حرب العراق تطارد راسموسن

حرب العراق تطارد راسموسن

24 أكتوبر 2014
يطالب اليسار بالتحقيق مع راسموسن (اليكس وونغ/Getty)
+ الخط -

يواجه الرئيس السابق للحكومة الدنماركية، وأمين حلف الأطلسي المنتهية ولايته حديثاً، أندرس فوغ راسموسن، في الآونة الأخيرة، اتهامات باستغلال سلطته، بهدف الانضمام إلى حلف الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في الحرب على العراق عام 2003.

ويعرض الصحافي في التلفزيون الدنماركي، يسبر تونيل، في كتابه الجديد، الذي يحمل عنوان "فانوس الظلام"، معلومات تشير إلى أنّ "راسموسن تصرّف بسلطاته، كرئيس للوزراء، بما يخالف فصل السلطات، وأجبر الموظفين سياسياً على تقديم ذرائع قانونية لحكومة تحالفه الليبرالي والمحافظ، من دون احترام للتسلسل الوظيفي بمشاركة مكتب القانون الدولي في وزارة الخارجية".

وينقل الصحافي الدنماركي عن مصدر حكومي، رفض الكشف عن اسمه، قوله إن "الأرضية القانونية التي انضّم من خلالها راسموسن، قام بطلبها سياسياً من موظفين حكوميين قانونيين، لإعداد مبررات للانضمام لتحالف بوش في حرب العراق".

هذا الكشف الجديد، يضع راسموسن وحكومته أثناء الحرب على العراق، في حَرج سياسي كبير، إذ باتت الأحزاب تطالب الآن بتشكيل لجان تحقيق في تلك المزاعم، التي سرّبها موظفون حكوميون عن رئيس الحكومة في حينه، الذي حجز مبررات قانونية من موظفي الخارجية الدنماركية، للحصول على ضوء أخضر بإعداد مذكرة قانونية لانضمام بلاده لحرب 2003.

كما انضم الوزير السابق للخارجية والقيادي في حزب "الشعب الاشتراكي"، هولغر نيلسن، مع مقرر الشؤون الدفاعية عن الحزب اليساري "اللائحة الموحدة"، نيكولاي فلموسين، إلى لائحة المطالبين بتشكيل لجان تحقيق في الأسس التي اشتركت على أساسها الدنمارك في الحرب العراقية، إذ يطالب هؤلاء بمثول راسموسن أمام تلك اللجان، للبحث في دوره المشار إليه في التسريبات الجديدة.

ويذهب فلموسين إلى أبعد من مثول راسموسن أمام لجان، قائلاً "لا يكفي أن يقوم راسموسن بالإجابة على الانتقادات، فهذه قضية خطيرة تحتاج إلى إجابات وتحقيق، خصوصاً فيما يتعلق بالصلاحيات السياسية لرئيس الحكومة السابق".

ويتّفق البروفسور في الحقوق الدستورية من جامعة كوبنهاجن، ينس الوروتار، مع مطالب سياسيي اليسار، لتوضيح الدور الذي لعبه راسموسن ووزير خارجيته المحافظ، بيار ستي مولر، معتبراً أنه "في حال كان راسموسن قد قام بهذا الشيء، فهو مسؤول أمام البرلمان الدنماركي، لأنه قام بإقناع الأخير بأن هناك أرضية قانونية صلبة لمشاركة البلاد في الحرب على العراق".

وتصبّ الاتهامات التي تناولها الصحافي الدنماركي في كتابه الجديد، مع رأي كثيرين، كون تحالف بوش وراسموسن بالإضافة إلى الرئيس السابق للوزراء البريطاني توني بلير، هو ما أوصل العراق إلى ما وصل إليه الآن، بعد سنوات من الغزو والحرب.

وفي هذا السياق، يذهب بعض نشطاء السلام إلى القول، إن "خدمات راسموسن تلك هي التي جعلته يصل إلى منصب أمين عام حلف شمال الأطلسي، ليكمل مشواراً طويلاً من خلق نزاعات مسلّحة، وتقوية لجناح العسكرة في أوروبا".

ويلفت العضو في "حركة معارضة الحروب" كارستن سفينسون، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هؤلاء السياسيين الذين وافقوا على إرسال طائراتنا الآن لقصف مواقع في العراق يمارسون ازدواجية في المعايير، فراسموسن بالنسبة لنا كان مجرم حرب، بينما هم يتحدثون الآن عن شرعية إرسال طائراتنا لمدة عام كامل لنعيد الكرة مرة أخرى في العراق".
وطرح الرئيس السابق للحكومة والأمين السابق لحلف الأطلسي، وفقاً للتسريبات، على بعض القانونيين، احتمال ملاحقته دولياً.

هذا الطرح يعكس قلق راسموسن بشأن التبعات القانونية، أثناء التحضير لغزو العراق. وبحسب "مصادر جهات عليا في الخارجية" ذكرت للصحافي تونيل أن "راسموسن كان يدرك أنه يقدم على خطوة يمكن أن يحاسب عليها".

ويعلّق أستاذ القانون الدولي، أندرس هينركسين، على الأمر بالقول: "هذا أمر خطير، وفيه خرق تام للقانون الدولي، في حال كان على علم بإمكانية ملاحقته قضائياً".

وفي السياق، تكشف إحدى الوثائق التي طلبها راسموسن لتغطية حربه بأنّه "لا يمكن لمحكمة الجنايات الدولية ملاحقة شخص، باعتباره قام بعمل عدائي أو ارتكب جريمة".

ولم تستطع وسائل الإعلام الدنماركية المنشغلة بهذه القضية، أن تحصل على تعليق من راسموسن الذي ترك منصبه في حلف الأطلسي حديثاً، وبدأ يبني شركة خاصة لتقديم خدمات استشارية للحكومات حول العالم، على غرار توني بلير، والنائب السابق للرئيس الأميركي ديك تشيني، الأمر الذي جعله عرضة لتهكم الكثيرين.

في المقابل، يؤكّد وزير خارجيته في حكومة المحافظين حينها، بيار ستي مولر، أنّه "لم أسمع أبداً أن راسموسن طالب بمذكرة قانونية حول إمكانية محاكمته في محكمة الجنايات الدولية، إنّها المرة الأولى التي أسمع عنها". في حين لم تجب وزارة الخارجية عن تساؤلات الصحافة حول دور موظفيها الذين سربوا تلك الوثائق وانصاعوا لطلبات راسموسن.

دلالات

المساهمون