رئيس بورصة بيروت: المستثمر يفضل الخليج على لبنان

31 مارس 2014
منذ 2000 لم يتم ادراج شركات جديدة في البورصة
+ الخط -

"كيف يمكن توقع وجود مستثمرين في البورصة، إذا كانت الحكومات لا تتشكل إلا بعد أشهر من الفراغ؟ أو إذا كان الوضع الأمني ينتقل من أزمة إلى أزمة؟ أو إذا كانت الحوافز الاستثمارية ضعيفة؟".

سؤال منطقي يطرحه رئيس بورصة بيروت بالوكالة، غالب محمصاني، في مقابلة خاصة مع "العربي الجديد". إذ، وبعكس كل دول المنطقة، تعتبر بورصة بيروت صغيرة جداً وجامدة جداً وغير قابلة للتطور، حتى أن أي شركة لم تدرج أسهمها في البورصة منذ 14 عاماً.

أما ما يمكن استنتاجه من حديثه، فهو أن السياسة والحروب تقتل الاقتصاد اللبناني، وضمنه بورصة بيروت، والأمل في تغيّر الواقع السيء يزيد انكماشاً عاماً بعد عام.

وفي ما يلي نص المقابلة مع رئيس بورصة بيروت، غالب محمصاني:

*ما حجم بورصة بيروت اليوم؟ وما عدد الشركات المدرجة فيها؟.

بورصة بيروت صغيرة جداً. فالشركات المدرجة في البورصة عددها قليل وهذا الواقع لم يتغير منذ سنوات طويلة. إذ توجد 13 شركة، كلها مصارف باستثناء شركة عقارية وأخرى للسيارات وشركتي اسمنت، وتوجد 4 شركات تشهد بعض القبول، كشركة سوليدير العقارية، بالإضافة الى عدد من المصارف. والشركات الـ 13 تنوع في منتجاتها، إلا أن بعض هذه المنتجات أصبح بلا فائدة فعلية.

*ما متوسط حجم التداول في بورصة بيروت؟.

إذا أردنا تقسيم سوق الأسهم حسب حجم التعاملات، وفق القطاع الاقتصادي، يتبين أن المصارف تسيطر على 78.6 في المئة من الحجم الإجمالي للتعاملات و20.1 في المئة للشركات التطويرية والعقارية و0.1 في المئة للشركات الصناعية.

أما من حيث قيمة التعاملات، فتسيطر المصارف على 67.7 في المئة من القيمة الإجمالية للتعاملات في بورصة بيروت، وشركات التطوير والعقار على 32.3 في المئة ويتبقى 0.1 في المئة للقطاع الصناعي.

وبالنسبة لقيمة التعاملات وفق المتوسط اليومي في بورصة بيروت، فقد ارتفعت من 2 مليون و612 ألف دولار في عام 1997 إلى 8 ملايين و796 ألف دولار في عام 2006، لتتراجع إثر العدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف عام 2006 الى 4 ملايين و90 ألف دولار في العام 2007.

ثم استمر المؤشر في ذبذبته حتى عام 2010 حيث ارتفع متوسط حجم التداول اليومي الى 7 ملايين و667 ألف دولار في عام 2010.

ومن ثم شهدت بورصة بيروت تراجعاً شبه ثابت بين أعوام 2011 وصولاً الى أول شهرين من العام 2014، حيث راوح متوسط حجم التعامل اليومي بين 2 مليون ومليون و557 ألف دولار.

*لماذا لا تنشط الشركات المحلية اللبنانية في بورصة بيروت؟.

لا توجد سياسة تشجع الشركات على إدراج أسهمها في البورصة، ولا توجد ثقافة أسواق مالية في لبنان. فقد أعدت شركة فرنسية تقريراً منذ فترة وتبين أن المستثمر المحلي يفضل الحصول على سيولة عبر الاقتراض من المصارف، بدلاً من توسيع أعماله وزيادة أرباحه عبر البورصة. بالإضافة إلى ذلك، معظم الشركات اللبنانية صغيرة الحجم ويسيطر عليها الطابع العائلي، وبالتالي فإن أصحاب هذه الشركات يتخوفون من الانفتاح، ما يبقي الشركات في واقعها من دون تغييرات وما لذلك من تأثير على الاقتصاد الكلي.

*كيف تطور حجم البورصة خلال السنوات الأخيرة؟ ومتى دخلت في انتكاستها؟.

تأسست بورصة بيروت في عام 1920 وهي ثاني أقدم بورصة في العالم العربي بعد البورصة المصرية. وكانت بورصة بيروت وجهة استثمارية في العالم العربي، وكان فيها عدد كبير من الشركات العربية وحتى الأجنبية.

إلا أنه ومع بداية الحرب الأهلية في عام 1975 توقف العمل في بورصة بيروت نهائياً، واستمر توقفها حتى عام 1994، حينها أعدّ قانون جديد للبورصة، واستعادت عملها.

ومنذ عام 1995 يمكن القول: إن البورصة بدأت بتكوين نفسها من جديد، وأدرج عدد من الشركات والمصارف فيها.

في عام 2008 دخل العالم في أزمته المالية، فغاب عن بورصة بيروت المتعاملون بأسهمها من الصناديق العربية والمستثمرين العرب، ومن ثم امتد وقف التعامل بأسهم البورصة الى بعض اللبنانيين.

هكذا، دخلت البورصة في مرحلة الجمود والانتكاسة، ولا تزال هذه المرحلة مستمرة حتى اللحظة، وقد جاءت التفجيرات المتتالية منذ العام 2005 حتى اليوم، والخلافات السياسية الكبيرة لتغذي الجمود، إن كان من ناحية التعامل أو إدراج الأسهم.

