خلف حدود ليبيا:شظايا الحرب انتكاسة اقتصادية في دول الجوار

خلف حدود ليبيا:شظايا الحرب انتكاسة اقتصادية في دول الجوار

22 فبراير 2016
الحرب الليبية تطاول اقتصادات الدول المجاورة(عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
لم تخلّف الأزمة المتواصلة في ليبيا منذ أكثر من خمس سنوات، الدمار والموت فقط، بل امتدّت آثار الأزمة والاقتتال الداخليّ لتشمل الجانب الاقتصاديّ في ليبيا... ودول الجوار. إذ عقب اندلاع الثورة الليبيّة شهدت تونس ومصر موجات من اللاجئين فاقت في مجملها المليوني لاجئ، من الليبيّين والعمالة الأفريقية والعربيّة. هؤلاء الذّين هربوا من جحيم الحرب حينها وجدوا أنفسهم بين براثن الجوع والتشرّد. يقول الباحث الاقتصادي التونسي، عماد بن سليمان، إنّ حركة اللاجئين شكلت عبئاً على كاهل الدولة التونسية. ويوضّح أنّ قدوم أكثر من مليون لاجئ ليبيّ إلى تونس خلال السنوات الماضي أدّى إلى ارتفاع الدعم على المواد الغذائيّة والوقود من 600 مليون دولار سنة 2011 إلى ما يناهز 4 مليارات دولار سنة 2015، بحسب وزارة التجارة التونسية. ليس هذا فحسب، إذ يشير بن سليمان إلى أنّ قطاعات عديدة تأثّرت بالأزمة الليبيّة. حيث تراجعت المبادلات التجارية بين البلدين بنسبة تزيد عن 75% وفق تقرير لوزارة التجارة التونسية نتيجة التوقف الكامل لأنشطة أكثر من 100 شركة تونسية كانت تعمل حصرياً في السوق الليبية. كما توقف نشاط نحو 1300 شركة تونسية تصدّر إلى ليبيا، والتي تراجعت معاملاتها إلى 30 مليون دولار سنة 2015 بعد أن كانت تفوق 600 مليون دولار.

اقرأ أيضاً:فروقات طبقية يعيشها اللاجئون في تونس

ضغوط اقتصادية 
هذا واضطرت شركات أخرى فاق عددها الألف إلى إعادة برامجها التصديرية والإنتاجية التي كانت عادة موجهة إلى طرابلس. كما يؤكد بن سليمان أنّ عودة نحو 100 ألف تونسي كانوا يعملون في ليبيا خلال الفترة الماضية أدت إلى تأزيم الوضع الاقتصاديّ والاجتماعي نتيجة محدوديّة سوق العمل وعدم قدرة الاقتصاد المحليّ على استيعاب العائدين وإدماجهم في الدورة الاقتصاديّة.

وقد بلغ حجم الخسائر الناجمة عن توقف التحويلات المالية للمهاجرين التونسيين بليبيا وعودتهم إلى تونس حوالي 100 مليون دولار خلال السنة الأولى فقط من اندلاع الثورة الليبيّة. بدوره، يقول الخبير الاقتصاديّ الجزائري والدولي، عبد المالك سراي، إن الثروة النفطيّة الجزائريّة واحتياطيّ الجزائر من العملة الصعبة، والذّي ناهز 170 مليار دولار، لن يمكّن الجزائر من النأي بنفسها عن الارتدادات الاقتصاديّة لتواصل الأزمة الليبيّة. حيث دفعت حالة الانفلات الأمني في ليبيا الجزائر إلى حالة من الاستنفار الدائم ورفع الضغط على الجيش الجزائري المرابط على طول الحدود، مما يكلف ميزانية ضخمة كلّ سنة. كما يشير إلى الآثار السلبيّة لانتعاش التهريب والتجارة الموازية على طول الحدود الجزائريّة التي يستحيل ضبطها بالكامل. أمّا على صعيد الاستثمارات الجزائريّة في ليبيا، فقد أدّى الموقف الرسمي الجزائريّ من الثورة الليبيّة إلى غلق السوق الليبيّة أمام الاستثمار الجزائريّ، خصوصاً في مجال الطاقة والبترول. فقد كانت شركة سوناطراك الجزائريّة من أكبر المتضررين من الحرب في ليبيا، بعدما استثمرت أموالاً طائلة في حقول متواجدة على الحدود المشتركة بين البلدين تجاوزت 110 ملايين دولار. كما تعذّر سحب عتاد حفر الشركة عبر الحدود الجزائرية الليبية نتيجة انتشار المليشيات المسلحة، كما تمّت تصفية الشركة الجزائرية العربية الليبية لاستكشاف وإنتاج النفط "ألييكو" التي تمّ تأسيسها سنة 1987 بهدف تعزيز الشراكة في التنقيب واستغلال المحروقات بين البلدين. ويضيف سراي أنّ الانفلات الأمني أثّر على الاستثمارات الأجنبيّة في الجنوب الجزائريّ نظراً لتردي الأوضاع على الحدود الليبيّة الجزائريّة. حيث لم تتمكن الحكومة الجزائريّة من إعادة «شتات أويل» و«بريتيش بيتروليوم» إلى عين أميناس إلا بعد أكثر من سنة، بشروط تجبر الجيش الجزائري على تكثيف نشاطه الأمني على الحدود البرية مع ليبيا ومالي المجاورتين، والتي تفوق ستة آلاف كلم. وأيضاً، انعكست الأزمة الليبيّة على الوضع الاقتصاديّ المصريّ، حيث أكدت تقارير صادرة عن لجنة القوى العاملة في مجلس النواب المصري خطورة استمرار تدهور الوضع الليبي على مصر، خصوصاً في ظلّ وجود مليون ونصف المليون مصري عاملين في ليبيا عاد منهم نحو 200 ألف حتى السنة الماضية، وهو ما يسبب ضغطاً على سوق العمل المصرية. هذا التراجع يؤكده رئيس جمعية المستثمرين المصرية الليبية، ناصر بيان، إذ إنّ الاضطرابات الأمنية في ليبيا لا تسمح بزيادة الاستثمارات الليبية في مصر أو حتى توجه الشركات المصرية إلى ليبيا نظراً لغياب الاستقرار الضروري ومناخ يشجع على الاستثمار. كما قُدّر حجم الخسائر المصريّة بسبب توقف عمليات التنفيذ بـ 20 مليار دولار، ليشمل قطاعات السياحة والبترول والخدمات المصرفية والصادرات الزراعية والصناعات الغذائية والكيماوية والسكنية. هذا وتراجعت حركة الشحن ونقل البضائع بين البلدين خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة 70% بسبب عدم تأمين الحدود وتعرض الموردين والسائقين لعمليات سطو مسلح واحتجازهم كرهائن.

اقرأ أيضاً:الأزمة الليبية: حرب الشوارع تطرد الليبيين من بيوتهم

المساهمون