حفتر مستنسخاً خطاب السيسي "سنسحق الإرهاب" والأمم المتحدة "قلقة"

حفتر مستنسخاً خطاب السيسي "سنسحق الإرهاب" والأمم المتحدة "قلقة"

24 مايو 2014
حفتر: لا عودة عن قبول التفويض (عبدالله دوما/فرانس برس/Getty)
+ الخط -


أعلن اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، اليوم السبت، قبوله ما سماه "التفويض الشعبي بمحاربة الإرهاب"، في إشارة إلى تظاهرات خرجت أمس الجمعة، وخصوصاً في طرابلس، تأييداً لعملية "كرامة ليبيا" العسكرية التي يقودها، في محاكاة للسيناريو، الذي قام به وزير الدفاع المصري المستقيل، عبد الفتاح السيسي، العام الماضي بعد الانقلاب الذي نفذه، وأطاح به الرئيس المنتخب، محمد مرسي. 

وأضاف حفتر (70 عاماً)، في خطاب متلفز، تلاه بنفسه حسب وكالة "الأناضول" أنه يعلن "باعتزاز وفخر وإدراك لخطورة المهمة ووعي لثقل المسؤولية، عن قبوله وتشرفه بالتفويض الشعبي الواضح والصريح الذي أصدره الشعب الليبي". 

واستخدم حفتر، لغة القوة في خطابه، معتبراً أن ما سماه "التفويض الشعبي" "أمر لا يردّ وقرار لا يقبل سوى الطاعة والتنفيذ بمحاربة الارهاب وضرب أوكاره وتدمير حصونه ومعاقله من دون هوادة وحماية الشعب في جميع مناطقه ومدنه وقراه من كل العابثين والمتطاولين".

وحمّل حفتر، القوى السياسية والعسكرية المناوئة له، من دون أن يسميهم، مسؤولية ما سماه "سفك دماء الليبيين، وتعطيل مسار التنمية"، متغافلاً عن كونه المتسبب في اندلاع الأزمة.
واعتبر أنهم "حولوا ثورة 17 فبراير (شباط 2011 التي أطاحت بالدكتاتور الراحل معمر القذافي) المجيدة من وعد للحياة والحرية إلى وعيد للموت والظلام، وأحاطوا الوطن بحاضنة لوحوش الإرهاب".

في المقابل، أشاد بالقوات التي تخضع لقيادته، والتي تطلق على نفسها اسم "الجيش الوطني والشعبي"، واعتبرها "حصن الكرامة وحامل الحريات وضامن الديمقراطيات".

وفي إشارة إلى عدم نيته التراجع عن محاولته الانقلابية وتجنيب البلاد تداعياتها، توجه حفتر، إلى الشعب الليبي "لا عودة عن قبول التفويض ومواجهة التحدي، ولن يعود ضباط وجنود جيشك الوطني والثوار الوطنيون الصادقون إلى ثكناتهم وبيوتهم حتى ينهزم الإرهاب هزيمة ساحقة".

وتابع قائد عملية "كرامة ليبيا" "لن يتوقف المسار الديمقراطي ولن تتعطل مسيرة التعاون والتداول السلمي للسلطة بل يزيد الزخم، وتقوى الحرية وتترسخ الديمقراطية، ويعود فبراير عيداً لا وعيداً".

وقال حفتر: إن من سماها "القيادة العامة للجيش الوطني الليبي" تدعو الشعب إلى مساندة ما وصفها بـ"المعركة التاريخية"، وإلى "الصمود والصبر والاحتساب حتى يتحقق الانتصار الناجز والنهائي". 

ومنذ السادس عشر من الشهر الجاري، تشهد الأوضاع الميدانية في ليبيا تصعيداً أمنياً إثر فتح قوات حفتر، معركة مع عناصر تتبع رئاسة أركان الجيش الليبي، في محاولة منه السيطرة على مدينة بنغازي. 

وتلت هذه المواجهات محاولة مسلحين اقتحام مبنى المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت، أعلى سلطة في البلاد) في العاصمة الليبية طرابلس. وقد أسفرت المواجهات عن مقتل ما لا يقل عن 80 شخصاً و150 جريحاً.

وبينما يردد حفتر، أن تحركاته تهدف إلى تطهير ليبيا من "المتطرفين، والتكفيريين، والإخوان المسلمين"، يرى رئيس المؤتمر الوطني (البرلمان)، نوري أبو سهمين والقوى السياسية المؤيدة للشرعية، أن تلك التحركات ليست سوى محاولة انقلاب على السلطة.
وفيما أصدر عدد من أعضاء المؤتمر بياناً يطلبون فيه "اقتصار عمل المؤتمر الوطني على انتخاب البرلمان وتسليم السلطة إليه والتأكيد على ضرورة دعم الجيش والشرطة"، هددت غرفة عمليات حفتر المؤتمر الوطني. وحذرته من ما سمّته "الالتفاف على رغبة الشعب الليبي، أو المراوغة في الحقائق"، بحسب ما جاء في بيان صادر عنها.

