حزب الكتائب في لبنان: نصف مبايعة ونصف انتخابات

16 يونيو 2015
الكتائب يبايع سامي الجميل (حسين بيضون)
+ الخط -
انتُخب النائب سامي الجميل رئيساً لحزب الكتائب في لبنان. الشاب (34 عاماً) نجل الرئيس الكتائبي السابق، رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميّل، وحفيد مؤسس الكتائب بيار الجميّل. شقيق الوزير بيار الجميل الذي اغتيل في شوارع بيروت الشرقية عام 2006، وابن أخ رئيس الجمهورية الأسبق بشير الجميل (اغتيل عام 1982). كل هذه السيرة العائلية زكّت النائب الكتائبي لترفّعه إلى منصب زعيم الكتائب، أقدم الأحزاب المسيحية في لبنان من أيام الانتداب الفرنسي (تأسس عام 1936)، فتحوّل بذلك أيضاً إلى زعيم مسيحي أيضاً يسعى إلى مشاركة الزعيمين الآخرين، ميشال عون وسمير جعجع، الساحة المسيحية وجمهورها. جاء انتخاب سامي الجميّل في هذا الموقع التنظيمي بشكل مبايعة شعبية كتائبية لآل الجميّل، حتى لو رفض عدد من الكتائبيين هذا الوصف وهذه الحقيقة. نال الجميّل الابن 339 صوتاً من أصل 383 مندوباً شاركوا في العملية الانتخابية، أي ما يعادل 88.5 في المئة من إجمالي الأصوات.

اقرأ أيضاً: حزب الكتائب ينتخب سامي الجميل رئيساً له خلفاً لوالده 

كاد يضرب سامي عتبة التسعين في المئة من المؤيدين، مثلما يحصل في دول الحزب الواحد، لكن على الرغم من ذلك، يريد الكتائبيون التغني بمؤتمرهم الحزبي وبالانتخابات التي تمّت في جسمهم، وهي نقطة تسجّل لصالحهم مع التحفظ على المضمون وكون الانتخابات على الرئاسة جرت بين ابن الزعيم والعائلة الحاكمة والصحافي بيار عطا الله لم ينل سوى 39 صوتاً (بالإضافة إلى أوراق ملغاة). تمكن حزب يبلغ من العمر 79 عاماً من عقد مؤتمره التنظيمي الثلاثين، في حين أن أحزاباً لبنانية أخرى، أعرق أو أقدم أو متجددة أكثر، تعجز عن جمع محازبيها في مؤتمر أو لا تزال تعتمد مبدأ التعيين أو تأجيل مؤتمراتها. مع العلم أنّ المعركة الانتخابية الكتائبية كانت "فعلاً كسر عظم في انتخابات أعضاء المكتب السياسي"، بحسب ما يقول المرشح الفائز لعضوية المكتب سيرج داغر لـ"العربي الجديد". وكانت نتائج انتخابات أعضاء المكتب السياسي الكتائبي متقاربة جداً، ما يؤكد أنّ العائلة الحاكمة تركت فعلياً الأمر للمقترعين لتحديد النتيجة، وخصوصاً أنّ معظم المرشحين يدورون في فلك القيادة من دون وجود معارضين فعليين أو محتّجين بارزين على سيطرة آل الجميّل على الحزب. 

اقرأ أيضاً: لبنان: محاولة تعميم توافق عون ـ جعجع على المسيحيين

يدافع الأخير عن وصول الجميّل الابن إلى رئاسة الكتائب مشيراً إلى أنّ "مسيرة سامي السياسي من عمر السادسة عشرة وإلى اليوم تقدم نضاله بوجه الاحتلال السوري". يضيف داغر أنّ "سامي الجميّل لم يعيّن ولا مرة في منصب سياسي (وزيرا أو نائبا) أو حزبي (باعتباره انتخب أيضاً منسقاً عاماً للكتائب)". حتى أنّ الشاب الكتائبي تمكن في الانتخابات النيابية عام 2009 من كسب المقعد الماروني الذي سبق لوالده رئيس الجمهورية أمين الجميّل أن خسره في انتخابات فرعية عام 2007 بعد اغتيال بيار أمين الجميّل. يسأل داغر وغيره من المقربين من سامي الجميّل: "هل كونه من آل الجميل لا يحق له الترشّح"؟ مع اعتراف ضمني للجميع بأنّ "كونه من العائلة فتح له طريق النيابة والحزب والحياة السياسية، من دون أن يلغي ذلك أنه خاض تجربة سياسية ونضال سياسي خارج الكتائب وفي الكتائب". سبق للجميل الابن أن أسس "حركة لبناننا" في فترة الوصاية السورية على لبنان، ويومها كان قرار حزب الكتائب مصادراً من قبل السلطة التي أدارت قيادة الحزب، ولو أنّ جزءاً من هذه "الحركة" يتصل أيضاً بتصادم مشروع سامي السياسي والشخصي مع مشروع أخيه الراحل بيار الذي كان الخيار الأول لآل الجميّل في الخلافة السياسية الكتائبية.

على الرغم من اغتيال بيار الابن، ظلّ الكتائب يعيش أزمة الصراع العائلي بين النائبين سامي أمين الجميّل ونديم بشير الجميّل، أي بين أحفاد بيار المؤسس. وكان هذا الصراع جلياً منذ 2007 وحتى أشهر قليلة ماضية داخل المنظمات الحزبية وفي المجالس السياسية، إلى أنّ تمكّن النائبان الشابان من الجلوس على طاولة واحدة "وتبادلا النقاش حول هواجسهما وحلّا ما كان عالقاً بينهما"، بحسب ما تؤكد مصادر كتائبية لـ"العربي الجديد". الأكيد أنّ أبناء حزب الكتائب يطمحون لمقارعة التيار الوطني (برئاسة النائب ميشال عون) وحزب القوات اللبنانية (بقيادة سمير جعجع)، على المستويين المسيحي والسياسي.
دلالات