تونس نحو إقرار مشروع قانون المسؤولية المجتمعية للمؤسسات

تونس نحو إقرار مشروع قانون المسؤولية المجتمعية للمؤسسات

10 مايو 2018
الناس يحتاجون مصالحة مع المؤسسات (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
تتجه تونس نحو إقرار مشروع القانون المتعلّق بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات، الذي يهدف إلى المساهمة في تنمية عادلة مستديمة وتضامنية للمناطق التي تتواجد فيها المؤسسات، وخلق مصالحة بين الأخيرة والناس

أنهت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب في تونس، مناقشة مشروع القانون المتعلّق بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات الذي قدّمته مجموعة من النواب، وسيعرض على المصادقة النهائية الأسبوع المقبل، نظراً لكثرة التعديلات. ويهدف مشروع القانون الجديد، الذي يتضمن 11 بنداً، إلى المساهمة في تنمية عادلة مستديمة وتضامنية للمنطقة، فضلاً عن المصالحة بين المؤسسات ومحيطها الاجتماعي.

وتقول صاحبة اقتراح مشروع القانون، النائبة ليلى أولاد علي، لـ "العربي الجديد"، إنّ مشروع القانون يعدّ مكسباً لتونس، ويساهم في تنمية الجهات الداخلية للبلاد وتحقيق السلم الاجتماعي، مشيرة إلى بعض الاختلافات بين الكتل تتعلق بكيفية احتساب مساهمة أو استثمار المؤسسات، في إطار مسؤوليتها المجتمعية، وذلك إما باعتماد نسبة من الأرباح أو من رقم الأعمال والمعاملات.

تضيف أن مشروع القانون يفرض على المؤسسات في تونس، التي تستغل الثروات الطبيعية، تخصيص جزء من أرباحها أو من رقم أعمالها لفائدة المنطقة التي تعمل فيها، مشيرة إلى نجاح التجربة الهندية وتجربة جزر موريس في هذا الإطار، علماً أن تجربة المساهمة المجتمعية على المستوى الدولي طوعية، على حد تعبيرها.

من جهتها، تقول النائبة عن الاتحاد الوطني الحر، درة اليعقوبي، إن الهدف من هذا القانون هو تحميل المؤسسات تبعات أنشطتها في الجهة، واستغلالها ثروات تلك المنطقة أو إضرارها في المحيط أو سلامة السكان، على غرار المؤسسات العاملة في مجالات الطاقة والأنشطة الكيميائية. تضيف أن هذا القانون سيلزمها بتحمّل مسؤولياتها في إحلال السلم الاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة.



إلى ذلك، يوضح أمين عام حزب "حراك تونس الإرادة"، عماد الدايمي، أنّه يجب العمل على تعزيز القانون وتطوير صيغته الحالية المرتبطة بأوامر حكوميّة قد تفرغه من جدواه. ويشير إلى أهمية هذا القانون في ظل غياب إطار قانوني في تونس ينظم تدفق الاعتمادات الكبرى التي تنفق بهدف تحقيق السلم الاجتماعي داخل المؤسسات أو في المناطق المحيطة بها. ويلاحظ غياب رؤية واضحة واستراتيجية لصرف الاعتمادات، في ظل غياب الشفافية والحوكمة، عبر التركيز على الجانب الكمي من دون التفكير في الجانب النوعي، على غرار إغراق مؤسسات الغراسات والبستنة في الجهات الممولة من المؤسسات الاقتصادية بالانتدابات لامتصاص الغضب، من دون رؤية واضحة أو استراتيجية واستشراف.

ويوضح النائب عن الجبهة الشعبية عمار عمروسية، أمام الجلسة العامة، أن المسؤولية المجتمعية للمؤسسات لا يجب أن تغطي على دور الدولة في تحقيق التنمية والسلم الاجتماعي والحفاظ على البيئة، وإن كانت هذه المبادرة تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية واستدامة التنمية وتكريس مبادئ تضمنها الدستور.

ويرى رئيس الكتلة الوطنية، مصطفى بن أحمد، إن هذا القانون سيساهم في تجذير المؤسسات في محيطها الاجتماعي، ويحقق مصالحة اجتماعية بينهما. كما سيساهم في إطلاع المواطن على ما تقوم به المؤسسة من برامج اجتماعية وتنموية وثقافية ورياضية وبيئية.

ويدخل اقتراح القانون هذا ضمن المبادئ التي كرّسها الدستور والمجتمع الدولي، استناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة للمسؤولية المجتمعية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومواثيق منظمة العمل الدولية، وإعلان ريو بشأن البيئة والتنمية. وتهدف المبادرة التشريعية إلى تحقيق العدالة بين الجهات، والمساعدة في تحسين أوضاعها، وخلق حيوية فيها، وتكريس المصالحة بينها وبين محيطها البيئي والاجتماعي.

ويفرض القانون الجديد إنجاز جملة من المشاريع التي تقضي على الفقر والأمية، وتشمل التنمية المستدامة، مع العمل على حفظ الموارد الطبيعية وتثمينها، والحوكمة والتصرف الرشيد، وتحسين المناخ الاجتماعي داخل المؤسسة وخارجها.



وصوّت البرلمان، أول من أمس، بغالبية 57 صوتاً، على الانتقال من النقاش العام إلى التصويت على البنود والمصادقة النهائية. إلا أن رئيس لجنة الصناعة والطاقة والبنية الأساسية في البرلمان، عامر العريض، وبصفته المتعهد بالقانون، طالب بإحالته إلى لجنة التوافقات، نظراً لكثرة التعديلات ومقترحات التنقيح، متمنياً فسح مجال أكبر للتوافق حول هذا المشروع المهم.

وينص القانون الجديد على إحداث مرصد للمسؤولية المجتمعية تابع لرئاسة الحكومة يتولى متابعة برامج المسؤولية المجتمعية ومراقبة مدى تطابقها مع مبادئ الحوكمة الرشيدة والتنمية المستدامة. كما يسهر المرصد على النظر في التقارير النهائية المقدمة إليه سنوياً من اللجان الجهوية، وإعداد تقرير سنوي حول وضع المسؤولية المجتمعية يحيله إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة. ويعمل المرصد على إسناد جائزة سنوية لأفضل مؤسسة في إطار مبدأ المسؤولية المجتمعية، والسعي بكل الوسائل المتاحة إلى تحقيق التوازن بين الجهات، وتكريس التمييز الإيجابي في برامج المسؤولية المجتمعية بحسب البند 12 من الدستور.

دلالات