وجاء في البيان أن "أي محاولة (للمؤتمر) للاجتماع بأي مكان ستكون هدفاً مشروعاً للجيش بالقبض والمنع"، في اشارة واضحة إلى نية قوات حفتر عرقلة أي محاولة للمؤتمر لعقد اجتماع جديد. ووصفت قوات حفتر المؤتمر بأنه "فاقد للشرعية بموجب التفويض الصادر من الشعب يوم الجمعة". وهو ما ترفضه القوى المؤيدة للشرعية.

وقبل نحو أسبوع، قال مراقب جماعة "الإخوان المسلمين" في ليبيا بشير الكبتي: إن "دولاً عربية" (لم يسمها) تدعم حفتر، في "محاولة لاستنساخ تجربة مصر". في إشارة منه إلى انقلاب مصر.

أما الحكومة المؤقتة، برئاسة عبد الله الثني، التي يدعم عدد من وزرائها حفتر، علانية، فأكد رئيسها أمس الجمعة، في مؤتمر صحافي "استمرار حكومته في مكافحة الارهاب بكل أشكاله". وطالب "بعدم استغلال الارهاب في مآرب سياسية". من جهته، قال وزير العدل الليبي، صلاح الميرغني، في المؤتمر الصحافي نفسه: إن الحكومة حين تتحدث عن الارهاب بالضرورة لا تقصد التيار الاسلامي، فهذا ظلم وافتئات، لكن الارهاب هو الارهاب الذي يستهدف إفساد الحياة المدنية والسياسية.

من جهتها، أصدرت حركة "انصاف الشعبية"، بياناً، اليوم السبت، اعتبرت فيه أن علاج الخلل في "المؤتمر الوطني" لا يعالج بالحلول العسكرية، "إذ لا يمكن علاج الخطأ بخطأ أفدح".

وشددت الحركة، التي لا تحسب على أي من طرفي الأزمة، على أن "الديمقراطية هي الخيار الوحيد لإرساء دعائم بناء سياسي مستقر تزيح عن ليبيا كابوس الفوضى والانفلات الأمني". كما اعتبرت أن "النظام الديمقراطي الصحيح هو النظام الوحيد لحل جميع مشاكل ليبيا حلاً جذرياً واستيعاب كل القوى السياسية والاجتماعية والعرقية وبالتالي تحقيق الاستقرار السياسي". وأكدت "في الوقت الذي نرفض فيه كل أشكال العنف والتطرف لا نقبل بغير ما يخدم مصالح شعبنا، ولن نرضى بما لا يرضيه". 

 وحركة "انصاف الشعبية" هي حركة مدنية تضم أطيافاً عدة، بينهم أعضاء في المؤتمر الوطني وناشطون سياسيون وحقوقيون. وتعمل في طرابلس. وتشكلت عقب أزمة الشرعية التي ظهرت في أواخر حكم رئيس الوزراء الهارب إلى ألمانيا، والمقيم في الامارات حالياً، علي زيدان، والمؤتمر الوطني. وتطالب بالتوافق بين جميع الاطياف المنخرطة في الحياة السياسية. 

ميدانياً، نقلت وكالة "رويترز" عن سكان ومسؤولين، في مدينة بنغازي في شرقي ليبيا، اليوم السبت: إن شخصين على الأقل قتلا وأصيب أبناؤهما عندما أخطأت صواريخ استهدفت قاعدة للقوات الخاصة في الجيش هدفها، وأصابت منازل مدنيين، مساء أمس الجمعة. كما أصيب أفراد أسرة ثانية في هجوم آخر استهدف أيضاً قاعدة القوات الخاصة التي انحازت إلى حفتر.

وقال مسؤول في الجيش "ليست هذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها قاعدة القوات الخاصة وقاعدة بنينا الجوية، منذ أن أعلن حفتر، حملته وقررت القوات الخاصة الانضمام إليه".

في هذه الأثناء، لم تشهد مدينة درنة تطورات أمنية. وكان القيادي في الجناح السياسي لحفتر، جمعة السائح، أعلن الجمعة، أن قوات حفتر، "تعتزم مواجهة المتشددين في مدينة درنة، شرقي ليبيا". 

الأمم المتحدة

الى ذلك، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن "القلق العميق" إزاء التطورات الأخيرة في ليبيا، لا سيما إزاء "الحشود العسكرية المتزايدة داخل وحول العاصمة الليبية طرابلس".

وحذّر في بيان أصدره، مساء السبت، بتوقيت نيويورك، وحصلت وكالة "الأناضول" على نسخة منه، من تداعيات المواجهة المسلحة التي يمكن أن "تقضي علي التضحيات التي قدمها الشعب الليبي خلال نضاله من أجل الحرية والكرامة الإنسانية، وخصوصاً في هذه المرحلة الحاسمة من عملية الانتقال السياسي".

ودعا جميع الأطراف المعنية وقادة التشكيلات العسكرية إلى "استئناف الحوار والتقيد الكامل بالتزاماتهم الأخلاقية والقانونية لضمان وحماية المدنيين، وإلى الامتناع عن الأعمال التي تقوض التحول الديمقراطي".

وجدد كي مون الإعراب عن دعمه الكامل للجهود التي يبذلها ممثله الخاص وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، طارق متري، وقال إن "الأمم المتحدة علي أتم استعداد لتسهيل الحوار بين الأطراف المعنية في ليبيا بهدف تحقيق السلام والمحافظة على الوحدة الوطنية".