البرنامج. فهي الدورة الأولى لـ "استديو الفنّ" بعيداً عن شاشة تلفزيون لبنان. وذلك بعد ظهور المؤسسة اللبنانية للإرسال في عام 1986، بتوجيه سياسي من القوى الحاكمة لما سمّي حينها "المنطقة الشرقية" خلال الحرب الأهلية اللبنانية. كانت تلك المؤسسة تحت قبضة "القوّات اللبنانية"، ونجحت في إعادة إطلاق البرنامج تحت إشراف مخرجه الشهير سيمون أسمر.

إقرأ أيضاً: الدراما اللبنانية: عشرة مواضيع محظورة


الاصطفافات الطائفية والحرب الناشبة لم تمنع عدداً كبيراً من المشتركين من الوصول إلى مبنى المؤسسة، لخوض تجربة الفنّ. وهكذا نجح "استديو الفنّ" في عام 1988 بحشد اللبنانيين جميعهم خلف الشاشة. الغرابة لم تأتِ بعد. فالبرنامج خرّج 66 فائزاً في ذلك العام، واختفى معظمهم بعدها عن الساحة الفنية.
لم يتوقع من شاهد البرنامج حينها أن الاستمرارية ستكون لمشتركة كنوال الزغبي أو عاصي الحلاني. الأصوات التي ظهرت حينها كانت لتسحر لجنة حكم صعبة المزاج. إذ ضمّت اللجنة حينها رئيس المعهد العالي للموسيقى الموسيقار وليد غلمية، والموسيقار زكي ناصيف، والموسيقار روميو لحود، ومعهم ماغي فرح والسيّدة إيمييه سكّر، المتخصصة في أصول الإتيكيت، والإعلامية زينة خوري والشاعر هنري زغيب وغيرهم.
من أهم الأصوات التي لمعت في ذلك الموسم كان صوت الشابة سيلفي شديد. كانت صغيرة الحجم وخجولة جداً، لكنّها صدمت المشاهدين واللجنة حين غنّت بصوت كبير "يا بخت المرتاحين" للفنانة سعاد محمد . فيما سرق أضواء الشاشة الشاب وليد حداد، عن فئة الأغنية الطربية، بإطلالته الوسيمة وصوته الرخيم.
من تابع البرنامج يومها لا ينسى صاحب الصوت القوي حسن عون الذي غنّى "الله معك يا بيت صامد بالجنوب"، فأطرب الفنانة سميرة توفيق التي كانت ضيفة البرنامج. الأغنية الطربية قدّمت شابين هما عمر أمون وأحمد المنجد اللذين كانت رحلتهما في الفنّ قصيرة للغاية. إذ قدّم أمون أغاني وموشحات وقدوداً حلبية، فيما جاراه المنجد فيها مقدّما أغنية لاقت رواجاً كبيرا بعنوان "إحكي الحقيقة وقول" .

إقرأ أيضاً: خارطة البرامج التلفزيونية في رمضان


معظم نجوم موسم 1988 اختفوا تماما بعد البرنامج. بعضهم ردّ ذلك إلى الحرب الأهلية التي استعرت بعد عام 1988، وآخرون ردّوا الأسباب إلى هجرة عدد كبير من المشاركين. لكنّ ذاكرة اللبنانيين لا تخلو من مشاهير "استديو الفنّ". مشاهير استمروا بذكاء وبعمل متواصل بعد مشاركتهم في البرنامج. فيما يبقى اختفاء أكثر من 60 متخرّجاً، في موسم واحد، لغزاَ فنيّاً منذ عام 1988.
دلالات
المساهمون