حباً بالفلسطينيين أم كرهاً بإسرائيل؟

05 اغسطس 2014
+ الخط -

خرجت في الأسابيع الثلاثة الماضية، أكثر من مائتي مظاهرة في مدن الولايات المتحدة الأميركية، تنديداً بالعدوان على غزة، تخللها رفع شعارات تشبّه الصهيونية بالنازية، كما اعتدى المتظاهرون على مطاعم وبنوك إسرائيلية في نيويورك وميامي.

وأعلن الجمهوريون رفضهم طلب المساعدة العاجلة الذي تقدم به الديمقراطيون، من أجل إرسال مبلغ 225 مليون دولار أميركي إلى إسرائيل، بهدف دعم نظام القبة الحديدية، بحجة أن ذلك يرفع ديون البلاد.

وفي الشارع الأميركي، تدور نقاشات وحوارات على محطات الراديو المحلية، وصفحات "فيسبوك"، حول ما يجري في غزة، وتظهر الأغلبية تعاطفها مع الفلسطينيين، فهل أحب الأميركيون الفلسطينيين فجأة، أم أنهم ضاقوا ذرعاً بالممارسات الإسرائيلية، ودعم حكومتهم اللامحدود لإسرائيل.

قبل أكثر من عشر سنوات، كنت في إحدى المحاضرات في جامعة كاليفورنيا، وكان نحو ستين طالباً في المحاضرة، حين سأل الأستاذ: من ولد خارج أميركا؟ رفعت يدي وطالب آخر كان يجلس في الجهة المقابلة، أجبته، أولاً، بأني ولدت في فلسطين. أبدى المحاضر فرحة ودهشة، لو كان يعلم أن جواب الطالب الآخر أنه ولد في إسرائيل لما كان ليظهرها، ارتبك وضحك بعدها، وقال: نحن هنا أميركيون في أميركا.

الغريب أن معظم الطلاب أخذوا يسألون ماذا يعني أن تكون من فلسطين أو إسرائيل! مواقف كثيرة تواجه المغتربين الفلسطينيين، فيما يتعلق بالتعبير عن هويتهم في أميركا، وخصوصاً أن علاقة الأميركيين مع الجغرافيا سيئة جداً، إن لم تكن معدومة. أما اليوم، فهناك وعي يظهر في المجتمع الأميركي، بشكل متنامٍ، تجاه القضية الفلسطينية، فهل هو وليد الأحداث الجارية في غزة؟

الوعي الأميركي بدأ بعد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بأميركا بعد العام 2008، حيث بدأ المواطن المرهف، والذي فقد امتيازات عديدة، بالسؤال عن أموال الضرائب، وأين تذهب، وفي تلك الفترة أيضاً، نشط ائتلاف يطلق على نفسه "أوقفوا الثلاثين ملياراً لإسرائيل"، وهو ائتلاف من مؤسسات أميركية ويهودية ومسلمة عدة، نشر لوحات تحمل جملاً قصيرة، موجهة ومختارة بعناية مع صور أطفال فلسطينيين، تحمل شعار الائتلاف، الهدف من اللوحات كان وقف الثلاثين مليار دولار التي تعهد الرئيس جورج بوش الابن بها إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدة عشر سنوات، تبدأ من العام 2007.

هوجمت الحملة، وأنزلت تلك اللوحات من أمكنتها، بعد أن أثارت ضجة واسعة، إلا أن بعضها لا يزال يُرى في الطرق السريعة الواصلة بين المدن الأميركية.

حركات "احتلوا وول ستريت"، والتي أعادت نشاطها، بشكل ملحوظ، في الأسابيع الثلاثة الماضية، هاجمت الرئيس باراك أوباما والحكومة الأميركية، بسبب الدعم المادي لإسرائيل، في وقت يرتفع فيه عدد الفقراء في أميركا.

وكانت تلك الحركات وراء تنظيم مظاهرات واعتداءات عديدة حصلت على بنوك ومطاعم في نيويورك. نضيف إلى ذلك تغريدات مشاهير على "فيسبوك" و"تويتر"، وإعلان تضامنهم مع فلسطين، والتي أثارت ضجة واسعة، جعلت المعجبين يبحثون ليفهموا أكثر سبب تلك الضجة، وما يعنيه هذا الصراع.

في أميركا اليوم جيل جديد يميز بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، متعاطف مع القضية الفلسطينية، ومعاد للحكومة الإسرائيلية وممارستها الإرهابية التي تدعمها حكومة بلادهم.

فقبل ثلاثين عاماً، كان يُنظر للفلسطيني في أميركا على إنه إرهابي، وقبل عشر سنوات كان يجهل الأميركي موقع فلسطين على الخارطة، أما اليوم فأن تكون فلسطينياً في أميركا فهو أمر لطيف.

avata
avata
فاطمة إبراهيم (فلسطين)
فاطمة إبراهيم (فلسطين)