تونس: حكم قضائي ينصف عائلات الشهداء والجرحى

21 يونيو 2019
الحكم جاء بعد نزاع قانوني لأكثر من سنة(العربي الجديد)
+ الخط -
أصدرت المحكمة الإدارية في تونس، اليوم الجمعة، قراراً قضائياً يقر حق عائلات الشهداء والجرحى في تسلم القائمة الرسمية للشهداء والجرحى التي يدور حولها نزاع قانوني منذ ما يفوق السنة.
وكانت هيئة النفاذ للمعلومة قد أقرت في حكم قضائي سابق حق العائلات في الاطلاع على القائمة، لتتولى إثر ذلك كل من رئاسة الحكومة والهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية الاستئناف أمام القضائي لإبطال الحكم.

ويعود أصل الخلاف إلى انتهاء أعمال التحقيق والتقصي التي اضطلعت بها هيئة حقوق الإنسان والحريات الأساسية التابعة لرئاسة الجمهورية حول العدد الحقيقي للشهداء والجرحى. وحققت الهيئة في ملابسات وفاة جميع الشهداء الذين وردت أسماؤهم في قائمات سابقة لتخرج بقائمة نهائية رسمية ينص القانون على أن تسلمها للرئاسات الثلاث وتتولى رئاسة الحكومة نشرها.

واستغرقت أعمال الهيئة ما يفوق الست سنوات من التحقيق والبحث، وسلمت القائمة لرئاسة الحكومة التي امتنعت عن نشرها في الجريدة الرسمية للبلاد، وأكدت في أكثر من مناسبة أنها ستخضعها للتدقيق مرة أخرى رغم معارضة هيئة حقوق الإنسان التي هددت حتى بمقاضاة رئاسة الحكومة لو أدخلت عليها تعديلات بحذف أسماء أو إضافة أخرى.

وطالبت عائلات الشهداء والجرحى ونشطاء في مجال العدالة الانتقالية مرارا وتكرارا بنشر القائمة، بيد أنها قوبلوا بالصمت من قبل رئاسة الحكومة والهيئة، ما اضطرهم لخوض تحركات احتجاجية والالتجاء للقضاء. وحصلت عائلات الشهداء والجرحى في الصيف الماضي على حكم من هيئة النفاذ للمعلومة (هيئة قضائية تختص في قضايا نفاذ المواطنين إلى الوثائق الإدارية) يقضي بتمكينهم من القائمة. في المقابل، استأنفت هيئة حقوق الإنسان أمام القضاء الإداري لإسقاط هذا الحكم.

وأقرت المحكمة الإدارية، يوم الجمعة، سقوط استئناف هيئة حقوق الإنسان والأطراف المتداخلة معها وهي الرئاسات الثلاث. وأوضح القاضي عماد الغابري، المتحدث الرسمي باسم المحكمة الإدارية، لـ"العربي الجديد"، أن المحكمة قضت اليوم بسقوط اعتراض الهيئة لأسباب شكلية، وهو ما يترتب عليه إلزام هذه الأطراف بنشر القائمة النهائية للشهداء والجرحى. وفسّر الغابري أن هذا الحكم جاء نتيجة سقوط الدعوى شكلا؛ فهيئة حقوق الإنسان لم تقدم عددا من المؤيدات اللازمة للنظر في القضية وهو ما نتج عنه سقوط الاستئناف.

ولا يرى القاضي عماد الغابري أن التجاء الهيئة والأطراف المتداخلة معها إلى التعقيب في الحكم لن يغير شيئا، ولا يوقف تنفيذ حكم الاستئناف الملزم بنشر القائمة، مبينا أن التعقيب ينظر في حسن تطبيق القانون لا في وقائع القضية.

من جانبه، اعتبر الناشط والقائم بالقضية في حق شهداء الثورة وجرحاها علي المكي، في حديث لـ"العربي الجديد"، الحكم الاستئنافي انتصارا جديدا يحسب للعائلات. وأبرز أن ذلك يعد خطوة مهمة وإيجابية ودعما لقرار هيئة النفاذ للمعلومة الذي كان في صالح عائلات الشهداء والجرحى ويؤكد حقهم في الاطلاع على القائمة.

وذكّر المكي بأن العائلات اتبعت النهج القضائي باتجاهها لهيئة النفاذ للمعلومة أولا، ثم وقوفها أمام المحكمة الإدارية، لتحصل على حكم منصف لها ولم تستسلم رغم ذلك. وثمّن محدث "العربي الجديد" مبادرة القاضي السابق والمحامي أحمد صواب في التطوع للدفاع عن العائلات من أجل تحقيق حق مشروع، وفق تقديره.

وأضاف الناشط علي المكي أنه منذ فترة طويلة اتخذت العائلات عدة مناهج للدفاع عن حقها في الاطلاع على القائمة ونشرها للعموم، منها الميدانية ومنها المسيرات والمظاهرات، بالتوازي مع المنهج القانوني بالتوجه للهيئة والمحكمة الإدارية.

وشدد على أن العائلات دفعت نحو الاحتجاج نتيجة تجاهلها من قبل الهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية ورئاسة الحكومة لنشر القائمة.

ولا مفر الآن أمام رئاسة الحكومة والهيئة إلا نشر القائمة والانصياع للحكم القضائي، وفق قول المكي الذي نبه إلى أن المسألة ليست لي ذراع، وإنما احترام للقانون الذي يلزم هذه الأطراف بالنشر.

وتتجه تأويلات عديدة نحو تفسير امتناع رئاسة الحكومة عن نشر القائمة التي استغرق إعدادها قرابة سبع سنين من البحث والتقصي، تخوفها من رد فعل شعبي غاضب نتيجة حذف كثير من الأسماء، إضافة إلى رغبة في تسييسها ومحاصصتها بإضافة أسماء تابعة لأطراف سياسية وحذف أخرى.

دلالات
المساهمون