حسّان مناصرة.. مقاطع يومية من حياة معاصرة

حسّان مناصرة.. مقاطع يومية من حياة معاصرة

26 يونيو 2019
(مقطع من احد أعمال المعرض)
+ الخط -

منذ معرضه الأول عام 2006، يقدّم الفنان التشكيلي الأردني، حسّان مناصرة، رؤيةً خاصةّ سواء في أعمال الحفر والطباعة أو الرسم بالأكريليك، تستند إلى تكبير تفصيل محدَّد من حياة عابرة وسريعة، لكنها تكثّف الإحساس بالأشياء من حولنا بعفوية ودون تخطيط مسبَق.

ورغم نزوعه في لوحاته الأولى إلى مواجهة الهزائم التي يتعرّص إليها الإنسان المعاصر، إلّا أنه كان يُبرز مشهداً ينتمي إلى تجارب معيشة وتعبّر عن مزاج عام يستشعره معظم البشر الذين يتقاسمون أزمات وهموماً مشتركة في انزياحات مدروسة، وليس تعبيراً عن حالة فردية فقط.

"إيقاع يومي" عنوان معرضه الجديد المقام حالياً في غاليري "مطافئ: مقرّ الفنانين"، الدوحة، ويتواصل حتى التاسع والعشرين من الشهر الجاري، وفيه يستحضر فكرة مركّزة ومتماسكة تتشعّب منها مسارات متعدّدة، لكنها تحافظ على أسلوب وموضوع واحد، لتعكس تفاعلاً مسبقاً مع هذه الشخصيات على أرض الواقع قبل أن ينتقل فيها إلى اللوحة، لتمارس سلوكياتها بعفوية مطلقة، غير أنها تشير في الوقت نفسه إلى بطولة الإنسان العادي البعيد عن الضوء.

من المعرضفي أحد الأعمال، يدفع طفل صغير سيّارته؛ اللعبة التي يضع أحد الكبار يده فوقها ليساعده في دفعها نحو الأمام، لكن يظهر عليه الانهماك والشغف بما يقوم به، بينما تثبّت فتاة في عمل ثانٍ كوب الشاي فوق ركبتها دون انتباه منها وهي تراقب شاشة التلفاز.

على هذا المنوال، يجلس طفل في لوحة على كرسي وهو يضع سيارته اللعبة فوق رأسه شارداً وراء فكرة ما، وفي لوحة أخرى يسيّر سياراته فوق وجه امرأة - والدته غالباً - في سلوك معتاد يقوم به الصغار الذين لا ينفصل الجسد لديهم عن العالم المحيط؛ إذ هو نسيج متّصل يستكشفونه ويتعاملون معه دون تفريق بين جماد ونبات وحيوان وإنسان.

تبرز ميزتان أساسيتان في لوحات مناصرة؛ أولاهما تتعلّق بقوة الرسم، متكئاً على خلفية أكاديمية وتدريب فني طويل، والثانية توظيف الألوان في استحضار للطاقة القصوى لدى كائنها وهي تنظر في عين المتلقّي أو تشيح ببصرها نحو الأفق.

تعدّ أعمال الفنان "تسجيلاً ليوميات وسلوكيات قد تكون غاية في البساطة، في شكلها ومظهرها، مثل الابتسام عندما نتذكّر شيئاً ما، أو النظر إلى السيارات من النوافذ، أو دندنة الموسيقى، أو حتى مجرّد النظر في نقطة ما في الفراغ، ثم محاولة استخراج ما بداخل هذه السلوكيات من طاقة تعبيرية والخوض فيها كسلوك إنساني فائق التعقيد، ومكوّن أساسي يميّزنا كبشر عن الآلات أو قطع الأثاث"، بحسب بيان المنظّمين.

يبحث مناصرة في العلاقة بين البشر والعالم والعلاقات التي تربطهم في ما بينهم، والتي تكشف في هذه الأفعال العابرة عما هو أعمق في دواخلنا الإنسانية. وفي هذه المنطقة، يقارب جميع أعماله التي ينفّذها بتقنيات عديدة، مثل الرصاص والطباعة والنحت والرسم.

يُشار إلى أن حسّان مناصرة هو فنان متعدّد التخصّصات، درّس الفنون التطبيقية/ التصميم الداخلي في "جامعة البلقاء التطبيقية" في الأردن، وفن الرسم في "معهد الفنون الجميلة" الأردني، وتلقّى دورات تعليمية في ‏فنون الغرافيك. وإضافةً إلى معرض "إيقاع يومي"، يشارك الفنان في المعرض الجماعي للإقامة الفنية التي تنظّمها "متاحف قطر" وتنطلق في "غراج" منتصف الشهر المقبل.

المساهمون