حبس مساعد ماكرون احتياطياً... والإليزيه يبدأ إجراءات تسريحه

حبس مساعد ماكرون احتياطياً... والإليزيه يبدأ إجراءات تسريحه

20 يوليو 2018
ماكرون رفض التعليق على قضية بنعلا (ليونيل بونافونتير/فرانس برس)
+ الخط -
حصلت السلطات الأمنية الفرنسية على معلومات جديدة تثبت ضلوع ألكسندر بنعلا في أعمال عنف، دفعت الإليزيه، اليوم الجمعة، إلى بدء إجراءات تسريح هذا المستشار المقرب من الرئيس إيمانويل ماكرون.

وأكّدت النيابة العامة في باريس، صباح اليوم، توقيف ثلاثة ضباط أمن رفيعي المستوى، وأيضا وضع ألكسندر بنعلا في السجن الاحتياطي بتهم ثقيلة، منها ممارسة العنف ضد متظاهرين، وانتحال علامات مخصصة للسلطة العمومية.

صمت ماكرون

وعلى الرغم من صمت الرئيس الفرنسي، الذي قرر ألا يُعلّق على الأمر، كما أكدت مصادر الإليزيه، تتسارع الأحداث بشكل كبير في ما يخص ألكسندر بنعلا، الذي صوّرته فيديوهات وهو يعتدي على متظاهرَين في فاتح مايو/ أيار الماضي، والذي عوقب في حينه من قبل رؤسائه بـ"عقوبة قاسية"، إذ أوقف عن العمل أسبوعين مع وقف راتبه قبل أن يمنح وظيفة إدارية داخل قصر الإليزيه.

وبعد أن طالبت شخصيات سياسية عدة بتشديد العقوبة على بنعلا، وبتجريده من كل وظائفه ومسؤولياته ومتابعته قضائيا، وهو ما ردّ عليه بيان مقتضب للإليزيه بأن الرجل "نال جزاءه"، فتح القضاء الفرنسي تحقيقا أوليّا في حقه، بعدما جرى التعرف إليه في فيديو وهو ينهال بالضرب على أحد المشاركين في تظاهرات عيد العمال.

ويعيش الإليزيه، كما تُجمع وسائل الإعلام، في "دوّامة وحَرَج شديدين" من مخاطر ظهور اعترافات جديدة في الصحافة، وهو ما دفع الناطق باسم الرئاسة، برونو روجي- بوتي، إلى تأكيد ما جرى، مع تقديم اسم شخص آخَر، مساعد آخر، ويتعلق بدركيّ احتياطي شغّلته حركة "الجمهورية إلى الأمام"، عاش الظروف نفسها التي عاشها ألكسندر بنعلا في 1 مايو/ أيار.

ورغم كل إجراءات الإليزيه، تسبّب بنعلا بحَرج كبير للرئيس دفعه للجوء إلى صمت بدأ يزعج ليس فقط المعارضين، بل حتى المقربين من الرئيس، وهو صمتٌ لا يجد تفسيره إلا في العلاقة الوثيقة التي تربط ماكرون بمستشاره المقرب. 

ولم يقنع تفسير وإجراءات الإليزيه كثيرين، كما لم تساهم في إيقاف السجال المحتدم، والذي وصل صداه إلى القضاء، مع فتح تحقيق قضائي أولي، مع مظاهر القلق التي عبرت عنها نقابات الشرطة المعترضة على وجود أفراد خارج الجسم البوليسي داخلها، وإلى مجلس النواب، حيث أعلن عن إنشاء لجنة تحقيق برلمانية، سيكون على عاتقها معرفة ما حدث وتحديد المسؤوليات.

ويأتي قرار الإليزيه البدء بتسريح مستشار ماكرون بعد الإعلان عن عثور مفتشي الشرطة القضائية في بيت ألكسندر بنعلا على ملفات تابعة لوزارة الداخلية ما كان لها أن توجد في بيته، ويتعلق الأمر بتسجيلات فيديو يظهر فيها بنعلا وهو يمارس العنف أثناء تظاهرة 1 مايو/ أيار. 

