حلب وريفها مقطعا الأوصال بين الثوار و"داعش" والنظام

02 سبتمبر 2014
حلب في أتون معركة شرسة (أحمد محمد علي/الأناضول/getty)
+ الخط -

تمكّن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من السيطرة السبت الماضي، على حاجز أبو طراح، الذي كانت تسيطر عليه قوات النظام السوري.

ويقع الحاجز إلى الشرق من بلدة أثريا الواقعة على طريق "حلب ـ خناصر - السلمية"، الذي أصبح الطريق الوحيد الذي يمكن لسكان الأحياء التي يسيطر عليها النظام السوري وسط وغرب مدينة حلب، سلوكه للخروج نحو باقي مناطق المحافظة وباقي المدن السورية.

وأدت الاشتباكات التي جرت في المنطقة، ومن ثم سيطرة تنظيم "داعش" على الحاجز إلى قطع الطريق بين بلدة أثريا ومدينة مسكنة شرق حلب، وبالتالي إلى قطع الطريق بين مناطق سيطرة النظام السوري وأرياف حلب الشرقية والشمالية من جهة، وقطع الطريق بين هذه المناطق ومحافظات سورية الشرقية التي يسيطر عليها تنظيم "داعش"، من جهة ثانية.

ويعاني سكان مدينة حلب وريفها في الأشهر الأخيرة صعوبات جمّة في التنقل بين مناطق سيطرة كل من تنظيم "داعش" وكتائب الثوار والنظام السوري، إذ تنقسم المحافظة التي تبلغ مساحتها ما يزيد على 18 ألف كيلومتر مربع بين تنظيم "داعش"، الذي بسط نفوذه على الريف الشرقي للمحافظة بالكامل بالإضافة إلى سيطرته على مناطق في ريفها الشمالي، وكتائب الثوار التي بسطت سيطرتها على الريف الغربي وأجزاء واسعة من الريف الشمالي والجنوبي، بالإضافة إلى سيطرتها على أحياء مدينة حلب الشمالية والشرقية والجنوبية، في مقابل احتفاظ قوات النظام السوري بالسيطرة على وسط مدينة حلب وأحيائها الغربية ومناطق في ريفها الجنوبي ومنطقة السفيرة وريفها شرقي حلب.

هذا التداخل في مناطق سيطرة الجهات المتقاتلة فيما بينها في مدينة حلب وريفها، وتحوّل خطوط التماس بين مناطق سيطرتهم إلى جبهات مشتعلة على مدار الساعة، أدى إلى انقطاع الطرقات التي تعوّد السكان أن يسلكوها للانتقال من حي إلى حي في مدينة حلب، ومن المدينة نحو مدن وبلدات ريفها وبالعكس.

وازداد الوضع سوءاً بعد إغلاق قوات النظام السوري معبر كراج الحجز الواقع في حي بستان القصر وسط مدينة حلب؛ المعبر الذي كان يعبره عشرات الآلاف من سكان المدينة مشياً على الأقدام يومياً على الرغم من سقوط قتلى بينهم، بشكل شبه يومي، بسبب الاستهداف المتكرر من قبل قناصي قوات النظام المتمركزين أعلى برج القصر البلدي.

وفي الفترة الأخيرة انتشرت أخبار مؤكدة عن نية النظام السوري فتح معبر جديد يُسمح للمدنيين بالانتقال مشياً على الأقدام من خلاله، من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق سيطرة الثوار، وبالعكس، في منطقة الشيخ مقصود شمالي مدينة حلب.

ترافقت هذه الأخبار مع عمليات تنظيف للشوارع وإزالة للسواتر الترابية، قامت بها كل من قوات النظام السوري المتواجدة في المنطقة، وقوات الحماية الشعبية الكردية المسيطرة على حي الشيخ مقصود.

لم تمض أيام قليلة على انطلاق التحضيرات لفتح هذا المعبر الجديد قبل أن يصدر المجلس العسكري الثوري بياناً يعلن فيه أنه يرفض بشكل قطعي فتح أي معبر بين مناطق سيطرة النظام وتلك التي يسيطر عليها الثوار في مدينة حلب، ويحذر فيه "النظام وأعوانه" من عواقب اتخاذ قرار بفتح معبر في منطقة الشيخ مقصود.

ويروي مهند برادعي، وهو أحد سكان مناطق سيطرة الثوار في مدينة حلب ممن يضطرون إلى الانتقال بشكل دائم نحو مناطق سيطرة النظام السوري، لـ"العربي الجديد" معاناة تلك المغامرة اليومية، ويقول: كل من يرغب بالانتقال من الأحياء التي يسيطر عليها الثوار في مدينة حلب باتجاه مناطق سيطرة النظام السوري في نفس المدينة، يضطر إلى السفر من مدينة حلب باتجاه بلدة حريتان في ريفها الشمالي قبل العبور غرباً لقطع مناطق ريف حلب الغربي، والوصول لمدينة إدلب ومن ثم مدينة حماة، ليتجه بعدها نحو الشرق وصولاً إلى منطقة سلمية في ريف حماة ومن ثم بلدة خناصر حتى الاتجاه شمالاً نحو حي الراموسة في حلب، والذي بات يعتبر مدخل المنطقة التي يسيطر عليها النظام السوري من المدينة.

تستغرق الرحلة التي يخوضها المسافرون من وإلى مناطق سيطرة النظام السوري في حلب مالا يقل عن 12 ساعة، ويتعرض الركاب في سيارات النقل التي باتت تعمل على نقل الركاب لهذه المسافة الطويلة التي تناهز 350 كيلومتراً لخطر الاعتقال من قبل عشرات الحواجز المنتشرة على الطرقات، كما يتعرض الركاب لعمليات مضايقة وابتزاز يومية، خصوصاً من قبل حواجز "الشبيحة" في منطقة أثريا، ويضطرون لدفع مبالغ مالية لهم بالإضافة لأجرة النقل العالية دون أن يكون لديهم خيار، إلا تحمّل كل ذلك في سبيل الوصول إلى الأماكن التي يريدونها الوصول إليها لقضاء حوائجهم وعيادة أو تعزية أحبائهم.

المساهمون