دوا ليبا... أتريدون أغاني خالدة؟

دوا ليبا... أتريدون أغاني خالدة؟

05 ابريل 2020
كيف يمكن صناعة أغنية بوب خالدة؟ (Getty)
+ الخط -
"أتريد أغنية خالدة؟ أنا أريد تغيير اللعبة". بهذه العبارة، تفتتح مغنية البوب الإنكليزية، دوا ليبا (Dua Lipa)، ألبومها الجديد "Future Nostalgia"؛ الألبوم الثاني بمسيرة ليبا، التي لا تزال في الرابعة والعشرين من عمرها، وقد تمكنت منذ أن طرحت ألبومها الأول سنة 2017 من أن تتربع على عرش موسيقى البوب البريطانية المعاصرة.

ومن السؤال الأول، الذي تفتتح به ليبا ألبومها، تفتح الأفق لإعادة التفكير بماهية أغنية البوب وصناعتها؛ فكيف يمكن صناعة أغنية بوب خالدة؟ يريد مصممها لها أن تكون عميقة في ذاكرة الأعوام القادمة، وجزءاً من النوستالجيا المستقبلية؟

كل أغاني البوب تلك، التي لا نزال نسمعها حتى الآن، والتي تمكنت من تجاوز العصر الذي أنتجت فيه، هي دليل على إمكانية صناعة أغنية بوب خالدة؛ ولكن السؤال الأهم، الذي تقوم ليبا بطرحه بأغنيتها "Future Nostalgia"، هو: هل توجد وصفة لصناعة هذه الأغاني؟ وهو سؤال تذكره ليبا بعد التلميح لسهولة صناعة أغنية بوب تناسب العصر، باستخدام إيقاع تدرك سلفاً أن الجمهور سيحبه اليوم.

السر يكمن في الإيقاع الراقص والحيوي، الذي ينتفض على الرتم الأحادي البسيط، والذي يتم تشكيله بالاعتماد على العديد من أنماط البوب الكلاسيكية، مثل "الديسكو" الذي كان رائجاً في نهاية السبعينيات و"الدانس بوب" الذي راج في الثمانينيات، و"الإليكتريكو" الذي سبق موسيقى "الهيب هوب" ومهد لها.

بهذه الوصفة، تحاول ليبا أن تعيد اكتشاف موسيقى البوب الكلاسيكية في سنة 2020، بأسلوب مرن وعصري؛ وتحاول أن تعيد المجد لأغنية البوب بتخليصها من كل آثار موسيقى الراب والهيب هوب التي حرفت أغنية البوب عن مسارها منذ مطلع الألفية.

ومن خلال هذه الوصفة، التي تدرك ليبا فعاليتها، تتمكن من صناعة أغانٍ ساحرة تناسب الذائقة العامة للجمهور اليوم؛ وهو ما يمكن البرهنة عليه من خلال المكانة التي وصلت إليها أول أغنية تم طرحها من الألبوم نهاية العام الماضي، "Don't Start Now"، والتي تحتل المركز الأول في قائمة "dolator" ووصلت إلى المركز الثالث في قائمة "Billboard"؛ ولكن لا يمكن الجزم بأن هذه الأغاني ستتمكن من مقاومة الزمن كما تأمل ليبا.

وقبل الاسترسال بخط الأفكار المرتبط بالحنين المستقبلي الذي رسمته ليبا، تتوجب علينا الإشارة إلى أن أغاني الألبوم التي صنعت بالوصفة ذاتها- تقريباً- لا تتساوى بالجودة. فالألبوم يتكون من إحدى عشرة أغنية، صنعت جميعها بإتقان، لكن أغنيتي "Cool" و"Boys Will Be Boys" تبدوان بمكانة أدنى من بقية الأغاني؛ على الرغم من أن ليبا تحاول في أغنية "Boys Will Be Boys" أن تبحث عن قيمة مضافة من خلال تحميلها لقضية نسوية، لتبدو غريبة عن كلمات ما تبقى من أغانٍ، والتي تقتصر معظمها على الغناء للحب والجنس.

ومن ناحية أخرى، فإن ما تبقى من أغانٍ في الألبوم لا يتساوى بجودتها ورهافتها؛ فهناك ثلاث منها ستخطفك ببريقها الخاص عند الاستماع للألبوم كاملاً؛ وهي "Don't Start Now" التي تختزل سحر إيقاع موسيقى البوب دانس من الثمانينيات، وتعيد صياغته بطريقة عصرية، وأغنية "Physical" التي تفكك بها موسيقى البوب روك والباور بوب لتنتج أغنية تتمتع بقوة ضاربة، وأغنية "Break My Heart" التي تبدو أكثر انسجاماً مع روح موسيقى الديسكو، العائدة من السبعينيات.

والتي اختارتها ليبا لتكون الأغنية المصورة التي تطرحها في موعد إصدار الألبوم (الذي صدر بشكل مفاجئ قبل أسبوعين من موعد طرحه)، ليبدو تميز هذه الأغاني دليلاً آخر على عبثية فكرة الوصفة السرية لصناعة الأغاني الخالدة.

المساهمون