ولأنّ الإعلان عن هذا المستجد كافٍ لإطلاق إجراءات تسريح هذا الموظف، الذي بدأت تنتشر معلومات تثبت حضورَه كمُراقب في العديد من التظاهرات، من بينها التظاهرة الضخمة التي جرت في باريس ضد تنامي معاداة السامية، والتي شهدت طرد ميلانشون منها، بطلب من قياديين في "المجلس الفرنسي للديانة اليهودية".

كما جاء وضع ألكسندر بنعلا، صباح الجمعة 20، تحت مراقبة بوليسية، وبدء المحققين في مساءلته عن قضايا وتجاوزات عدة، من أجل تحديد مسؤوليته ومسؤوليات رؤسائه، أيضاً، ليرفع الحَرَج عن الرئيس ماكرون، الذي يبدو أن علاقاته مع هذا المستشار حميمة، إلى درجة مرافقته في حفل دفن رفات سيمون فيل في بانثيون باريس، وحضوره في باص الفريق الوطني الفائز بمونديال كرة القدم.

يشار إلى أن النيابة العامة في باريس أعلنت، أمس الخميس، عن فتح تحقيق أولي، وعُهِدَ به إلى فرقة مكافحة الجرائم ضد أشخاص. وفي الوقت نفسه، تقدم عدد من نقابات الشرطة بشكاوى ضد بنعلا، ومن بينها نقابة "فيجي سي. جي. تي"، التي تريد أن تطلع على الملف، والتي أعلن أحد ممثليها أن "صورة الشرطة تلطخت".

وقالت نقابات عدة إنها ليست المرة الأولى التي تورط فيها هذا الشخص، و"بسبب مكانته كان من الصعب التحرك ضده". كما أن نقابة الأمن الداخلي طلبت من وزير الداخلية التقدم بشكوى "التعسف في استعمال السلطة".

وقد تعدى الأمر القضاء إلى عالَم السياسة، فقد استغلت المعارضة هذه القضية لمهاجمة الإليزيه، إذ طالب وزير الدفاع الأسبق اليميني، هيرفي موران، باستقالة بنعلا من منصبه، وبكشف ما وقع أمام الشعب، واستغرب "الصمت الرئاسي".

 

وحثّ موران على أن "تأتي العقوبة من سلطة إدارية أو قضائية".

كما تساءل رئيس حزب "انهضي يا فرنسا"، دوبون إنيان، عن سبب الاحتفاظ بهذا الموظف بعد كل ما جرى.

وكانت انتقادات حركة "فرنسا غير الخاضعة" الأكثر شدة، إذ جاءت الهجمات من العديد من قيادييها، أليكسي كوربيير، ثم جان لوك ميلانشون، وفرانسوا روفان، الذي وصل به الأمر إلى المقارنة ما بين تسريح الرئيس لرئيس الأركان والاحتفاظ بمساعده، رغم مسؤوليته في اعتداء على متظاهرين.

وطالب ميلانشون بحضور وزير الداخلية للإجابة عن تساؤلات البرلمانيين، وهو ما رفضه الوزير.

لجنة تحقيق برلمانية

أتت هذه الهجمات أكلها بعد إعلان رئيس البرلمان، فرانسوا دي روجي، عن إنشاء "لجنة تحقيق برلمانية"، ستكون من صلاحيتها مساءلة ألكسندر بنعلا، وأيضا مدير مكتب الرئيس، باتريك سترزودا، وحتى رئيس الحكومة، إدوار فيليب.

وعلى رغم ترحيب المعارضة، اليمينية واليسارية، بإنشاء هذه اللجنة، التي ستباشر أشغالها الثلاثاء المقبل، إلا أنها لا تزال تصرّ على حضور فوري لوزير الداخلية، رغم رفضه في الوقت الراهن، ما أثار غضب ميلانشون، الذي وجّه إنذارا للوزير بالحضور قبل الساعة الواحدة بعد ظهر الجمعة، وإلّا سيطرح تصويتا على الثقة، وهو ما لن يؤدي إلى شيء، ما دام أن زعيم "فرنسا غير الخاضعة" لا يضمن سوى أصوات نوابه السبعة عشَر، ما دفعه لمطالبة جميع فرق المعارضة، "الجمهوريين" والحزبين الشيوعي والاشتراكي، بالانضمام إلى مقترحه بسحب الثقة، وهو أمر غير مضمون إلى حد الآن. 

دلالات

المساهمون