حملة دعائية صهيونية تجتاح الصحف البريطانية

حملة دعائية صهيونية تجتاح الصحف البريطانية

11 اغسطس 2014
إسرائيل تفزع الغرب من جوارها الفلسطيني (السفارة الإسرائيلية بإرلندا)
+ الخط -

يجمع خبراء الإعلام والعلاقات العامة، في مختلف مواقفهم، على أن إسرائيل خسرت من الرأي العام العالمي أكثر مما ربحت بسبب عدوانها على قطاع غزة. وربما هذا ما يفسر "الفيضان" في المواد الدعائية الإسرائيلية التي بدأت تظهر في كبريات وسائل الإعلام العالمية، بهدف إنقاذ ما تبقى من صورة إسرائيل "الحضارية"، أو سمعتها "المدهشة".

صباح اليوم، تفاجأ قراء صحيفة "غارديان" البريطانية، بنشر الصحيفة إعلاناً مدفوعاً وممولاً من قبل مؤسسات صهيونية، يطالب فيه، إيلي ويسل، الحاصل على جائزة نوبل للسلام ، رئيس الوزراء البريطاني وقادة العالم بإدانة "استخدام حماس للأطفال الفلسطينيين كدروع بشرية". ويزعم ويسل، في الإعلان الذي احتل صفحة كاملة من "ذي غارديان، أن "ما نعاني منه اليوم، ليس حرباً بين العرب واليهود، أو بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل حرب بين من يحتفل بالحياة من يمجد الموت". ويمضي ويسل إلى حد القول، "على المعتدلين من الرجال والنساء أن يوجهوا انتقاداتهم إلى حماس، بدلاً من انتقادهم جنود الجيش الإسرائيلي الذين لم يترك لهم أي خيار سوى إطلاق النار الذي يصيب الدروع البشرية". وفي السطور الأخيرة من الإعلان يدعو ويسل الجمهور البريطاني "إلى مساندة إسرائيل التي تخوض صراعاً جديداً من أجل البقاء".
مزاعم إيلي ويسل، تأتي في سياق حملة علاقات عامة محمومة تخوضها المنظمات الصهيونية في العالم، حيث يوظف المال وأصحاب النفوذ الاجتماعي والإقتصادي، والشخصيات السياسية والرياضية والفنية، من أجل الدفاع عن إسرائيل التي تخوض "معركة الحياة" في مواجهة "إرهاب حماس الإسلامي".

فيسك ينتقد

الكاتب البريطاني "روبرت فيسك"، كتب في صحيفة "الإندبندنت "البريطانية مقالاً، اليوم، انتقد فيه تصريحات وسلوك المسئوولين الإسرائيليين خلال الحرب الحالية التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة. ووصف فيسك الخطاب الإعلامي والدعائي الإسرائيلي، والأصوات الداعمة له بـ"الواهمة"، خاصة وهي توغل في التضليل عندما يعلن السفير الإسرائيلى فى الولايات المتحدة الأمريكية، "رون ديرمر"، بأن الجيش الإسرائيلى يستحق جائزة "نوبل" للسلام بسبب قدرته على ضبط النفس. ويسخر "فيسك" من دعوة السفير "ديرمر"، المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلى "نتنياهو"، ويعتبر أحد أخلص مستشاريه، خاصة مع تزامن التصريح مع سقوط ما يقرب من 2000 شهيد فى غزة بسبب العدوان الإسرائيلي.

الموناليزا ترتدي الحجاب

وقدم "فيسك" في صحيفة "الأندبندنت" نقداً لاذعا للسياسة التى انتهجها العديد من سفراء الدولة الإسرائيلية فى العواصم الغربية، ضارباً المثل بالسفير الإسرائيلى فى إرلندا "بواز موداي" الذى نشر عن طريق حساب السفارة الرسمى فى "تويتر" صوراً لتماثيل ولوحات تاريخية فى العواصم الغربية مثل "لوحة الموناليزا"، وهي ترتدي الحجاب، وممسكة بسلاح آلي، وأخرى لإحدى التماثيل وهى مغطاة بما يشبه "النقاب"، في كناية لاجتياح "الإسلام" للدول الأوروبية، إذا لم يدعموا إسرائيل فى حربها التى تخوضها باسم العالم الحر. واستشهد "فيسك"، أيضاً، بحادثتين أخريين قامت بهما السفارة الإسرائيلية فى "دبلن"، إذ نشرت السفارة صورة للزعيم النازي "أدولف هتلر" وهو يصرخ "حرروا فلسطين"، فى إشارة واضحة لمن يبدي أي تعاطف مع الدولة الفلسطينية المسلوبة، وصورة أخرى للسيد المسيح "عليه السلام" والسيدة مريم العذراء، وهما يتعرضان لهجوم من قبل الفلسطينيين في بيت لحم.

البرابرة على الأبواب!

وفي محاولة أخرى لتضليل الرأي العام الغربي، يكتب البرفسور بيني موريس، في صحيفة "ديلي تيلغراف"، في حالة من الفوضى خلال هذه الحرب ضاعت بعض الحقائق الأساسية حول المتحاربين، فإسرائيل هي الديمقراطية الليبرالية الغربية، ولا يزال الإسرائيليون يتسمون بالتسامح حتى في زمن الحرب، وتنامي الاستفزازات الإرهابية، وبلادهم هي قوة علمية وتكنولوجية وفنية، في ظل مجتمع مفتوح. على الجانب الآخر هناك مجموعة من المنظمات الإسلامية الشمولية والمتعصبة، وهناك حماس التي تأخذ سكان غزة رهينة". ويمضي موريس، صاحب كتاب "دولة، دولتان، حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، قائلًا "بلا شك لقد تم معاملة الفلسطينيين بشكل سيئ، وبريطانيا وأميركا والعرب والصهيونية هم من يتحمل المسؤولية، لكن الفلسطينيين أيضاً يتحملون المسؤولية، لأنهم رفضوا كل العروض التي قدمت لهم في الأعوام 2008،2000،194،1936، والتي كانت تقوم على أساس حل الدولتين". ويدّعي الكاتب بأن "حماس مثل داعش لا تريد الحلول السلمية، إنها تسعى إلى تدمير جيرانها الغربيين، إسرائيل". وأخيراً يصل الحد بالكاتب إلى تشبيه الأصوات التي تنادي بوقف بيع الأسلحة لإسرائيل، بالأصوات التي تعيش في عالم آخر، وتذكر بالأصوات الداعمة لألمانيا في الثلاثينيات من القرن الماضي. وفي السطر الأخير يحذر، البرفسور مورس، القراء، بأن "البرابرة باتوا على الأبواب".
من المرجح أن تشتد حملات الدعاية الإسرائيلية في أوروبا الغربية وغيرها من دول العالم، خلال الأسابيع وربما الأشهر المقبلة، لأن صناع الرأي العام الصهيوني لاحظوا وبشكل صادم حجم التحولات في اتجاهات الرأي العام العالمي الذي بات أقرب إلى "الضحية" الفلسطيني منه إلى خطابات التضليل والتزييف الصهيوينة، التي تروجها شخصيات عامة مرموقة من أمثال البرفسور إيلي ويسل، نيابة عن "الجلاد" الإسرائيلي.

دلالات

المساهمون