دورة افتراضية من "معرض الجزائر للكتاب".. لكن كيف؟

دورة افتراضية من "معرض الجزائر للكتاب".. لكن كيف؟

20 اغسطس 2020
(من دورة سابقة)
+ الخط -

مع استمرار وباء كورونا في الجزائر، كما في غيرها من بلدان العالم، كان واضحاً أنَّ "معرض الجزائر الدولي للكتاب"، الذي دُئب على تنظيمه بين تشرين الأوّل/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر من كلّ عام، لن يُقام هذه السنة، لتلحَقَ التظاهرةُ الثقافية الأكبر في البلاد بغيرها من التظاهرات التي جرى إلغاءُ عددٍ منها وتنظيمُ عددٍ آخر بشكلٍ افتراضي.

مؤخّراً، نقلت "وكالة الأنباء الجزائرية" الرسمية عن مدير دائرة الكتاب في وزارة الثقافة، جمال فوغالي، قوله إنّ الوزارة تتّجه إلى تنظيم نُسخة افتراضية من المعرض الذي يدخل هذا العام دورته الخامسة والعشرين، موضّحاً أن ذلك يدخل في إطار "الوقاية من انتشار فيروس كورونا المستجدّ".

وقال فوغالي إنّ التوجُّه إلى الخيار الافتراضي يأتي بسبب تعذُّر تنظيم المعرض، الذي يستقطب قرابة مليون زائر سنوياً، بسبب الظرف الصحّي الاستثنائي، مضيفاً أنَّ القرار اتُّخذ بعد مشاوراتٍ جمعت ناشرين جزائريّين ومسؤولين في وزارة الثقافة.

وأوضح المتحدّث أنَّ برنامج الدورة المقبلة لم يُستكمل بعدُ، لكنه أشار إلى أنه سيتضمّن عدداً من اللقاءات والنقاشات والموائد المستديرة التي تُنظَّم باستخدام الوسائط التكنولوجية الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، مع إمكانية إطلاق ما أسماها "أرضيةً لبيع الكتب عبر الإنترنت" بالشراكة مع الناشرين الجزائريّين والأجانب.

لا شكَّ أنَّ غياب "معرض الجزائر الدولي للكتاب"، بشكله الاعتيادي، سيُضيف فراغاً إلى المشهد الثقافي الجزائري، وسيُشكّل خسارةً كبيرة لكثيرٍ من الناشرين الذين كانوا يجدون فيه فضاءً وحيداً لتسويق إصداراتهم في ظلّ غياب شبكات لتوزيع الكتاب في الجزائر، وأيضاً للقارئ الجزائري الذي لا يصل إليه الكتابُ الأجنبي إلّا خلال هذه التظاهرة، بسبب القوانين المقيّدة لدخول الكتاب إلى البلاد.

هكذا، تبدو الصيغةُ الافتراضية محاولةً للحفاظ على شيءٍ من المعرض الذي شاركت في دورته العام الماضي قرابةُ ألف دار نشر وتردّد عليه أكثرُ من مليون زائر. لكنَّ المؤكَّد أنَّ هذه المحاولة لن تذهب إلى أبعد من الجانب التنشيطي؛ أي الفعاليات الثقافية التي تُقام على هامش المعرض ولا تستقطب اهتمام إلّا نسبةٍ ضئيلة جدّاً من زوّاره، بينما تبدو صناعةُ الكتاب في الجزائر، حتى الآن، بعيدةً عمّا يعيشه العالَم من تطوُّر تكنولوجي.

لن يكون صعباً على مُنظّمي التظاهرة إقامةُ ندواتٍ وبثّها على خدمات البثّ الحيّ على الإنترنت، التي باتت كثيرةً ومتنوّعةً هذه الأيّام. لكن، هل بمقدورهم فعلاً بيع الكُتب عبر الإنترنت؟

قد يبدو هذا السؤال مستغرَباً. لكنه ليس كذلك بالنسبة إلى بلدٍ لا تزالُ المعاملاتُ التجارية فيه تجري غالباً بأشكالها التقليدية، بينما لا تزال التجارة الإلكترونيةُ تحبو منذ سنواتٍ كثيرة، لأسباب عديدة ومتداخلة؛ منها طبيعة منظومته البنكية مِن جهة، والقوانينُ التي تكبّلُ أيَّ خطوةٍ نحو هذا الاتجاه من جهة أُخرى. وهذا ما يجعل شراءَ أيِّ سلعةٍ من داخل البلاد، عبر الإنترنت (إن توفّرت) أمراً بالغ الصعوبة، بينما يُصبح شراء سلعةٍ من خارجها أمراً شبه مستحيل.

بالتأكيد، لن يكون بمقدور منظّمي "معرض الجزائر الدولي للكتاب" القفز على كلّ تلك الإشكاليات أو حلُّها في غضون أسابيع قليلة. ولعلَّ أفضل ما بوسعهم القيام به حالياً هو تطوير موقعه الإلكتروني والاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي لتقديم المعلومة الضرورية للزائر، وفي وقتها. أمّا بيعُ الكتب، إلكترونية كانت أو ورقية، فهو أمرٌ لن نكون متشائمين إن قلنا إنه لن يحدُث غداً.

المساهمون