حالياً لا يوجد متعامل خليجي بأسهم بورصة بيروت وإنما يقتصر الأمر على اللبنانيين، وذلك لتوقف الاستثمار العربي في لبنان. علماً أنه منذ عام 2000 حتى اليوم، لم تدرج أسهم أي شركة جديدة في بورصة بيروت.

*لماذا لا توجد شركات أجنبية أو عربية في بورصة بيروت؟.

نظام بورصة بيروت يسمح بإدراج الشركات فيها بغض النظر عن الجنسية، إلا أن السوق صغيرة جداً، وفي حين يضيع السياسيون اللبنانيون الوقت في الخلافات السياسية تطور الأنظمة العربية المجاورة والأنظمة الخليجية بورصاتها وتدخل أفضل التقنيات الى أسواقها المالية.

كما أنه لولا الحرب الأهلية اللبنانية، لكان لبنان المركز المالي للشرق الأوسط، ويضاف الى ذلك أن المستثمر يفضل الذهاب الى دبي ودول الخليج حيث تنعدم الثقة في لبنان اقتصادياً.

إذ كيف يمكن توقع وجود شركات جديدة في البورصة إذا كانت الحكومات لا تتشكل إلا بعد أشهر من الفراغ؟ وإذا كان الوضع الأمني ينتقل من أزمة إلى أزمة؟ وإذا كانت الحوافز الاستثمارية ضعيفة؟

*كيف تؤثر التفجيرات على حركة التداول في البورصة؟.

حقيقة، التأثير ليس كبيراً، أما السبب فلا يعود للارتدادات الاقتصادية والمالية، التي تنتجها الانفجارات المتنقلة، وإنما يعود الى الجمود الحاصل في بورصة بيروت، حيث أن عدد الشركات قليل ومعظمها مصارف، فتكون التأثيرات عادية، نسبة الى الضعف الكبير في البورصة.

*كيف تؤثر التصنيفات العالمية للدولة اللبنانية واقتصادها على حركة التداول؟.

لا يوجد فصل بين العناصر المؤثرة على حركة التداول، فهذا العنصر هو من ضمن عناصر عديدة سيئة جداً، وبالتالي لبنان كله مضروب وخفض التصنيفات الائتمانية نقطة في بحر الأزمات الاقتصادية والاستثمارية في لبنان.

*كيف يمكن للمستثمر اللجوء الى بورصة بيروت، في الوقت الذي تعاني شركات لبنان من قلة الشفافية وتسيطر السرية المصرفية على المصارف؟.

السرية المصرفية تؤثر على شفافية الإفصاح عن المودعين، وكذلك على تقييم المخاطر الاستثمارية للبنوك. في لبنان لا توجد شفافية مرضية للمستثمرين وللسلطات الداخلية والخارجية.

هيئة الأسواق المالية تطلب كثيراً من التفاصيل المتعلقة بالشفافية من الشركات المدرجة في البورصة والشركات الكبرى غير المدرجة. إذ أن معظم الشركات الكبرى في لبنان لا تخبر المساهم عن كل المعلومات والتفاصيل المتعلقة بالشركة، وقلة الشفافية لا تعود الى نيات تتعلق بإخفاء معلومات، بقدر ما تتعلق بسلوكيات إدارية ورقابية كانت قائمة على عدم الإفصاح.

أما فيما يتعلق بالتهرب الضريبي والاحتيال على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فعادة تقوم بهذه الأعمال الشركات الصغيرة، وهذا يتطلب حزماً من الدولة وأجهزتها الرقابية. 

*هل يوجد اتجاه لخصخصة بورصة بيروت؟.

قانون تنظيم الاسواق المالية، الذي أقر في عام 2011، يشير في بنده الأول الى أنه يجب خصخصة بورصة بيروت خلال عام بعد إقرار القانون. وقد أسس القانون هيئة الأسواق المالية التي يرأسها حاكم مصرف لبنان ورئيس لجنة الرقابة على المصارف ومديري وزارتي المالية والاقتصاد وخبراء ماليين.

وكان من المفترض أن تكون المرحلة الأولى في عملية الخصخصة تحويل بورصة بيروت الى شركة مساهمة ومن ثم عرضها للخصخصة بعد عام. إلا أن السير في المرحلة الأولى يحتاج الى قرار من الحكومة، ولبنان لم يستطع الحصول على حكومة ثابتة منذ العام 2011.

كما أنه حتى اللحظة لم يتفق على آلية خصخصة البورصة، وهل تطرح خصخصة البورصة أمام المتعاملين بها حصراً أم تكون عملية الخصخصة مفتوحة على العموم؟ والإجابة عن هذا السؤال لم يحسم بعد.

 *ما العمل لإخراج بورصة بيروت من دائرة الجمود هذه؟.

فعلياً، نحتاج الى عمل متكامل من أجل إعادة الاستقرار السياسي والأمني بشكل جذري إلى لبنان. إنها مسؤولية السياسيين كلهم من دون استثناء، حيث لا يتوافقون حتى على أولويات اقتصادية لهذا البلد.
ومنه يجب إصلاح الادارة، فقوانيننا المالية من رسوم وضرائب قليلة على الشركات، ولكن يوجد روتين إداري كبير، كذا توجد ثقافة تغيرت بعد الحرب والمليشيات دخلت الى الادارات العامة، والفساد ينخر المؤسسات، لذلك لست متفائلاً بالعودة الى استرجاع دور بورصة بيروت الى ما كانت عليه قبل الحرب الأهلية اللبنانية.

 

المساهمون